01:31 AM 2022-02-01
ميشيل كلاغاصي
هل حقاً يثقون بتركيا ؟… وكيف للرئيس أردوغان ، أن يكرر دعوته لسفراء الإتحاد الأوروبي مؤخراً , إلى اتخاذ إجراءاتٍ جريئة , في سياق سعيه المستمر للحصول على العضوية الكامله لبلاده في الإتحاد الأوروبي , والتي يعتبرها أولوية استراتيجية لتركيا… كم من الجرأة والنفاق امتلك ليقول للأوروبيين أنه ” لولا جهود تركيا لكانت سوريا وأوروبا تواجهان مشهداً مختلفاً “.
إلى أي مدى تستطيع أنقرة إقناع نفسها بحسن أدائها ونواياها تجاه أوروبا وسوريا , وروسيا والناتو ؟ وكيف تعول صحيفة الصباح التركية على دور تركي هام ستتخذه تركيا , في المواجهة والتصعيد الحاليين بين موسكو والناتو , إذ تعتبر تركيا نفسها شريكاً استراتيجياً للطرفين .
من الواضح أن تركيا تشعر بفائض الثقة جراء اتباعها سياسة الأرجحة , وبأنها تقترب من نيل المكافئة الأمريكية , بعد الإعلان عن إعادة تفكير واشنطن بما يسمى مشروع ” ايست ميد” , وهو خط الأنابيب البحري الممتد بطول 1900 كيلومتر , الذي سيزود أوروبا بالغاز الطبيعي من شرق البحر الأبيض المتوسط.
فقد سبق لليونان وقبرص وسلطات الكيان الإسرائيلي الغاصب , في العام2020 , توقيع اتفاقية لإنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا بحلول عام 2025 , وكان من المتوقع أن ينقل المشروع أكثر من / 10/ مليار متر مكعب سنوياً من الغاز إلى أوروبا .. وسبق أن حظي هذا المشروع على دعمٍ أمريكي قوي للغاية ، لكن وزارة الخارجية الأمريكية , أعلنت الإسبوع الماضي في بيان وبشكلٍ مفاجئ , أنها “لم تعد تدعم المشروع , لكنها لا تزال ملتزمة بربط طاقة شرق البحر المتوسط بأوروبا فعلياً ” , كدعمها لمشروع الربط الكهربائي “يورو – أفريقا” ما بين مصر وجزيرة كريت والبر اليوناني ، وخط الربط الكهربائي الأوروبي الآسيوي المقترح لربط شبكات الكهرباء الإسرائيلية والقبرصية والأوروبية .
لا يمكن تجاهل حقيقة أن الدعم الأمريكي يعتبر أمراً حاسماً لإستمرار المشروع ، ويحمل قراراً سياسياً هاماً تجاه أنقرة على حساب تل أبيب , التي كانت تأمل في جني مداخيل ضخمة , من تصدير الغاز إلى أوروبا من حقلي ليفياثان وتمار.
يبدو أنه لدى تركيا ما يجعلها تتفائل بالعام الجديد , كسعي الناتو والإتحاد الأوروبي , لإستمالتها أكثر من ذي قبل , ومعاملتها كحليف حقيقي ، وعليه اقترحت أنقرة على واشنطن في أواخر كانون الأول إنشاء “آلية استراتيجية مشتركة” بينهم.
وفي وقتٍ , لم تحل فيه الأزمة الأوكرانية بعد , لكن تركيا تعتقد أن الحل السلمي عبر الحوار سيكون سيد الموقف , الأمر الذي سيخرجها من إحراجٍ كبير , ما بين كونها أطلسية ودولة صديقة وشريك هام لروسيا , وسيكون موقفها صعباً للغاية في حال إندلاع أي صراع أو حروب… كذلك يتفاءل وزير الدفاع التركي , بأن “الإستعدادات جارية” بين الأتراك والأمريكيين , لإجراء مفاوضات في واشنطن لمناقشة طائرات F-35 , ومعالجة موضوع إبعاد تركيا كشريك من برنامج هذه الطائرات , بعد قيامها بشراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية الصنع S-400.
هل تنتهي الأرحجة التركية ما بين موسكو وواشنطن , وهل نجحت هذه الأخيرة بنسف التقارب التركي – الروسي , وكيف سينعكس ذلك على تغيير قواعد اللعبة الدولية .
مخطئ من يعتقد أن الغرب يتجاهل عدم مصداقية أردوغان ونفاقه , وعلاقاته الوطيدة مع تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” , وعشرات التنظيمات القاعدية الإرهابية , وبأنه أدار ظهره للغرب وسعى إلى الاندماج الأوراسي , وكيف جلبت طموحاته العثمانية , وأحلامه “بإستعادة أمجاد الأجداد” , الكوارث لعديد الدول , وبأنه قادر على العودة إلى أفضل العلاقات مع الجميع متى أراد ذلك , أخشى أن الغرب والناتو وروسيا والعرب واّخرين , يقبلون بعودة تركيا , لكن هل سيقبلون بعودة أردوغان؟.
Views: 2