تتجه الأنظار الى جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد الذي انبثق عن الإنتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في 15 أيّار الجاري، ونائبه وهيئة المكتب المؤلفة من أميني سرّ وثلاثة مفوّضين، عملاً بأحكام المادة 44 من الدستور، وذلك عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء المقبل في ساحة النجمة. والمعلوم أنّه ليس من “مرشح” آخر حتى الساعة لرئاسة المجلس سوى الرئيس نبيه برّي الذي يتوقّع أن يُنتخب لولاية سابعة، بعد أن أصبح كبير السنّ في المجلس الحالي، من دون معرفة عدد الأصوات التي سيحوذ عليها بعد تبدّل المشهد في المجلس النيابي الجديد.
أمّا المنافسة فستكون على منصب نائب رئيس المجلس الذي هو عرفاً من طائفة الروم الأرثوذكس، وعين كلّ من النائب المنتخب المحسوب على “التيّار الوطني الحرّ” الياس بو صعب، ونائب حزب “القوّات اللبنانية” المنتخب غسَّان حاصباني عليه، علماً أنّ كلّ منهما كان وزيراً في فترة سابقة. وقد يكون هناك مرشح ثالث لهذا المنصب مثل النائبين الجديدين المنتخبين سجيع عطية وغسان سكاف، وقد يفوز به أحدهما، في نهاية الأمر مستفيداً من تنافس “التيّار” و”القوّات” عليه. ويُنتظر حصول مفاجآت في الجلسة المرتقبة على صعد عدّة، فما الذي سيحصل فيها، وهل سيمرّ يوم الثلاثاء المقبل على خير؟!
مصادر سياسية مطلّعة تحدّثت عن أنّ عدم تأمين النصاب من قبل بعض الكتل النيابية لجلسة يوم الثلاثاء المقبل، لن يصبّ في صالحها ولا في صالح البلد. فمثل هذا الأمر قد يُعطّل الحياة السياسية، ويؤثّر سلباً على تشكيل الحكومة الجديدة.. في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن اللبناني أن يتخذ السياسيون الإجراءات والإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من الوضع المتردّي وغير المسبوق الذي يعيشه.
وتقول المصادر بأنّ استحواذ الثنائي الشيعي على المقاعد الشيعية في المجلس الجديد وعددها 28 (15 لـ “حركة أمل” و13 لحزب الله)، يجعل إعادة انتخاب برّي لرئاسة مجلس النوّاب لولاية سابعة أمراً محسوماً، سيما وأنّه ليس هناك من “مرشحين” متقدّمين لهذا المنصب من الطائفة نفسها، ما يجعل فوزه “بالتزكية” مؤكّداً.. غير أنّ ما يهمّ برّي هو أن يُنتخب بأكثر من نصف أعضاء المجلس، خصوصاً وأنّه اعتاد على أن يُنتخب بنسبة أصوات مرتفعة. ففي العام 2018، 98 نائباً صوّتوا له، فيما حصل في الدورة الأولى أي في العام 1992 على أعلى نسبة تصويت بلغت 105 من أصل 125، ويسعى اليوم الى أن يتخطّى عدد النوّاب المؤيّدين له الستين نائباً.
وفيما يتعلّق بالكتل النيابية التي يُتوقَّع أن تُصوّت لبرّي الى جانب كتلته النيابية “التنمية والتحرير” (15 نائباً) التي أعلنت ترشيحه، على ما أضافت المصادر نفسها، وكتلة “الوفاء للمقاومة” (13 نائباً) يجري الحديث عن إمكانية إعطاء “اللقاء الديموقراطي” أصوات نوّابه لبرّي وعددهم 8، هذا إذا لم يغيّر وليد جنبلاط رأيه في الربع ساعة الأخير، فضلاً عن أصوات حزب “الطاشناق” وهي 3، ونوّاب “إنماء عكّار” وهم 4، والنوَّاب المؤيدين له مثل طوني فرنجية، وميشال المرّ، وحسن مراد. ويبقى أصوات بعض النوّاب “المستقلّين” ونائبي “جمعية المشاريع” وجميل السيّد الذين قد يعطون أصواتهم لبرّي، ما قد يرفع عدد الأصوات المؤيّدة له الى 58 أو 60 نائباً، علماً أنّ السيّد لم ينتخب برّي في الدورة الماضية. وقد تحصل بعض المفاجآت من خلال انتخاب آخرين لبري، خصوصاً وأنّ رئيس “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهّاب قد تحدّث عن وجود 8 أصوات غير معلنة في المجلس النيابي الجديد مؤيدة لقوى 8 آذار.
