أكَّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنَّ “العام 1982 بالنسبة لنا كان عام القرار، التأسيس، الولادة، الانطلاقة، والاستمرار الذي ما زال قائمًا حتى الآن”، مشيرًا إلى أنَّ دماء الشهداء عمَّدت هذه المسيرة وأعطتها كل ما هي عليه الآن.
وفي كلمةٍ له خلال الاحتفال المركزي الذي يُقيمه حزب الله إحياءً لذكرى القادة الشهداء، السيد نصر الله أنَّ اجتياح 1982 شكل تهديدًا رئيسيًا واستثنائيًا للبنان والمنطقة والقضية الفلسطينية وسوريا لكن التهديد الأكبر كان للبنان.
وأوضح أنَّ هوية لبنان كانت مهددة وكان لبنان سينتمي إلى العصر الإسرائيلي ويجب أن نسجل أن المقاومة بكل فصائلها ومن ضمنها حزب الله هي التي حافظت على هوية لبنان، لافتًا إلى أنَّه “لا ندعي ولا نصادر المقاومة ولا نقول اننا نحن من أسس المقاومة وان قادتنا الشهداء هم من فعلوا ذلك”.
وشدَّد على أنَّ المقاومة هي التي تحفظ هذه الهوية بالدم والتضحيات والجهاد وهي التي ستبقى تحفظ هذه الهوية، مبينًا أنَّ مواجهة المشروع الصهيوني كانت تحتاج إلى مستوى عالي وكبير ومتقدم وضخم كمًا ونوعًا في مواجهة هذا المشروع ولذلك ولدت المقاومة الإسلامية في لبنان.
وأضاف: “ولدت المقاومة لتعمل إلى جانب بقية الفصائل وأصحاب السيادة الحقيقيين لكي تواجه هذا المشروع وهنا يبرز الشيخ راغب حرب القوي الصريح الصلب الحاضر في الميدان ويصرخ صرخة الحق”، مشيرًا إلى أنَّ “الشهيد الشيخ راغب حرب مثَّل لمسيرتنا عنوان الانطلاق الكبير بالمقاومة للنهاية حتى الشهادة أو النصر وهو القرار الذي مضى فيه اخواننا واخواتنا والذي سنمضي فيه”.
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ “السيد عباس مع الشيخ راغب وعلى خطى الشيخ راغب مشى في طريق ذات الشوكة هذا ومنذ ساعة الاجتياح الأولى مشينا سويًا وأصبح السيد عباس المقاتل الذي كان وقته على الجبهات والتدريب وتجهيز السلاح وصنع بيئة المقاومة”، لافتًا إلى أنَّ السيد عباس كان يذوب في المقاومة وكان يرى في طريق المقاومة والشهداء الطريق الوحيد لخلاص لبنان وكان يحوّل المقاومة إلى كيان متين وقوي مترامي الأطراف.
كما أوضح أنَّ مع الحاج عماد واخوانه كان موعد المقاومة التي انطلقت كنفسٍ، كخيارٍ، كطريقٍ، وكان موعد المقاومة مع الفعل والعمل والحضور والميدان والسلاح والدم والانتصارات وسحق عظام العدو وصورة الجيش الذي لا يقهر، واصفًا الحاج عماد بـ”عنوان التطور الكمي والنوعي في هذه المقاومة”.
وشدَّد على أنَّ هذه المقاومة على خطى قادتها الشهداء وكل القادة الشهداء الذين أتوا فيما بعد الحاج مصطفى بدر الدين والحاج حسان اللقيس وغيرهم تواجه أطماع هذا العدو وتحمي لبنان وتناصر شعب فلسطين وعينها على القدس والمقدسات.
وقال: “البعض يتصور في المنطقة وفي لبنان ايضًا أنَّ مستقبل المنطقة مرتبط بعنصر ثابت اسمه اسرائيل وكيان اسرائيل ولا يتصورون مستقبل للمنطقة بمعزل عن هذا ولذلك البعض يتجه إلى التطبيع والاعتراف بالعدو”، مؤكدًا أنَّ فصائل المقاومة وحزب الله منها يعتبرون أنَّ هذا الكيان مؤقت وأن هذا الكيان بدأ يتراجع.
وأشار إلى أنَّ القوس النزولي لـ”إسرائيل” بدأ عام 1985 عندما فرضت المقاومة في لبنان على العدو الاسرائيلي أن ينسحب من جبل لبنان وبيروت والضواحي وصيدا وصور والنبطية ليختبئ وراء الشريط الأمني، معتبرًا أنَّ “الجيش الاسرائيلي الذي لا يستطيع أن يبقى في لبنان فهذا مؤشر في القوس النزولي ومن ثم الانسحاب من لبنان ومن غزة والهزيمة عام 2006”.
