هل ستُؤدّي سيطرة “قوّات العمالقة” على مدينة شبوه وتغييرها لمُعادلات القُوّة في مأرب إلى ردٍّ انتقاميّ صاروخيّ حوثي في العُمُق الإماراتي؟ وما هو “سِر” الانقِلاب في موقف أبو ظبي وعودتها بقُوّةٍ لدعم التحالف السعودي في حرب اليمن بعد “انسِحابها”؟
هذه هي المرّة الأُولى مُنذ سنوات تميل الكفّة في ميادين المعارك داخِل اليمن ولو مُؤقّتًا، حسب تفسيرات الحوثيين لصالح قوّات الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتحالف السعودي الدّاعمة لها، وخاصّةً في مدينة شبوة، وتخفيف الضّغط على مدينة مأرب التي تُحاصرها القوّات الحوثيّة مُنذ أشهر، والفضل في ذلك يعود إلى أمرين رئيسيّين:
-
الأوّل: الغارات الجويّة المُكثّفة لطائرات التحالف السعودي وقصف قوّات “أنصار الله” المَكشوفة التي لا تملك الإمكانات العسكريّة الدفاعيّة لإسقاط هذه الطّائرات المُتقدّمة والحديثة، والأمريكيّة الصُّنع.
-
الثاني: حُدوث “انقِلاب” في موقف دولة الإمارات العربيّة المتحدة، والقوّات المدعومة من قبلها، وخاصَّةً “ألوية العمالقة”، وقوّات المجلس الانتقالي الجنوبي، وعناصر تابعة لحزب الإصلاح الإسلامي، ومُشاركة هذه القوّات جميعًا في المعارك الحاليّة ضدّ القوّات الحوثيّة.
السيّد محمد البخيتي عُضو المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” الحوثيّة تحدّث في مُقابلةٍ مع محطّة “الجزيرة” يوم أمس عن توصّل السعوديّة إلى صفقةٍ مع دولة الإمارات العربيّة المتحدة جوهرها تنازل الأُولى للثّانية عن جميع المُحافظات الجنوبيّة اليمنيّة بِما في ذلك مُحافظة شبوة، مُقابل أن تضع الإمارات كُل ثقلها العسكري مُجَدَّدًا في الحرب مثلما كان عليه الحال في بداياتها.
ما زالت الأسباب التي دفعت الإمارات للقُبول بهذه الصّفقة، ووضع كُل ثقلها العسكري في حرب اليمن مُجَدَّدًا إلى جانب السعوديّة، بعد إعلانها الانسِحاب عسكريًّا قبل عامين تقريبًا، لما قد ينطوي على هذه الخطوة من مخاطرٍ ما زالت غير معروفة، خاصَّةً أن تقارير صحافيّة تحدّثت بإسهابٍ في هذين العامين عن وجود خلافات سعوديّة إماراتيّة مُتفاقمة، خاصَّةً في الملف اليمني، إلى جانب ملفّات خليجيّة أُخرى، أبرزها المُصالحة مع دولة قطر، وإنهاء الخِلاف معها دون التزامِ الأخيرة بتنفيذ أيّ من البُنود الـ13 كشَرطٍ مُسبق لتحقيق هذه المُصالحة، وإنهاء الحِصار الرباعي، مُضافًا إلى ذلك أن قيادة الإمارات أرادت تقليص خسائرها الماديّة والبشريّة المُكلّفة في هذه الحرب.
السيّد محمد البخيتي تطرّق إلى هذه المسألة في مُقابلته مع “الجزيرة” عندما قال “الإمارات كان لديها نيّة في الانسِحاب من تورّطها في اليمن، وأتحنا لها الفُرصة، وجمّدنا كل خططنا لضرب العُمُق الإماراتي، لكنّها الآن عادت للتّصعيد، وننصحها أن لا تستمر فيه لأنّنا سنضطرّ عندها إلى ضرب العُمُق الإماراتي”.
من الواضح أن الدور الإماراتي السياسي والعسكري كان حاسمًا في ميادين القتال في شبوة والبيضاء ومأرب، وغيّر مُعادلات القِوى على الأرض في الأيّام الأخيرة، وهو الدور الذي بدأ بالإيعاز للجِنرال طارق صالح قائد “قوّات العمالقة”، وأمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس علي عبد الله صالح)، بسحب قوّاته من الساحل الغربي (جنوب الحديدة)، والانتِقال إلى جبهة شبوة ومأرب، وهو الانسِحاب الذي أثار العديد من علامات الاستِفهام في حينها.
السّؤال الأهم، والمطروح بقُوّةٍ حاليًّا هو عن كيفيّة رد حركة “أنصار الله” الحوثيّة وحُلفائها على هذه الخسائر الميدانيّة العسكريّة في جبهات القتال في مأرب وشبوة، فهل سيأتي الرّد بقصف العُمُق السعودي بالصواريخ والطائرات المُسيّرة بقُوّةٍ أكبر مُجَدَّدًا، أم بقصف العُمُق الإماراتي، أيّ مدينتيّ أبو ظبي العاصمة السياسيّة، ودبي العاصمة الاقتصاديّة، أم بالتوغّل بريًّا في مُدُن الحدّ الجنوبي السعودي، أيّ جيزان ونجران وعسير؟
يَصعُب علينا الإجابة على هذا السّؤال أو الأسئلة المُتفرّعة عنه، فجميع المُتحدّثين الحوثيين يلتزمون الصّمت هذه الأيّام، ويُبقون أوراقهم قريبة إلى صُدورهم، ولكنّ التهديد الانتِقامي القويّ الذي وجّهه السيّد البخيتي في مُقابلته مع قناة “الجزيرة” أمس وحذّر فيه الإمارات، وقال “سنضطر إلى ضرب العُمُق الإماراتي إذا استمرّ التّصعيد”، ربّما يُجيب عن بعض هذه الأسئلة ويُحَدِّد خريطة المُواجهات في الأيّام القليلة القادمة، وما علينا إلا التمسّك بحكمة الانتِظار.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم
Views: 1