حركة “الجهاد” تُهَدِّد بالانتِقام لشُهدائها الثلاثة في جنين فكيف سيكون الرّد؟ وماذا يعني عهد التّنسيق بينها وكتائب شُهداء الأقصى الفتحاويّة؟ وما هي التطوّرات الثلاثة التي تُميّز الانتِفاضة المُسلّحة الثانية عن الأُولى عام 2000؟
إذا كانت سُلطات الاحتِلال الإسرائيلي تعتقد أن اغتيالها لثلاثة أبطال من أعضاء حركة “الجهاد الإسلامي” في غارة شنّتها على مدينة جنين فجر اليوم الأوّل من شهر رمضان المُبارك ستُؤدّي إلى إرهاب المُقاومين ومنع العمليّات العسكريّة ضدّها، فهي مُخطئةٌ كُلِّيًّا، لأن هذه الجريمة ستُعطي نتائج عكسيّة ولن تَمُر دون ردٍّ انتقاميّ، وحركة “الجهاد الإسلامي” عوّدتنا أنها عندما تتوعّد بالثّأر تفي بوعدها دائمًا.
الشّهداء الثلاثة وزملاؤهم تصدّوا للقوّات الإسرائيليّة المُهاجمة، ولم يستسلموا مُطلقًا، وأصابوا أربعة جُنود من القوّات الخاصّة المُدجّجة بالسّلاح، أحدهم إصابته خطيرة وجرى نقله إلى المُستشفى على ظهر مروحيّة ممّا يعني أنهم في حالة استِعداد دائمة وجاهزيّة ميدانيّة عالية.
الانتِفاضة المُسلّحة الثانية بدأت، وقبل حُلول شهر رمضان المُبارك، وتمثّلت في ثلاث عمليّات أوّلها في مدينة بئر السبع، وثانيها في الخضيرة، وثالثها وسط تل أبيب، وأسفرت هذه الهجمات التي نفّذها أربعة مُجاهدين فقط عن مقتل 11 إسرائيليًّا مُعظمهم من الجُنود، ورجال الشّرطة، في اختِراقٍ مُرعب للأمن الإسرائيلي وكان من المُمكن أن يرتفع العدد عشرة أضعاف لو أرادوا قتل المدنيين والنساء والأطفال مثلما يفعل عدوّهم.
الانتِفاضة المُسلّحة الثانية مُختلفة عن نظيرتها الأولى عام 2000 لعدّة أسباب نُوجزها فيما يلي:
-
الأولى: أنها انطلقت في الأراضي الفِلسطينيّة عام والضفّة الغربيّة وقِطاع غزّة في الوقت نفسه، الأمر الذي يُجَسِّد الوحدة الوطنيّة الفِلسطينيّة في أقوى صُورها.
-
الثانية: وجود استراتيجيّة من التّنسيق العمليّاتي المُضاد بين الفصائل الفِلسطينيّة على الأرض، وخاصَّةً بين حركة “الجهاد الإسلامي” و”كتائب شُهداء الأقصى” الفتحاويّة، وهذا تطوّرٌ مُهم ستكون له انعِكاساته القويّة على الأرض.
-
الثالثة: انتِشار واسِع للأسلحة الناريّة والبنادق الآليّة، بعضها مُصنّع محليًّا، والبعض الآخر جرى شرائه أو الاستيلاء عليه من الجُنود الإسرائيليين، والثالث نجحت فصائل المُقاومة في تهريبه عبر الحُدود الأردنيّة والمِصريّة.
سُلطات الاحتِلال “سرّبت” العديد من البنادق الآليّة إلى عصابات مُخدّرات وبلطجة في المناطق المُحتلّة عام 1948 طِوال السّنوات الماضية من أجل زعزعة أمن هذه المناطق، ونشر حالة الفوضى، وبهدف إجبار مُواطنيها على الهجرة أو التعاون معها، والرّضوخ لإملاءاتها، ولكن هذه المُحاولات فشلت، وأعطت نتائج عكسيّةً تمامًا، وذهبت نسبة كبيرة من هذه الأسلحة المُتطوّرة (بنادق أم 16) إلى فصائل المُقاومة.
الهجمات على الجُنود الإسرائيليين والمُستوطنين بدأت قبل شهر رمضان، وربّما تستمر بعده أيضًا، في تزامنٍ مع تحرّك مُوازٍ في قِطاع غزّة بدأ بالبالونات الحارقة، وقد يتطوّر إلى قصفٍ صاروخيّ على غِرار ما حدث في أيّار (مايو) من العام الماضي أثناء معركة “سيف القدس) خاصَّةً أن شهر رمضان يأتي بالتّزامن مع عيد الفصح اليهودي، ووجود خطط للمُستوطنين لتنظيم مُسيّرات لاقتِحام المسجد الأقصى.
الشعب الفِلسطيني في الأراضي المُحتلّة يعيش حالة غليان من جرّاء الاعتِداءات الإسرائيليّة، والاضّطهاد والإهانات التي يتعرّض لها يوميًّا على المعابر، واستِفحال التطبيع الرّسمي العربي مع دولة الاحتِلال، وتواطؤ السّلطة الفِلسطينيّة وأجهزتها الأمنيّة معها، ولهذا قرّر الانتِفاض إلى ينابيع ثورته، وإطلاق كُرة اللّهب، على شكل عمليّات المُقاومة المشروعة بكُل الطّرق والوسائل والأدوات المُتاحة.
دِماء الشّهداء لن تذهب سُدى، والشعب الفِلسطيني لن يركع، وسيُواصل مسيرة التّضحية والفِداء في مُواجهة هذا المُحتل الاستِيطاني العُنصري الدّموي وغطرسته وغُروره، ولن يتوقّف حتى يستعيد كُل أراضيه وحُقوقه كاملةً دُون نُقصانٍ، والقادم أعظم.
“رأي اليوم”
Views: 0