كم يبلغ حجم جينوم جدري القردة مقارنة مع جينوم كورونا؟ وما آخر فرضيات انتشار الفيروس؟ وماذا يعني الكشف عن سلالتين مختلفتين من جدري القردة في الولايات المتحدة؟
الكشف عن سلالتين مختلفتين من جدري القردة في أميركا
كشفت بيانات التسلسل الجديدة من المراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية عن انتشار ما لا يقل عن نوعين مختلفين وراثيًا من جدري القردة في الولايات المتحدة، وذلك وفق تقرير في “إن بي سي” (NBC). كما نقل الخبر مصادر إعلامية أخرى.
وعلى الرغم من أن المراكز لم تسلسل جميع الحالات الأميركية المؤكدة البالغ عددها 22 حتى الآن، فقد وجد أن اثنتين منها متشابهة وراثيًا مع عدوى أصابت رجلا من تكساس سافر إلى نيجيريا عام 2021، وكلتا الحالتين لشخصين سافرا مؤخرًا إلى أفريقيا: امرأة من فرجينيا ورجل من فلوريدا.
وتشبه بقية الحالات المتسلسلة في الولايات المتحدة الرموز الجينية للحالات في أوروبا، وعدوى 2021 في أحد سكان ماريلاند الذين سافروا إلى نيجيريا.
قالت جينيفر ماكويستون، نائب مدير قسم مسببات الأمراض وعلم الأمراض في المراكز، عن هذين المتغيرين -في مؤتمر صحفي أمس الجمعة- “على الرغم من تشابههما مع بعضهما بعضا، فإن تحليلهما الجيني يظهر أنهما غير مرتبطين ببعضهما بعضا”.
فاشيتان من جدري القردة
وأضافت ماكويستون وخبراء أمراض آخرون أن هذه المعلومات الجديدة تشير إلى أن حالات الإصابة في الولايات المتحدة ناجمة عن “فاشيتين” (two outbreaks) بدلاً من واحدة، مما يعقد فهمنا لأصولها.
وقالت ماكويستون “من المحتمل أنه خلال العامين الماضيين، كانت هناك حالتان مختلفتان على الأقل، حيث انتقل فيروس جدري القردة إلى الناس في نيجيريا من الحيوان الذي يحافظ عليه، ومن المحتمل أن ينتشر هذا الفيروس من خلال الاتصال الوثيق بين شخص وآخر.. ربما يكون الاتصال الحميم أو الجنسي”.
هذا الاحتمال، بدوره، يثير تساؤلات حول المدة التي ظل فيها جدري القردة ينتشر خارج أفريقيا ومدى انتقال الفيروس.
قالت آن ريموين، أستاذة علم الأوبئة في مدرسة “جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس فيلدينغ للصحة العامة” (UCLA Fielding) “هذا أشبه بمسلسل تلفزيوني جديد ولا نعرف الحلقة التي وصلنا إليها.. نحن الآن بدأنا للتو في الحصول على بعض من قصة الأصل”.
تم الإبلاغ عن ما يقرب من 900 حالة إصابة بجدري القردة خارج أفريقيا منذ أوائل مايو/أيار الماضي، وفقًا لـ”غلوبال هيلث” (Global.health)، وهي مجموعة تجمع بيانات الأمراض المعدية. قبل ذلك، كان أكبر انتشار في النصف الغربي من الكرة الأرضية هو 47 حالة في الولايات المتحدة عام 2003. وقد أصيب هؤلاء الأشخاص عن طريق كلاب البراري الأليفة، ولم يتم توثيق أي انتقال من إنسان إلى إنسان.
4 فرضيات حول جدري القردة
يراجع الخبراء مختلف التفسيرات المحتملة للنمو السريع للفاشيات الحالية، وهناك 4 احتمالات:
جريان أحداث أعطت الفيروس فرصة للانتشار.
جدري القردة قد تطور ليصبح أفضل في انتقاله من إنسان إلى إنسان.
الفيروس ربما كان ينتشر من دون أن يتم اكتشافه لبعض الوقت.
الضغط المتزايد على النظم البيئية قد يكون السبب في انتشار عدوى جدري القردة بين البشر.
