تواصل سوريا أعمال صيانة خط الربط الكهربائي مع الأردن، تمهيدًا لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية عبر الأراضي السورية وفقاً لنص الاتفاق الموقع أخيرًا في العاصمة الأردنية عمان.
وبينت مصادر سورية رسمية أن عمليات تأهيل مقطع خط الربط الكهربائي على الأراضي السورية تنتهي خلال الأيام المقبلة من هذا الشهر، مشيرة إلى تعرضه لأضرار كبيرة خلال سنوات الحرب العشر الماضية، وأن عمليات الصيانة تتم على مسافة تقدر بـ 87.5 كيلومتر ضمن الأراضي السورية من أصل 157 كيلومتر، وهو ما تقوم به حالياً الورشات السورية.
في هذا السياق، أوضح مدير المؤسسة العامة السورية لنقل وتوزيع الكهرباء المهندس فواز الظاهر في تصريح خاص لـ “سبوتنيك”، أن “هناك ربط كهربائي ثماني قبل عام 2011 بين ليبيا ومصر والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق وتركيا، وكان هذا الربط مفعلاً بين ليبيا ومصر والأردن وسوريا ولبنان لكن المجموعات الإرهابية المسلحة قامت بالاعتداء على خط التوتر العالي الذي يربط الشبكة الأردنية مع الشبكة السورية مما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل”.
وأضاف الظاهر: “مع حاجة القطر اللبناني الشقيق إلى الكهرباء ولكي يتم تمرير الطاقة الكهربائية من الأردن إلى لبنان كان هناك حاجة لذلك من خلال الشبكة السورية حيث لا توجد طريق أخرى، ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا لن نكون حجر عثرة أمام القطر اللبناني الذي هو بحاجة إلى مساعدة، وفي هذا الإطار عقدت اجتماعات عدة في القطر الأردني الشقيق وتم الاتفاق على أن يقوم الجانب الأردني بتزويد الجانب اللبناني بكمية من الكهرباء تعادل وسطياً 225 ميغاواط على مدار الساعة فيما ستحصل سوريا على 8% من كمية الطاقة الممررة إلى لبنان”.
الإرهابيون دمروا أكثر من 80 برجا
وحول طبيعة أعمال الصيانة التي يقوم بها الجانب السوري، أوضح الظاهر أن “المطلوب من الجانب السوري هو إصلاح (خط 400) وقد أخذت سوريا على عاتقها أعباء الإصلاح والصيانة والآن تقوم الورشات بإعادة تأهيل هذا الخط الذي يبلغ طوله /157/ كيلومترا منها /87.5/ كيلومتر في الأراضي السورية و/57/ كيلومترا في الأراضي الأردنية، حالياً نقوم بإصلاح الخط الموجود ضمن الأراضي السورية، وهو مدمّر بشكل كامل، فهناك أكثر من /80/ برجا مدمرا، ونأمل أن يتم الانتهاء من إعادة تأهيل هذا الخط بحلول نهاية هذا العام لتبدأ بعد ذلك عملية الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا ولبنان بشكل فعلي”.
