- أزمة التضخم العالمي
- البنوك المركزية العربية
- الدولار الأميركي
- الفائدة
- جائحة كورونا
- مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع الفائدة على الدولار بمقدار نصف نقطة مئوية «0.50%»، لتصل إلى 1%، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، ولم تمضِ ساعات على القرار الأميركي حتى قام عدد من البنوك المركزية العربية برفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس كنوع من التحوط الاقتصادي.
الخطوة فسّرها المحللون الاقتصاديون بأنها لاحتواء أزمة التضخم العالمي وتلافي الآثار السلبية لأزمتي جائحة “كورونا” والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومحاولة لإنعاش الدولار أمام العملة الأوروبية اليورو والين الياباني.
تأثير سلبي للقرار
القرار سيؤثّر سلبًا على العديد من الاقتصادات الناشئة، والدول العربية مطالبة بالتحرك لمواجهة تداعيات القرار واتخاذ إجراءات اقتصادية فاعلة، وسيدفع التحرك الأميركي البنوك المركزية في العديد من الدول النامية (بينها الدول العربية) لرفع أسعار الفائدة بالضرورة، وهو ما حدث عقب قرار واشنطن، وسيقود إلى زيادة أعباء الديون وأن تشدد الجهات المانحة إجراءات الاقتراض وتراجع القدرة الشرائية للعملات المحلية، بجانب ارتفاع التضخم (الأسعار) وتنامي معدلات البطالة بصورة كبيرة.
القرار سيُسبّب أيضًا ضعف القوة الشرائية للدولار أمام جميع المنتجات، ولو كان الدولار يشتري لتر بنزين أصبح يشتري نصف لتر، وحسب محللين، نجم ذلك بعد ما طبعت أميركا دولارات في زمن وباء “كورونا” دون أن يقابله إنتاج سلع وخدمات، وتسود توقعات بالمزيد من رفع البنك المركزي الأميركي الفائدة خلال العام 2022، 4 مرات مقبلة للسيطرة على التضخم الذي سجل 8.5% في مارس المنقضي، وهو أعلى مستوى منذ العام 1981.
مواجهة التضخم
يرى الباحث الاقتصادي، وليد فاروق، أن البنك المركزي الأميركي يحاول كبح جماح نسبة التضخم البالغة 8.5% في الاقتصاد الأميركي، وتعد الأعلى منذ 40 عامًا، وتوقع أن يكون هناك مزيد من الزيادات في سعر الفائدة خلال العام 2022.
وقال عمرو فاروق، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هذه الزيادة تضع المزيد من الضغوط على اقتصادات الدول الناشئة، ومن بينها مصر وأغلب الدول العربية، فقد تتعرض لمخاطر خروج الأموال الساخنة (الأموال التي تضارب في الأسواق العربية أو الأسواق الناشئة، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة في منطقة ما، لتجد تلك الأموال تهرب إلى مَن يحقق لها معدلات فائدة أعلى)، وإضعاف العملات، فضلًا عن زيادة تكلفة الاقتراض وخدمة الديون، خاصةً الدول التي لديها حجم دين خارجي كبير، كما ستتعرض بعض العملات الأخرى لمزيدٍ من الضغط مما يدفع بعض البنوك المركزية لرفع سعر الفائدة أيضًا على عملاتها”.
وأضاف الباحث الاقتصادي: “قد تؤدي هذه الخطوة إلى ركود اقتصادي تجاري عالمي، خاصةً مع مخاطر عدم الاستقرار في سلاسل الإمداد العالمية، والطلب المرتبط بتبعات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أسعار السلع الأساسية من الغذاء إلى الطاقة والضغوط الأوسع على الأسعار”.
تأثر مصر ودول الخليج
تداعيات القرار الاقتصادي الأميركي دفعت 5 دول خليجية إلى رفع أسعار الفائدة بعد ساعة فقط من قرار الفيدرالي، بينما كانت البنوك المصرية في عطلة رسمية (عطلة عيد الفطر)، لكن من المتوقع أن يختبر البنك المركزي المصري تأثير القرار على حركة الأموال الساخنة وبناء عليها يحدد نسبة الفائدة، التي تشير أكثر التقديرات إلى أنها تتراوح بين 1 و2%.
أيضًا من بين تداعيات القرار سيكون هناك تأثير على تراجع الجنيه أمام الدولار وربما يكون التراجع محدودًا، وسيتوقف ذلك على كمية الأموال الساخنة التي ستخرج من السوق ونسبة رفع أسعار الفائدة، بجانب دور الدولة المصرية في اتخاذ إجراءات قوية للحد من تراجع الجنيه أمام الدولار، وهو ما سيقره اجتماع البنك المركزي المصري يوم 19 أيار/ مايو الجاري لبحث الفائدة على الإيداع والإقراض.
ومن المتوقع أن يؤدي القرار إلى تراجع أسعار الذهب بالبورصة العالمية، لكن في الأسواق المحلية سيعتمد الذهب على سعر الصرف أمام الدولار، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الأخرى.
أزمات اقتصادية
قالت رئيس قسم الاقتصاد ببوابة دار الهلال الإخبارية، أنديانا خالد، إن القرار الأميركي برفع الفائدة سيؤدي إلى انخفاض الاحتياطي النقدي في العديد من الدول العربية، وأيضًا الضغط على عملاتها المحلية أمام سعر الدولار والمزيد من التضخم وتراجع تدفق الأموال إلى الدول الناشئة وهروب الاستثمارات الأجنبية.
وقرر المصرف المركز الإماراتي الإبقاء على السعر الذي ينطبق على اقتراض سيولة قصيرة الأجل من المصرف المركزي من خلال كل التسهيلات الائتمانية القائمة عند 50 نقطة أساس فوق سعر الأساس، كما قرر مجلس إدارة بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية من 1.75% إلى 2.00% ابتداءً من 5 أيار/ مايو الجاري.
أضافت أنديانا خالد، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، إن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تعد الأزمة الاقتصادية الثانية بعد تداعيات جائحة كورونا، إذ بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية في حزيران/ يونيو 2021 بعد تعافي دول العالم من انتشار فيروس كورونا وعادت الحياة إلى طبيعتها.
وأوضحت رئيس قسم الاقتصاد: “تسبب ارتفاع الطلب على شراء السلع وسط تراجع المعروض نتيجة غلق المصانع وقت جائحة كورونا، في الارتفاع المستمر بمعدلات التضخم العالمي بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن عالميًّا، مما جعل البنك الفيدرالي الأميركي يتخذ قرارًا بتنفيذ برنامج تقليص المشتريات (أي وقف طباعة الدولار) بحيث ينتهي في آذار/ مارس 2022 على أن يرفع سعر الفائدة وهذا ما حدث، لكن القرار جاء بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية بأشهر، وهو ما جعل البنك الفيدرالي الأميركي يسرع من قرار رفع الفائدة بمعدل نصف في المائة”.
رفع سعر الفائدة الأميركي وارتفاع التضخم العالمي بصورة مزرية لن يكون الأخير في عام 2022، وبالتالي باتت جميع الأنظمة الاقتصادية مطالبة بترشيد الاستهلاك والإنفاق وإعادة ترتيب أولويات الشراء والاستيراد والاعتماد بشكل أكبر على قطاعات إنتاجية قوية اقتصاديًّا؛ أهمها الزراعة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر حتى فوات الأزمة التي ستضرب الكثير من الدول الناشئة اقتصاديًّا في مقتل
Views: 1