يومياً ترد بيانات عن اقفال مؤقت او نهائي لمجمعات او محال تجارية او اطفاء مولدات كهربائية، ويومياً ترتفع صرخات المستشفيات بان ما لديها من مخزون مازوت يكاد ينفد وانها باشرت اغلاق اقسام لاجل غير مسمى.
على مدار الساعة نشاهد على طول طرقات لبنان طوابير الذل امام محطات الوقود فيما الافران لا تسلم اكثر من ربطتي خبز لكل عائلة، هذا اذا وجد لديها الخبز حيث انقطعت معظم الافران عن صنعه.
في كل دقيقة هناك مئات وحتى الاف المواطنين يدورون من صيدلية الى اخرى بحثاً عن دواء مفقود علماً ان معظم انواع الادوية مفقودة ويتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتأمينها من فاعلي خير او من جمعيات لان ارواح اهلنا واحباءنا على المحك.
طوال النهار تحتار “ست البيت” ماذا تطعم اولادها على الترويقة او الغداء او العشاء فكل شيء مرتفع الثمن حتى المنقوشة صارت لناس وناس، فيما هناك نسبة لا بأس بها من العائلات تعيش على وجبة واحدة، ومنها من كان يعيش على الخبز والبيض قبل ان يرتفع هذا الاخير بشكل جنوني فاستعيض عنه لدى البعض بالزيتون والزعتر.
على مدار الدقائق تطالعك وجوه عابسة، كالحة ومتعبة من كثرة التفكير بكيفية الاستمرار والنضال للبقاء وتأمين ابسط المقومات للشعور انك على قيد الحياة فيما هذه المقومات باتت رفاهية وترف عند الكثيرين ممن لا يسعفهم راتبهم الا لاسبوع واحد من الشهر.
مشاهد وصور يومية في لبنان ما كانت لتخطر على بال حتى اعظم المنجمين وقارئي الفنجان والتارو وكل من يعمل بعلم الغيب لانها لا تشبه لبنان واهله الكرماء المضيافين واصحاب البيوت المفتوحة للاهل والجار والسواح.
من اوصل لبنان الى هذا الدرك؟ وكيف سمح هذا الشعب الابي ان تهان كرامته بهذه الطريقة وهذا الاسلوب المشين بعد ان كان صدر الابجدية للعالم ووصلت تجارة ابنائه الى السند والهند ولمع اولاده خلف السبع بحور وذاع صيت ناسه في كل المعمورة، اوليس اجدادنا من بنى السفن ومن حول الوعر الى بساتين وجنائن في القرون الماضية؟!
يا اهل الخير نحن في القرن الواحد والعشرين نعيش بلا كهرباء ولا ماء ولا دواء، بلا مازوت ولا بنزين ولا غاز، وحتى من دون إستشفاء نعيش من دون امل بغد افضل لا بل جل تمنياتنا الا يكون الغد اسوأ من اليوم.
يا اهل الخير…الناس على حافة مجاعة جماعية فيما لا يزال حكامنا قاصرين عن تشكيل حكومة او ادارة ازمة او معالجة مشكلة طارئة، ولا زالوا يفتشون عن مكاسب وحصص وصفقات ويضيعون وقتهم ووقتنا بالثلث المعطل وحقوق الطوائف والمذاهب فيما البلد كله يضيع ويتشتت اولاده على ابواب السفارة بحثاً عن بارقة امل.
يا اهل الخير…انجدونا، فما عدنا نعلم ان كنا نعيش كابوساً او واقعاً حقيقياً مأساوياً، ما عدنا نعلم ان كنا نحيا او نحن اموات نسير مواكب الى جهنم التي وعدونا بها والتي قد تكون ارحم مما اوصلونا اليه.
Views: 0