ماذا يعني إسقاط منظومات صاروخيّة دفاعيّة للحزب طائرة مُسيّرة للعدوّ اخترقت الأجواء الجنوبيّة اللبنانيّة؟
وما نوع هذه الصّواريخ.. إيرانيّة أم روسيّة؟ وكيف ستكون كَنْزًا من الأسرار للخُبراء العسكريين؟ وما هي الرّسالة الأهم وراء هذا الإنجاز الكبير؟
عبد الباري عطوان
إعلان وحدة الإعلام الحربي التّابعة لـ”حزب الله” عن إسقاط دفاعات المُقاومة الإسلاميّة الجويّة طائرة مُسيّرة إسرائيليّة في وادي مريمين جنوب لبنان، يعني للوهلة الأولى، أنّ الأجواء اللبنانيّة باتت مُغلقَةً بإحكامٍ في وجه هذا النّوع من الطّائرات التي كانت تخترقها بشَكلٍ شبه يومي، سواءً لإرهاب الحاضنة الشعبيّة لحزب الله، أو لأهداف تجسّسيّة.
أفيخاي أدرعي المُتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي اضطرّ للاعتِراف بإسقاط الطّائرة، وادّعى أنّ التّحقيقات جارية لمعرفة ظُروف هذا الإسقاط، وكيف يُمكِن أن يُنكِر، ووحدة الإعلام الحربي وثّقت الواقعة بالصّوت والصّورة، مُنذ اللّحظة الأولى.
سُقوط هذه الطّائرة، وبهذه الدقّة والفعاليّة، سيُشَكِّلُ أرَقًا للقِيادة العسكريّة الإسرائيليّة، لأنّه يكشف عن قُدرات دفاعيّة مُتطوّرة جدًّا لدى الجناح العسكري لحزب الله، ممّا يعني أنّ الأجواء اللبنانيّة باتت خطًّا أحمر يَصعُبُ تجاوزه، ليس في مُواجهة الطّائرات المُسيّرة، وإنّما أيضًا لطائرات “إف 16” الإسرائيليّة التقليديّة أيضً
موقع “إنتل سكاي” الأمريكي الاستِخباري المُتَخصّص في الشّؤون العسكريّة أكّد على موقعه على “تويتر” بعد إسقاط الطّائرة الإسرائيليّة أنّ “حزب الله” يَملُك نظامين مُتطوُرين للدّفاع الجوّي”:
-
الأوّل: إيراني مُكوّن من بطاريّات صواريخ من طِراز “بافار 373” مُتطوّر، وتُعتَبر نسخة إيرانيّة الصّنع من صواريخ “إس 300” الروسيّة.
-
الثّاني: منظومة صواريخ “بانتسير” الروسيّة المُتطوّرة، وبانتسير تعني بالروسيّة “الرّدع”، وجرى استِخدام هذه المنظومة في الحربين السوريّة والليبيّة، وأظهرت كفاءةً عالية.
دولة الاحتلال الإسرائيلي تُراقِب بقَلقٍ شديد تطوّر قُدرات حزب الله العسكري المُتسارعة، دِفاعيًّا وهُجوميًّا، وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم أمس، أنّ هذا التطوّر ربّما يُؤدِّي إلى تَصعيدٍ في الجبهة الشماليّة (جنوب لبنان) ربّما يكون على شكل توجيه ضربة عسكريّة “ذكيّة” للحزب، بينما قال الجِنرال المُتقاعد رون بن يشاي الخبير العسكري “إنّ جولة عسكريّة ضدّ “حزب الله” باتت حتميّةً، في تَعليقٍ له على إسقاط الطّائرة المُسيّرة، وربّما جاءت هذه الكِتابات لطمأنة الرّأي الإسرائيلي المَذعور.
القِيادة الإسرائيليّة لا تستطيع التّعايش، والشّعور بالأمان والاستِقرار في ظِل هذه الإنجازات العسكريّة للمُقاومة الإسلاميّة في لبنان، وقِطاع غزّة، بسبب انعِكاساتها المعنويّة الكارثيّة على الرّأي العام الإسرائيلي، لأنّها لا تستطيع تحمّل نتائج حرب استنزاف عالية الكُلفة ماديًّا ومعنويًّا.
المعلومات الواردة من جنوب لبنان تُؤكّد أنّ الطّائرة المُسيّرة الإسرائيليّة هي من الأنواع الحديثة المُتطوّرة، وكانت “شبه سليمة” بعد إسقاطها، مما يعني أنّها ستكون كنزًا من المعلومات للحزب وحُلفائه في طِهران، حيث سيَعكِف الخُبراء على فكّ أسرارها وتفريغ المعلومات السريّة في كاميراتها، علاوةً على طريقة عملها وتوجيهها، إضافةً إلى أنّ إسقاطها سيكون ضربةً للصّناعة العسكريّة الإسرائيليّة من حيث صُعوبة تسويق وبيع هذه الطّائرات لدُوَلٍ أُخرى مِثل الهند وأوكرانيا وبعض الدول العربيّة الخليجيّة.
السيّد حسن نصر الله أكّد في خِطاباته الأخيرة أنّه لن يسمح بأيّ اختِراق للأجواء اللبنانيّة من قِبَل جيش الاحتِلال الإسرائيلي، وسيتم إسقاط أيّ طائرة إسرائيليّة تتجرّأ على عُبور الحُدود، وها هو يَفِي بالوعد كعادته في جميع تهديداته السّابقة، والإسرائيليّون يعون ذلك جيّدًا، ويعترفون به في أجهزة إعلامهم، ويُؤكّدون دائمًا أنّ هذا الرّجل يقول ويفعل.
لا نَستغرِب أن تكون هذه القُدرات الدفاعيّة المُتقدّمة وراء تقلّص الهجمات الصاروخيّة الإسرائيليّة على أهدافٍ سُوريّة وايرانيّة في العُمُق السّوري عبر الأجواء اللبنانيّة، من قِبَل طائرات “إف 16” ثابتة الأجنحة، ولعَلّ إسقاط هذه المُسيّرة في أجواء جنوب لبنان رسالة من محور المُقاومة للجيش الإسرائيلي، تقول بأنّ القادم أعظم.. واللُه أعلم.
Views: 5