كل المؤشرات تدلّ على أن “الصيفية” ستكون واعدة، وستدرّ على الإقتصاد بين 3 و4 مليارات دولار أميركي بفضل توافد المغتربين والسيّاح الى البلاد. المؤسسات السياحية تتحضّر لانطلاقة الموسم المتوقع أن يبدأ في الأسبوع الأول من شهر تموز وتعمل على إنجاز اللمسات الأخيرة في ظلّ الصعوبات التي تواجهها. ولكن الى أي حد سيشكّل انقطاع الكهرباء والمياه عائقاً أمام توفير الخدمة للنزلاء 24/24؟
يعد لبنان وجهة سياحية خلابة تتميز بمعالم تاريخية تجعل منه قبلة الدول الخليجية والأوروبية، بالاضافة الى المطبخ اللبناني المتنوّع وحسن الضيافة والحياة الليلية الصاخبة، فيناسب مختلف الأعمار والأذواق.
ولطالما برز القطاع السياحي من بين القطاعات الاقتصادية الرائدة في لبنان، كونه يشكّل مصدراً رئيسياً للدخل والتوظيف، ومن أهم مصادر الدخل لخزينة الدولة، حيث كان منذ القدم ولا يزال يُشكّل دعامة للاقتصاد الوطني اللبناني. إلا أنّ سلسلة من الأحداث عصفت بلبنان بعد 17 تشرين حيث اندلعت أزمة إقتصادية وتلتها أخرى مالية خانقة، فانهارت العملة الوطنية، والتوترات السياسية والأمنية فاقمت الوضع إضافة الى جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب، ما أدى الى اغلاق عدد كبير من المؤسسات السياحية. ولكن اللبناني «بحب الحياة وبحب يعيش»، ونراه يقضي نهاره وليله في المطاعم والمقاهي والملاهي. اليوم مع قدوم السيّاح وضخ العملة الخضراء، هل يعود القطاع السياحي الى الحياة؟ وهل سيشهد لبنان تحسناً اقتصادياً بعد أكثر من عامين من الجمود؟
مليون و200 ألف وافد
«موسم صيفي واعد ينتظر لبنان، وعلى الرغم من إغلاق قسم لا يستهان به من الفنادق تحديداً في العاصمة بيروت بعد الأثر الذي تركه انفجار المرفأ، فإن نسبة الاشغال في الفنادق لشهر حزيران تقدر بنسبة تتراوح بين 50 و60 في المئة»، يقول مدير عام فندق لانكستر- الروشة وليد إسماعيل، «أما الحجوزات لشهر اَب فما زالت خجولة على الرغم من قدوم عدد كبير من السياح، وذلك لأن العدد الأكبر من الوافدين هم من المغتربين اللبنانيين الذين يمتلكون منازل في لبنان. أما بالنسبة الى الجنسيات الأخرى، فتأتي الجنسية العراقية في المرتبة الأولى ومن بعدها بعض الأردنيين والمصريين».
وماذا عن مشاكل الكهرباء والمياه؟
يقول إسماعيل: «إن مشكلتي المياه والكهرباء ليستا فقط عائقاً على الفنادق، بل هما الهم الأكبر والاوحد، لأن اليوم أصبح على عاتق كل فندق تأمين الكهرباء بنفسه ما يؤدي الى ارتفاع كلفة التشغيل على اصحاب الفنادق. وقبل بدء الأزمة، كانت أغلب الفنادق مزودة بمولدات احتياطية في حال طرأ أي عطل في الكهرباء. أما اليوم فأصبحت هذه المولدات هي الطاقة الوحيدة المتوفرة، وارتفعت ساعات دورانها الى 23 ساعة في اليوم الواحد. أما بالنسبة الى تأمين المياه فارتفعت تكلفتها بشكل ملحوظ، ما يفسر ارتفاع الأسعار. ويشير إسماعيل الى «إغلاق عدد كبير من الفنادق أبوابها (فنادق 5 نجوم : فور سيزونز، فينيسيا، لو غراي وغيرها) رغم بدء الموسم وذلك بسبب الكلفة التشغيلية العالية، فهناك عدد كبير من الوافدين، وعلى الرغم من تراجع الأسعار بالنسبة لهم، يدرسون مصاريفهم ويحددونها. إذاً يواجه اليوم أصحاب المؤسّسات تحدّيات عدة، ولكن يبقى همهم الاساسي خدمة زبائنهم وتأمين كافة أنواع الخدمات لهم لو مهما ارتفعت اسعارها».
حصة أكبر لفنادق الجبل والساحل
أوضحت مصادر متابعة لـ«نداء الوطن» إن حصة فنادق الجبل وتلك الموجودة على الساحل والمطلة على البحر أكبر من تلك الموجودة في العاصمة بيروت، واللاَعب الأساسي هو المغترب اللبناني. وفي الحالة الطبيعة، كانت الحجوزات تتركز في الفنادق الموجودة على الساحل وفي الجبل وليس في بيروت ولا علاقة للأجواء الحارة بشكل مباشر في الحجوزات.
ويعود هذا الامر أيضاً الى ازدهار السياحة الداخلية باعتبارها مقصداً أساسياً للزوار من جهة، واللبناني المقيم في البلد من جهة أخرى، خاصة بعدما أصبحت إقامة اجازة خارج البلد تكلفه الملايين، فيحاول أن يجد مغامرات جديدة في لبنان. ورغم الأزمات المتتالية، استطاع اللبناني تطوير السياحة الداخلية وخلق مغامرة جديدة عن طريق بيوت وأماكن لإقامة العطلات فيها والتي أصبحت أسعارها أفضل وأوفر من ايجارغرفة في فندق (150 دولاراً لليلة واحدة في فندق مقارنة بـ 240 دولاراً في بيوت الضيافة)، مع الخدمات الإضافية التي تقدمها (كمسبح خاص بها، دراجات هوائية، حديقة حيوانات للأطفال…) فتميل العائلات اللبنانية الى تمضية عطلتها في هذه الأماكن، أما الفنادق فلا يقصدها إلا رجال الأعمال وبعض السياح الراغبين بالتعرف على البلد».
اذاً، لبنان أمام فرصة حقيقية لالتقاط أنفاسه خلال فصل الصيف، مع توافد المغتربين وإدخال العملة الصعبة الى البلاد. أما بالنسبة الى المواطن المقيم في لبنان الذي يتقاضى راتبه بالعملة الوطنية، فتسعيرة المنتجات السياحية بالنسبة اليه هي بعيدة المنال و«شم ولا تدوق».
Views: 10