هل اطلقت أمريكا الرصاصة الأولى على حلف “الناتو” بإعلانها تطوير صواريخ “فرط صوتية” مع شريكتيها بريطانيا وأستراليا في الحلف “الانجلوسكسوني” البديل.. وكيف؟ وهل تستهدف هذه الخطوة الصين استعدادا للحرب القادمة معها.. ومتى؟
عندما يعلن محور “الانجلوساكسون” المكون من امريكا وبريطانيا وأستراليا (اوكوس) في بيان مشترك ان الدول الثلاث ستتعاون لتطوير صواريخ “فرط صوتية” وامكانياتها الحربية الالكترونية في اطار استراتيجيتها لمواجهة الصين، فان هذه الخطوة تعني التحرك بشكل مستقل عن حلف شمال الأطلسي (الناتو).
يأتي هذا التحرك الثلاثي اللافت بعد أيام من اطلاق روسيا صاروخا “فرط صوت” اسرع من الصوت عدة مرات في حرب أوكرانيا، وللمرة الأولى، الامر الذي أثار قلقها، ودفعها الى التعاون الثلاثي المشترك لتعزيز قدراتها الصاروخية، والسيبرانية، خاصة ان هناك تقارير تفيد بأن الحرب التالية، أي بعد حرب أوكرانيا، ربما تكون ساحتها في شرق آسيا.
روسيا والصين كانتا سباقتين في انتاج هذا النوع من الصواريخ التي غيرت موازين القوى، وشكلت تقدما كبيرا لصالحهما في سباق التسلح مع الغرب وبزعامة الولايات المتحدة، فقد بات بمقدور الدولتين قصف العمق الأمريكي في دقائق معدودة.
خطورة هذه الصواريخ “الفرط صوتية” تكمن في سرعتها (اسرع من الصوت تسع مرات) وهي على عكس الصواريخ الباليستية التي تطير عاليا في الفضاء على شكل قوس للوصول الى هدفها، فهي تطير على ارتفاع منخفض في الغلاف الجوي، وتصل الى هدفها بسرعة اكبر، ويصعب رصدها واسقاطها.
اللافت ان هذا الحلف الثلاثي الذي جرى اطلاقه في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي فقط، بدأ متأخرا في هذا المضمار، ولكن التعاون في المجالات العسكرية كافة، والسبرانية والذكاء الاصطناعي خاصة، يأتي لإيجاد البديل الأكثر تجانسا لحلف الناتو الذي تعثر في اول اختبار له المتمثل في الحرب الأوكرانية.
الدول الأوروبية، وفرنسا وألمانيا وإيطاليا على وجه الخصوص، بدأت تشعر بتفرد الدول الثلاث الناطقة باللغة الإنجليزية، وابتعادها عن أوروبا، بعد خطف الولايات المتحدة صفقة غواصات فرنسية تزيد قيمتها عن 52 مليار دولار كانت في طريقها الى استراليا، وهذا ما يفسر معارضتها “لطرد” روسيا من نظام “سويفت” المالي، ووقف وارداتها من الغاز والنفط الروسي في اطار العقوبات الامريكية المقترحة رغم مرور 44 يوما على اجتياح الدبابات الروسية للحدود الأوكرانية.
من الطبيعي ان يثير هذا الإعلان “الاستفزازي” قلق الصين، ولهذا جاء رد حكومتها سريعا على لسان تشاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية عندما قال في تصريح له اليوم “أمريكا وبريطانيا وأستراليا أعلنت بذريعة الازمة الأوكرانية، وضمان الامن والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادي تزويد استراليا بغواصات نووية والتعاون في انتاج صواريخ أسرع من الصوت الأمر الذي لا يزيد فقط من خطر الانتشار النووي، ولكنه يؤدي أيضا الى تفاقم سباق التسلح ويقوض السلام والاستقرار في هذه المنطقة”.
حلف “الناتو” يتآكل بشكل متسارع بقرار امريكي، ومشكلة زيلينسكي رئيس أوكرانيا الذي جرى توريط بلاده في حرب مع روسيا الدولة العظمى وحلفها مع الصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وايران، لم يدرك هذه الحقيقية عندما تحدى هذا الجار الروسي الأقرب الى بلاده ثقافة وعرقا وجغرافية، وقرر الانضمام الى هذا الحلف “العجوز” بحيث ينطبق عليه المثل الذي يقول “يذهب الى الحج والناس راجعة”.. والله اعلم.
“راي اليوم”
Views: 3