وعن إمكانية طرح إسم النائب السيّد لرئاسة المجلس، ترى المصادر نفسها بأنّه في حال ترشّح فهو يعلم بأنّ النوّاب الشيعة إذا أيّدوه بكاملهم، فهو لن يحصل سوى على أصواتهم. ولهذا لم يلوّح بأنّه مرشّح لهذا المنصب.
وبالعودة الى المؤيدين والمعارضين لبرّي والذين سيلجأون الى وضع “أوراق بيضاء” أو أي إسم آخر من باب الإستفزاز، تقول المصادر إنّه بات شبه محسوم أنّ “التيّار الوطني الحرّ” وعدد نوّابه 18 لن يعطي صوته لبرّي، لا سيما بعد السجالات الأخيرة التي حصلت بين رئيس “التيّار” النائب جبران باسيل والنائب علي حسن خليل الذي أكّد أخيراً، ردّاً على كلامه، “أنّ “كتلة التنمية والتحرير” لم تفاوض ولم تطلب من أحد، وبالتأكيد ليس من باسيل، أن نبادله الأصوات مع أي موقع”. وكان حُكي عن إمكانية تصويت نوّاب “التيّار” لبرّي على أن تُبادله “حركة أمل” الأمر نفسه في موقع آخر مثل التصويت للنائب بو صعب لنيابة الرئيس، أو أن تقف الى جانبه عند الإستحقاق الرئاسي في التصويت للرئيس الجديد في تشرين الأول المقبل. أمّا “القوّات اللبنانية” فلن تُصوّت لبرّي بعد أن أعلن رئيسها سمير جعجع أنّه “لا يملك المواصفات المطلوبة” من وجهة نظره، ويتجه نوّابها وعددهم 19 الى الاقتراع بورقة بيضاء. كذلك الأمر بالنسبة الى حزب “الكتائب اللبنانية” الذي لن يعطي نوابه الأربعة أصواتهم لبرّي. أمّا النوّاب الـ 13 من “قوى التغيير”، فمن الطبيعي أن يدعموا شخصاً مستقلاً لمنصب رئاسة المجلس النيابي وهو غير متوافر حالياً.
لهذا قد تنقسم أصوات هؤلاء، على ما ترى المصادر عينها، بين ورقة بيضاء أو تسمية شخص آخر، وقد يفاجىء البعض المجلس بانتخاب برّي، سيما إذا كان هدفه عدم التعطيل وبدء المجلس بعمله على أسس حديدة من الشراكة. يبقى بعض النوّاب المستقلّين المعارضين الذين لن يسمّوا برّي بطبيعة الحال.
وعن انتخاب نائب الرئيس، أكّدت المصادر أنّ أيا من النوّاب المنتخبين حاصباني وبو صعب وملحم خلف لم يترشّح لهذا المنصب، وإن كان عٓين كلّ منهم عليه. ويظهر إسما النائبين الجديدين على الساحة السياسية غسان سكاف وسجيع عطية، وكلّ منهما لا يُمانع من انتخابه لمنصب نائب الرئيس. وتجري المشاورات لانتخاب أحدهم من قبل الغالبية النيابية، أو أي مرشّح قد يبرز إسمه خلال “الويك- أند” مع تنافس التيّار و”القوات” على هذا المنصب، رغم عدم اتفاقهما مع برّي. وتلفت المصادر الى أنّ وجود نائب للرئيس لا يتفق معه سياسياً هو أمر سيُعقّد له مهمته في المجلس الجديد بدلاً من أن يُسهّلها.
وقالت المصادر إنّ الثلاثاء لناظره قريب، وسوف تُحدِّد الجلسة المرتقبة الأحجام السياسية والإصطفافات والتكتّلات الفعلية، وقد تحدث مفاجآت غير متوقّعة، سيما وأنّ الإقتراع سرّي وبالغالبية المطلقة، وأنّ انتخاب كلّ من رئيس المجلس ونائبه يجري على حدة، وتُبنى النتيجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبية النسبية، وفي حال تساوي الأصوات فإنّ الأكبر سنّاً يُعدّ منتخباً، والرئيس برّي بات الأكبر سنّاً في المجلس الجديد.
Views: 2