والمستغرب هو ما وصلت إليه هذه الحملات الشعواء من الكراهية والبغضاء من مستويات منحطة غير أخلاقية، إذ ما علاقة أعمال الأديب الروسي دوستوفيسكي بالخلاف الروسي- الغربي حتى يتم منعها في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وما علاقة مشروب «الفودكا» بالعلاقات المتوترة بين أوروبا وأمريكا من جهة والاتحاد الروسي من جهة ثانية حتى يتم تحريمه على المواطنين الأوروبيين والأمريكيين من دون سبب إلا لكونه منتجاً روسياً؟!.
وهكذا يمكن عدّ فوبيا روسيا أو “الروسوفوبيا” شكلاً من أشكال العنصرية الثقافية المقيتة، التي بموجبها يكون الروس أدنى فكرياً وثقافيّاً من بعض الكيانات العرقية الثقافية الأخرى (مثل الأوروبيين والأنغلو ساكسونيين)، فالثقافة الروسية “فكر مُنحرف” على حدِّ تفكيرهم العنصري وتشكل “خطراً جسيماً “على الأعراف الاجتماعية الغربية الراسخة، وحتى على الحضارة الغربية نفسها، ويمكن فهم العنصرية الثقافية في هذا السياق على أنها تأكيد على مفاهيم غربية مغرقة بالعنصرية لتفوق أوروبا على الشعوب غير الأوروبية ليس على الشعب الروسي فقط وإنما على شعوب العالم قاطبة .
إن استمرار تصعيد هذه الحرب العنصرية على روسيا يهدف إلى إضعافها وتجريدها من صداقة كل الدول واعتبارها دولة شريرة و«شيطنة» رئيسها على وجه الخصوص وتخويف الدول الأوروبية منها وتأليبها عليها وتوسيع «الناتو» بضم الدول المحايدة كلها كما يجري الآن بالنسبة لفنلندا والسويد، وتطويق روسيا بالخصوم وصولاً إلى الجمهوريات المستقلة في آسيا الوسطى لعزلها عن الاتحاد الروسي، لكن صلابة الشعب والجيش الروسيين ووقوفهم بحزم وراء قيادتهم وقراراتها أفشلا الخطط الأمريكية وانقلبت العقوبات الاقتصادية ضد روسيا رأساً على عقب، وأضرت بالأوروبيين والأمريكيين قبل غيرهم، حيث بدأ الغلاء الشديد وأزمات كثيرة مركّبة تعصف بحياتهم كلها .
Views: 3