شهدت أسواق الأسهم الرئيسية حول العالم خسائر قوية، خلال تعاملات اليوم الجمعة، وسط ارتباك المستثمرين وقلقهم بعد اكتشاف متحور جديد من فيروس كورونا، يُخشى أن يكون سببا في العودة إلى القيود الوبائية الصارمة.
هذه القيود قد تشمل الحد من حركة الناس وربما حظر السفر إلى بعض المناطق، لكن أي إجراءات من هذا النوع ستتوقف على ما يخلص إليه الخبراء والعلماء من خصائص حول هذا المتحور الجديد، ومعرفة مدى خطورته.
على سبيل المثال، انخفضت الأسهم في أمريكا وأوروبا والصين واليابان بشكل حاد اليوم وتراجعت أسعار النفط والعملات المشفرة، ليس هذا فحسب، بل ارتفعت المؤشرات التي تقيس مدى قلق المستثمرين في الأسواق، وسجل مؤشر الخوف الأمريكي أعلى مستوياته منذ فبراير/ شباط الماضي، حسبما ذكرت بوابة “أرقام” المالية.
حتى الآن، قالت منظمة الصحة العالمية إنها لا تنصح بفرض قيود على السفر بسبب المتحور الذي اكتشف في جنوب أفريقيا، لكن مسؤوليها أكدوا أنه سببا كافيا للقلق حيث يبدو أنه يمتلك قدرة أكبر على الإفلات من المناعة التي يولدها اللقاح.
في الوقت نفسه، قالت رئيسة المجموعة الفنية لوحدة أمراض الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية، إن المنظمة ستعقد اجتماعا خاصا للنظر في شأن المتحور “B.1.1.529″، مشيرة إلى أن فهم الخصائص قد يستغرق أسابيع.
ما الفرق بين السلالة والمتغير والطفرة؟ دليلك لفهم أسلحة فيروس كورونا
كإشارة على القلق والتحول السريع للأمور، قررت “إسرائيل” وبريطانيا فرض حظر على السفر من جنوب أفريقيا، وانضم إليهما الاتحاد الأوروبي المشكل من 27 دولة والذي قال وافق على وقف الرحلات الجوية، حسبما ذكرت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية. انضمت دول أخرى لاحقا على رأسها أمريكا وكندا وتركيا والإمارات.
وفي الولايات المتحدة، قال أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، في حديثه لشبكة “سي إن إن” إن العلماء بحاجة إلى تحديد ما إذا كان المتغير قادرا على تجنب الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاحات والعدوى.
فيما أكدت وزارة الصحة المصرية أنها تتابع البيانات والتقارير الرسمية حول المتحور الجديد، وتعكف لجان من العلماء والباحثين على دراسة كل ما يتعلق بشأنه، استعدادا لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.
دول أخرى مثل سنغافورة وأستراليا والهند، تتخذ إجراءات احترازية مبكرة، أما عبر تقييد دخول الأجانب عموما أو استهداف المسافرين من جنوب أفريقيا بقيود خاصة.
ماذا نعرف عن المتحور الجديد؟
تم التعرف على النوع جديد من فيروس كورونا “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد 19” في جنوب أفريقيا، ويطلق عليه اسم “B.1.1.529″، قال المسؤولون في البلد الأفريقي إنه مثير للقلق للغاية وقد أدرجته منظمة الصحة العالمية ضمن هذه الفئة بالفعل وأطلقت عليه اسم “أوميكرون”، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
تسبب اكتشافه في قلق من أنه إذا تفشى المتحور في العديد من البلدان فسيؤدي إلى الضغط على الأنظمة الصحية، وربما تجاوز قدرة اللقاحات على الحصين، بما يعقد جهود إعادة فتح الاقتصادات والحدود، ويخلق موجة من النفور من الاستثمار في الأسواق المالية العالمية.
ما المختلف في هذا المتحور؟
يقول العلماء إن “بي 1. 1. 529” يحمل عددا كبيرا من الطفرات في بروتين سبايك الخاص به، والذي يعد مسؤولا بشكل رئيسي عن دخول الفيروس إلى خلايا جسم الإنسان.
هذا البروتين أيضا هو الهدف الرئيسي للقاحات التي تعمل عن منح الجسم مناعة ضد الفيروس. ومع ذلك، لا يزال الباحثون يحاولون تحديد ما إذا كان المتحور الجديد أكثر قدرة على العدوى أو أكثر فتكا من السلالات السابقة.
من أين جاء هذا المتحور؟
لا يوجد شيء مؤكد بشأنه حتى الآن، لكن أحد العلماء في معهد “يو سي إل للجينات الوراثية” في لندن قال إنه من المحتمل أن يكون قد تطور خلال عدوى مزمنة لشخص يعاني من ضعف المناعة، مثل مريض يعاني من فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”.
في جنوب أفريقيا وحدها، هناك نحو 8.2 مليون شخص مصاب بـ”الإيدز”، وهو أعلى معدل إصابة بهذا المرض لدولة واحدة في العالم.
يرجح العلماء أيضا أن متغير “بيتا”، وهو طفرة أخرى لفيروس كورونا تم تحديدها العام الماضي في جنوب أفريقيا، ربما تطورت أيضا في شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية.
ما قدرة المتحور على الانتشار؟
وفقا لاختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل المبكرة، تبين أن 90% من 1100 حالة إصابة جديدة، سجلت يوم الأربعاء في المقاطعة التي تضم جوهانسبرج كان سببها المتغير الجديد.
وفي دولة بوتسوانا المجاورة، سجلت السلطات الصحية أربع حالات، يوم الاثنين، لأشخاص تم تطعيمهم بالكامل. في هونغ كونغ، اكتشفت السلطات إصابة مسافر قادم من جنوب أفريقيا بالمتحور الجديد. حددت إسرائيل أيضا حالة واحدة لرجل سافر مؤخرا إلى ملاوي.
لا داعي للهلع
رغم بعض التصريحات المقلقة، فمن المبكر القول إن هذا المتحور سببا كافيا للذعر أو استدعاء ذكريات بداية الوباء أو حتى المتحور البريطاني وما لحقه من إجراءات وقيود صارمة في أنحاء العالم.
قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك أقل من 100 تسلسل جينومي كامل للسلالة الجديدة متاحا، مما يعني أن العلماء بحاجة إلى المزيد من الوقت لدراسة المتحور الجديد ومقارنته بالسلالات السابقة وتأثيره على الأدوية واللقاحات.
في النهاية، يجب التذكير أن الفيروسات دائمة التحور والتطور، وتؤدي التغييرات أحيانا إلى جعلها أضعف أو في بعض الأحيان تجعلها أكثر مهارة في التهرب من الأجسام المضادة وإصابة البشر.
وكالات
Views: 7