واعتبر أنَّ المسار العام للكيان هو مسار انحداري وكبار قادة العدو ومعاهد الأبحاث للأمن القومي في كيان العدو الكثير منهم يتحدثون هذه اللغة، لافتًا إلى أنَّه “نرى “اسرائيل” على طريق الزوال والمسألة مسألة وقت ليس أكثر ومستقبل المنطقة مستقبل مختلف عن ما يبني عليه الآخرون حساباتهم”.
السيد نصر الله أضاف: “نحن معنيون أن نتابع يوميًا كيان العدو ونحن أمام كيان مأزوم ويسير بالانحدار وأمام جيش مأزوم وبمعزل عن الجيش الإسرائيلي لا يمكن للكيان أن يستمر لأنه كيان مصطنع ومصيره مرتبط بمصير جيشه”، مبينًا أنَّ الدول المطبعة التي ترسل أموالها إلى كيان العدو تخدم “إسرائيل” وتحاول أن تضخ الحياة فيها.
كما أوضح أنَّ هناك عدم تحمل لدى الاسرائيليين وتراجع ثقتهم بالجيش الاسرائيلي، و40% منهم يفكرون بترك فلسطين والعودة إلى حيث أتوا، وهناك مؤشرات كثيرة في القوس النزولي الانحداري لـ”اسرائيل” والتطبيع ما هو إلا طلب للمساعدة في إعطاء وقت للكيان الاسرائيلي.
وفي السياق، شدَّد الأمين العام لحزب الله على أنَّ في المقاومة هناك صبر وعدم استسلام وعدم يأس لأن التسوية السياسية والمفاوضات اليوم لا أفق لها والأفق الوحيد الجدي والواعد هو أفق المقاومة، مؤكدًا أنَّه “نحن لا نستهين بهذا العدو لكن هو في حالة هبوط وانحدار ولذلك هو مردوع”.
ولفت إلى أنَّ أحد أسباب الردع اليوم ليس فقط القوة والمعادلة لكن أيضًا واقع العدو ووهن العدو، ذاكرًا أنَّ “البعض يتصور أنه من خلال ما يقوم به من هجومات على المقاومة يعني أن المقاومة مستفزة ومستنفرة وملبكة وليس لديها ما تفعله”.
وأعلن أنَّ هناك ناس في هذه المقاومة شغلهم هو العمل على بناء هذه المقاومة وقدراتها الكمية والنوعية، مؤكدًا أنَّ المقاومة في حالة مواجهة دائمة مع العدو وهناك ما يحصل في الخفاء لا يتم الحديث عنه.
وتابع: “من جملة أهداف المعركة بين الحروب الذي عنوانه القصف في سوريا هو وقف انتقال السلاح النوعي إلى لبنان، والعدو يعرف أنَّه يصل إلى المقاومة سلاح نوعي من ايران لذلك هو يحاول ايقاف ذلك من خلال القصف في سوريا”، مشيرًا إلى أنَّ مدرسة هذه المقاومة مدرسة عماد مغنية وقاسم سليماني وهي تحويل التهديد إلى فرصة.
السيد نصر الله كشف أنَّ لدى حزب الله قدرة على تحويل صواريخه الموجودة بالآلاف إلى صواريخ دقيقة وقد بدأ ذلك منذ سنوات وقد جرى تحويل الكثير من صورايخه إلى صواريخ دقيقة، لافتًا إلى أنَّ “الاسرائيلي يبحث عن أماكن الصواريخ لكن ليعرف أننا لا نضع صواريخنا في مكان واحد بل ننتشر وهو يقوم بتشغيل العملاء”.
وأضاف: “نحن ننتظر العدو وان شاء الله وبعونه وقوة المقاومين ووعيهم قد نكون أمام عملية انصارية 2 لأن العدو لا يثق بالعملاء بل سيرسل ضباطه وجنوده ونحن ننتظره وعلى أمل انصارية 2”.
وبيَّن أنَّه “نحن منذ مدة طويلة بدأنا بتصنيع المسيرات ولا يوجد أي قيمة لذلك في المعركة بين الحروب وأمام الحاجة والتهديد نحن نبحث عن كل الفرص وإذا مضى الاسرائيلي على ما هو عليه لا نعرف إلى أين سنصل”، مشيرًا إلى أنَّ الاسرائيلي دخل في مرحلة المسيرات بين العمليات كما فعل في منطقة حي ماضي.
وتابع: “نحن أخذنا قرار بتحويل التهديد إلى فرصة من خلال تفعيل الدفاع الجوي كحد أدنى في مواجهة المسيرات أما في مواجهة الطيران الحربي فذلك بحث أخر وهناك تراجع كبير في وجود المسيرات في سماء، والإسرائيلي يعمل اليوم على تجنيد العملاء بعد أن فشل عمل المسيرات بتفعيل سلاح الدفاع الجوي لدى المقاومة”.