الاحتمال الرابع ذكره الخبير في منظمة الصحة العالمية مايك رايان -الأربعاء الماضي- وذكر رايان في جنيف “إننا نتعامل مع عدم استقرار إلى حد كبير في نقطة مشتركة بين الحيوانات والبشر”. وهناك أمراض أخرى تنشأ لدى الحيوانات ويزداد تفشيها بين البشر، مثل حمى لاسا وفيروس إيبولا.
أما بالنسبة للاحتمال الثالث، فاقترح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أنه مرجح.
وحول فكرة أن الفيروس أصبح أكثر قابلية للانتقال، أشار أندرو ريد -الأستاذ في جامعة ولاية بنسلفانيا الذي يدرس تطور الأمراض المعدية- إلى حقيقة أن جدري القردة يبدو أنه ينتشر بين جهات الاتصال الوثيقة بشكل أكثر كفاءة مما لاحظه العلماء في الماضي.
كم يبلغ حجم جينوم جدري القردة مقارنة مع جينوم كورونا؟
جدري القردة هو أحد فيروسات الحمض النووي، لا يتحور بسرعة فيروسات الحمض النووي الريبي مثل فيروس كورونا، لكن ريد أشار إلى أن فيروسات الحمض النووي لها جينومات طويلة: فجينوم جدري القردة أكبر بـ7 مرات من فيروس كورونا.
وقال “حقيقة أن لديه الكثير من الجينات ليلعب بها تعني أن كل أنواع الأشياء يمكن أن تحدث”.
وقال ستيفن مورس، أستاذ علم الأوبئة بجامعة كولومبيا، إن الأمر يستحق التحقق مما إذا كان أحد المتغيرات ينتشر بسهولة أكبر من الآخر.
77 إصابة بجدري القردة في كندا والوضع في كيبيك مقلق
وأحصت كندا -حتى الجمعة- 77 إصابة مؤكدة بجدري القردة، رُصِدت غالبيّتها تقريبًا في كيبيك التي اعتبرت السلطات أن الوضع فيها “يبعث على القلق”.
وأبلغت كندا عن أول إصابتين يوم 20 مايو/أيار الماضي في تلك المقاطعة الناطقة بالفرنسية.
وقال الدكتور هوارد نجو، المسؤول في وكالة الصحة العامة الفدرالية، خلال مؤتمر صحفي، إن الوضع يُعد “مقلقًا”. وأشار إلى أن السلطات تخشى خصوصًا “ظهور حالات” تتفشى بين “العائلات وتؤثر في النساء الحوامل أو الأطفال الصغار”.
وذكر أيضًا أن هذا الانتشار لا يقتصر على “مجموعة أو بيئة محددة”؛ وبالتالي يمكن أن يؤثر على “أي شخص بغض النظر عن هويته الجنسية أو توجهه الجنسي”.
وقد تلقت المقاطعة لقاحات مضادة للجدري يمكن أن تكون فعالة في حماية المخالطين للمصابين بجدري القردة.
ولا يوجد أي علاج أو لقاح متاح حاليًا لمكافحة هذا الفيروس، لكن التطعيم ضد الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية من جدري القردة.
فرنسا تسجل 51 إصابة بجدري القردة
وأعلنت السلطات الصحية الفرنسية الجمعة اكتشاف 51 إصابة بجدري القردة، وسط ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة في جميع أنحاء العالم.
وأبلغت باريس عن أولى الإصابات في مايو/أيار الماضي، وكان إجمالي عدد الإصابات المؤكدة الأربعاء الماضي 33 حالة.
وقالت هيئة الصحة العامة الفرنسية إن جميع الإصابات سُجّلت لدى رجال تراوحت أعمارهم بين 22 و63 عاما، وإن شخصا واحدا فحسب دخل المستشفى وخرج لاحقا منه.
وحث مسؤولو الصحة الأميركيون الأطباء على إجراء اختبارات جدري القردة في حالة الاشتباه فيه، قائلين إنه قد يكون هناك انتشار على مستوى المجتمع، لكن من السابق لأوانه القول إذا ما كان المرض سيتحول إلى وباء، مضيفين أن المخاطر على الصحة العامة لا تزال منخفضة.
وقال مسؤولو المراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف إنه تم تسجيل 21 إصابة بالمرض حتى الآن في 11 ولاية على الأقل، مع عزل المرضى للمساعدة في منع العدوى.
Views: 17