أربعة عُروض إسرائيليّة لمُساعدة الجيش اللبناني؟ ما الهدف من وراء هذه “الوقاحة” وفي هذا التّوقيت؟ بَذْر بُذور الفتنة تمهيدًا للمُواجهة مع “حزب الله”؟ وكيف كان الرّد؟ ولماذا نعتقد أن هُناك عُروضًا “التفافيّة” في الطّريق؟
الأمر المُؤكّد أن الجِنرال بيني غانتس وزير الحرب الإسرائيلي فاجَأ الإسرائيليين قبل اللبنانيين عندما كشف في خطابٍ مُسجّل ألقاه في مُؤتمر أبحاث الأمن القومي أن كيانه تقدّم بأربعة عُروض لمُساعدة الجيش اللبناني في العام الماضي، عبر قوّات الأمم المتحدة (اليونيفيل) تَصُب جميعها في مصلحة تقويته للدّخول في مُواجهةٍ مع “حزب الله”.
لا نعرف لماذا تطوّع الجِنرال غانتس بالكشف عن هذه العُروض، وفي هذا التّوقيت، وأثناء تواجده في المنامة عاصمة البحرين التي قام بزيارةٍ رسميّةٍ لها قبل يومين، ولكنّنا نعرف أمرين رئيسيّين، الأوّل رفض الجيش اللبناني لهذه العُروض دُون تردّد، والثاني أن الهدف منها (أيّ العُروض) بَذْر بُذور الفتنة في لبنان وإشعال فتيل الحرب بين الجيش اللبناني و”حزب الله”.
الجيش اللبناني لا يُمكن أن يقبل بمِثل هذه العُروض الإسرائيليّة الفتنويّة لأنّه يعلم بالهدف الكامِن خلفها، مُضافًا إلى ذلك أن مُجرّد مُناقشتها، ناهِيك عن القُبول بها، ستُؤدّي إلى تفكيكه، وربّما حُدوث صِدامات دمويّة داخله، لأنّه جيش يُمثّل كُل لبنان وطوائفه في إطار توازنٍ دقيق، وعقيدته القتاليّة تُعتبر “إسرائيل” عدوًّا تحتل أراضي لبنانيّة، وعربيّة وتُشَكِّل تهديدًا للأمن الوطني اللبناني والقومي العربي.
السُّؤال الذي يفرض نفسه بعد سماع هذه العُروض “الملغومة” يتعلّق بنوع هذه المُساعدة التي عرضتها دولة الاحتِلال على الجيش اللبناني، وردّ فِعل قِيادته عليها عندما تسلّمها من قِيادة القوّات الدوليّة (اليونيفيل) ومن “المُحيّر” أنّنا لم نسمع حتّى الآن أيّ رد رسمي من هذه القِيادة المُتمثّلة بالجنِرال جوزيف عون، والظّروف المُحيطة بهذه العُروض بالتّالي.
الإسرائيليّون، عسكريين كانوا أو مدنيين، يعتبرون أن “حزب الله” يُشَكّل تهديدًا وجوديًّا لهم بسبب خُبراته القتاليّة العالية، وامتِلاكه أكثر من 150 ألف صاروخ مُعظمها من النّوع الدّقيق حسب ما ورد في تقرير لصحيفة “إسرائيل هيوم” في إطار تناولها لهذه العُروض للجيش اللبناني.
الجِنرال داروم شالوم الرئيس السّابق لوحدة الأبحاث التّابعة لشُعبة الاستِخبارات العسكريّة، أشار في مقالٍ له إلى هذه الحقيقة، ووصف السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” مُنذ ثلاثين عامًا بأنّه الخبير الأكبر في الشّؤون الإسرائيليّة في العالم العربي، ونجَح من خِلال شخصيّته الرّفيعة المُتميّزة، وفكره المُتطوّر، وكاريزميته المُطلقة في بَذْر بُذور الإحباط في أوساط الجُمهور الإسرائيلي، وردع جيشه العسكري، وهُنا تكمن خُطورته.
لا نعتقد أن القِيادة الإسرائيليّة ستكتفي برفض الجيش اللبناني وقيادته لعُروضها الملغومة هذه، وستُواصل مساعيها بالطُّرق كافّة، لإشعال الحرب الأهليّة في لبنان لاستِنزاف القِوى الوطنيّة على أرضه، وعلى رأسها حزب الله، ولعلّ العُروض الأمريكيّة والفرنسيّة المُماثلة التي تنهال حاليًّا على الجيش اللبناني بشقّيها المالي والعسكري، هي امتِدادٌ “مُقنّعٌ” لهذه العُروض الإسرائيليّة الوقحة والمُهينة، ولهذا فالحذر مطلوبٌ اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضَى.
“رأي اليوم”
Views: 4