يجري سباق بين التأكيد من بعض القوى الفاعلة على حصول الإنتخابات في موعدها، في حين أن فريقاً آخر، ومنهم الذين يؤكدون يوميًا في الإعلام على حصول الإنتخابات، يستبعدون حصولها، وهذا ما يفيضون به أمام زوارهم والمقرّبين منهم، شارحين الأسباب والدوافع التي تحول دون حصول هذا الإستحقاق، لا سيّما أن بعضهم لديه معلومات عن أجواء وهواجس قد تؤدي إلى احتدام الصراع القضائي والمصرفي على خلفيات انتخابية، وهذا ما سيترك ارتدادات سلبية ستُغرق الساحة الداخلية في أتون هذه الصراعات، ومن الطبيعي أن ذلك سينسف الإستحقاقات الدستورية المقبلة، وتحديداً الإنتخابات النيابية، إذ عاد في الأيام الماضية إلى الواجهة، التداول في أكثر من سيناريو مطروح على بساط البحث، وتحديداً السيناريو المتعلّق بإيجاد المخرج للتمديد، في حال وصل الخلاف القضائي – المصرفي إلى شلّ البلد مالياً واقتصادياً، وإحداث «ثورة مصرفية» من شأنها إقفال المصارف كافة، وأكثر من ذلك، قد تكون هناك فوضى عارمة في الشارع، وهذا ما قد يتحوّل مدخلاً لتهديد استحقاق الإنتخابات.
من هذا المنطلق، تكشف معلومات سياسية، أنه وبعد عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من الخارج، سيُعقد لقاء مفصلي بين رئيسي الجمهورية والحكومة نجيب ميقاتي، باعتبار أنه قُبيل مغادرة الرئيس عون إلى الفاتيكان بساعات قليلة، كان هناك توتر واضح بين بعبدا والسراي، على خلفية ما جرى قضائياً ومصرفياً، الأمر الذي اعتبره رئيس الحكومة، بأنه بمثابة «الشعرة التي ستقصم ظهر البعير» في ما تبقّى من أجواء إقتصادية ومالية وحوار مع صندوق النقد الدولي.
وبناءً عليه، تنقل المعلومات، أن ميقاتي، لن يتساهل مع رئيس الجمهورية حيال ما حصل ويحصل، وسيحمّله مسؤولية أي اهتزازات مالية واقتصادية مضاعفة، ولهذه الغاية، وبعد هذا اللقاء ستكون هناك حالة ترقّب بما معناه، هل ستتوقف هذه الخطوات والإجراءات التي تُقدم عليها القاضية غادة عون أم أنها ستتواصل؟ وفي ضوء ذلك، سيحدّد ميقاتي موقفه من كل هذه المسائل، وإذا اتسم لقاؤه مع رئيس الجمهورية بالسلبية وبقي الوضع على ما هو عليه، فعندئذٍ كل الخيارات ستكون مفتوحة لديه في هذه المرحلة، كي لا يتحمّل هو وزر وتبعات ما يحصل، لأنه وعد صندوق النقد الدولي بخطوات وإجراءات وإصلاحات مالية، وقطعت الأمور شوطاً متقدماً بعد سلسلة لقاءات واجتماعات حصلت في السراي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
من هنا، وخلال الأيام القليلة المقبلة، ستتوضح أمور كثيرة في إطار العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة، في ضوء ما سيتّخذه الرئيس عون من مواقف، لأن المتابعين لمسار الأوضاع يؤكدون بأنه سيحمّل المسؤولين السياسيين والماليين مسؤولية هذا الإنهيار، أي أنه، ومع اقتراب نهاية ولايته، سيلجأ إلى التصعيد، وعندها لن يسكت رئيس الحكومة. وتشير المعلومات نفسها، نقلاً عن المتابعين والمواكبين للحراك الحاصل، إلى تواصل قائم بين ميقاتي و«نادي رؤساء الحكومات السابقين» وقوى سياسية أخرى، ورئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس «تيّار المرده» سليمان فرنجيه بعيدين عن هذا التواصل. وفي هذه الحال فإن الساحة الداخلية ستبقى داخل نفق مظلم، إذ يرى بعض الخبراء الماليين والإقتصاديين بأن ما يجري على خطّ الخطوات القضائية والمصرفية، قد يكون بمثابة لفظ لبنان لأنفاسه الأخيرة على الصعيدين المالي والإقتصادي، الأمر الذي تحذّر منه أكثر من جهة، لا سيّما ميقاتي الذي يعتبر أن ما تُقدم عليه بعض الجهات، إنما هو تعطيل واضح للحوار مع صندوق النقد الدولي والعمل الحكومي
Views: 2