وأوضح السيد نصر الله على أنَّ المقاومة في حالة تقدم وتطور والربيع والصيف الماضيين كان من أكثر مواسم التدريب في لبنان منذ عشرات السنين، مشدّدًا على أنَّ المقاومة تقوم بواجبها اتجاه بلدها وأهلها.
وذكر السيد نصر الله أنَّه “مضى على شهادة الشيخ راغب حرب 38 عامًا، وعلى شهادة السيد عباس 30 عامًا ومعه الشهيدة المجاهدة أم ياسر وابنهما حسين، ومضى على شهادة قائدنا الجهادي الحاج عماد مغنية 14 عامًا، وقد مضى على انطلاقة المقاومة الاسلامية وحزب الله 40 عامًا”.
ولفت إلى أنَّ هناك مجموعة كاملة لآثار السيد عباس ضمن مجلَّدات طُبِعت وستُعرض خلال الأيام المقبلة، مبينًا أنَّ هذا يشكل جزءًا من تاريخ حزب الله وحضوره وسيتم انجاز مجموعة الآثار الكاملة للشيخ راغب عرضها في اجواء إحياء مناسبة 40 ربيعًا.
وأضاف: “سأكون في مقابلة بعد أيام على قناة “المنار” للحديث عن السيد عباس الموسوي كما سيتم تنظيم مؤتمر فكري ثقافي عن حياة وفكر السيد عباس”.
ولفت الى أنه لا حاجة لكي نعيد ونؤكد على أننا مع إجراء الانتخابات في مواعيدها لكن يبدو أن البعض الذي يتحدث هو من يريد أن يتم تأجيل الانتخابات.
وقال: “جاهزون للانتخابات وذاهبون إلى إنتخابات مصيرية واضحة وشعارنا في الانتخابات بشكل الرسمي هو “باقون نحمي ونبني” و سنقول للجميع أننا “باقون نحمي ونبني” ونحمي من خلال المعادلة الذهبية ونصر على دور الجيش اللبناني وحمايته ونصر على ضرورة دعمه وأن يتم فتح الباب لبقية دول العالم التي تريد أن تساعده”، لافتاً الى أنه نعم نحن نبني ونخدم ونعمل في خدمة شعبنا وفي كل الأماكن التي عملنا فيها كنا نقوم بذلك.
وشدد السيد نصر الله على أن المطلوب أن تستمع الناس بوعي ومنطق وأن تحاسب بوعي ومنطق وأن لا تتخذ بتشويه الحقائق إنما تبحث عن خلاصها ومستقبلها الذي يجب ان تصنعه بنفسها.
واعتبر السيد نصر الله انه من حق شعب البحرين أن يكون في لبنان أن يجتمع ومن حق شعب اليمن أن يعبر عن رأيه من خلال لبنان ويحق للمعارضات أن تأتي إلى لبنان وتعبر عن رأيها.
وأوضح السيد نصر الله أن هوية لبنان هي هوية الحريات والذين اجتمعوا في قاعة رسالات منذ ايام هم من يحمون هوية لبنان.
واضاف السيد نصر الله: “نحن ايضاً نحمي هوية لبنان بلد الحريات وبلد حرية التعبير لأن جزء من المعركة أن هناك من يتهمنا بتغيير هوية لبنان لكن هو من يغير هويته”.
وأشار الى ان هناك فريقاً ذاهب الى الانتخابات وشعاره استهداف المقاومة ونزع سلاح المقاومة مع استغلال الوضع الاقتصادي.
واضاف السيد نصر الله: “وجدوا أن الضغط الاقتصادي والخنق الاقتصادي والرواتب انسب فيقومون بالضغط الاقتصادي ويتم لصق ذلك بالمقاومة ونسيوا كل من قام بالفساد والسياسات المالية الفاسدة ونهب الدولة بالملايين والمليارات”.
واستطرد قائلاً: الشتائم والاتهامات والتسقيط لا تجعل بيئة المقاومة تتركها بل إنها ستزداد تمسكاً بها ودفاعاً عنها”.
واضاف السيد نصر الله: “يريدون اليوم أن يتخلى الناس عن المقاومة ويعملون من أجل أن تترك هذه البيئة المقاومة”.
واضاف السيد نصر الله: “يكفي لهذه البيئة ان تحمي المقاومة وأن لا تتخلى عنها وتحتضنها لتكون شريكة في كل الانتصارات التي حصلت حتى اليوم”.
وقال السيد نصر الله: الجزء الثالث والمهم هو الشعب من هذه المعادلة لأن المقاومة إذا لم تستند إلى بيئة تحتضنها وتخلت عنها وحاصرتها لن تستطيع أن تدافع عنهم ولا عن كرامتهم واعراضهم وحاضرهم ومستقبلهم.
Views: 7