هل الربط سيلغي التقنين في سوريا؟
وحول الفائدة التي تجنيها الدول الثلاث من هذه الخطوة المشتركة، قال الظاهر: “بالنسبة للقطر اللبناني سوف يحصل على /225/ ميغاواط وهي كمية ستحل قسماً من مشكلة العجز التي يعاني منها لبنان، وبالنسبة للأردن سيبيع هذه الكميات وبالتالي سيحقق فائدة مادية، أما بالنسبة للشبكة السورية فهناك عدة إيجابيات أهمها استقرار المنظومة الكهربائية، فالاعتداءات على الشبكة السورية ونقص التوليد بسبب نقص الغاز والفيول أدى إلى إضعاف المنظومة الكهربائية، وبالتالي فأي أعطال تحدث للشبكة كانت تهدد بحدوث حالات تعتيم عام كونها شبكة صغيرة، وعندما يتم الربط الكهربائي تكبر الشبكة وتكون المنظومة الكهربائية قادرة على تحمل الأعطال الطارئة التي قد تحصل، وبالتالي سيمتص خط الربط نتائج هذه الأعطال ريثما يتم معالجة العطل المحتمل، من جانب آخر عندما يكون هناك ربط كهربائي ستكون قيادة قياس التردد أسهل كون الشبكة المصرية هي التي ستقود التردد، ونتيجة لكبر هذه الشبكة بالإضافة للشبكة الأردنية والسورية ستصبح المنظومة الكهربائية قوية، وبالتالي يحدث انخفاض في مقياس التردد وبالتالي لن تحدث الانقاطعات الترددية التي ترهق المستهلكين، وهذه الحماية الترددية هي نتيجة لعدم التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، فالاستهلاك يزيد بشكل كبير جداً بينما الإنتاج ثابت أو متناقص، وهذا الفرق تمتصه الحماية الترددية وبالتالي ينخفض التردد إلى قيم تؤدي إلى انقطاع الكهرباء بشكل أتوماتيكي نتيجة الأحمال، وبالتالي هذا يحمي الشبكة السورية من حالات التعتيم العام وهي أصعب الحالات التي قد تحدث على الشبكة الكهربائية، وهذا يسهم في تحسين الواقع الكهربائي”.
وأردف الظاهر، قائلاً: “هذا الربط لن يؤدي إلى زيادة حصة سوريا من الكهرباء الممررة فهي تشكل نسبة 8% فقط وهو ما يعادل /18/ ميغاواط وهي كمية لن تساهم في زيادة الكميات وتخفيف ساعات التقنين لكنها تحقق استقرار المنظومة الكهربائية وتمنع حدوث حمايات ترددية، وهي نتيجة جيدة جداً بالإضافة امتصاص حالات الأعطال الطارئة من خلال الربط الشبكي”.
“قيصر” يمنع تأمين قطع التبديل
وعن حجم الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء في سوريا خلال الحرب، قال الظاهر: “عندما بدأت الحرب الظالمة على سوريا كان لقطاع الكهرباء النصيب الأكبر من الاعتداءات على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة، والتي استهدفت شبكات التوليد والتوزيع والنقل وخطوط التوتر العالي والمتوسط بقصد الإضرار بالدولة السورية كون هذا القطاع يشكل أحد روافد الاقتصاد الوطني، وتوزعت هذه الأضرار على امتداد الجغرافيا السورية، وكانت الهجمات الإرهابية البربرية كبيرة جداً على محطات التوليد التي كانت تقوم بإنتاج الطاقة الكهربائية ومنها محطة تشرين الحرارية ومحطة الزارة ومحطة محردة ومحطة بانياس ومحطة حلب التي دُمرت بالكامل ومحطة زيزون بإدلب (باستطاعة 450 ميغاواط) التي دمرها الإرهابيون ونقلوا قطعها إلى تركيا، وبالتالي فقد تعرض أكثر من 50% من المنظومة الكهربائية للتدمير الممنهج”.
وأضاف: “خلال السنوات الماضية تمكنا في وزارة الكهرباء بالاعتماد على الذات من إعادة تأهيل محطات التوليد والتحويل وشبكات التوزيع والنقل لكن الصعوبة الأكبر تمثلت في تأمين التمويل اللازم لإعادة تأهيل فهذه المحطات أنشأتها شركات أوروبية، وقد حال الحصار والعقوبات المفروضة على سوريا دون تأمين قطع تبديل هذه المحطات ذات المنشأ الغربي مما أخر تحسين الواقع الكهربائي في سوريا نتيجة عدم التمكن من إعادة تأهيل محطات التوليد، لكننا تمكنا من خلال التعاقد مع عدد من الدول الصديقة من تأهيل بعض المحطات لكن ذلك لم يكن كافياً لإنقاذ الموقف، ومؤخراً تم تأهيل نصف الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء”.
Views: 7