في ظلّ الإهمال المتعمّد لمعالجة الأزمة المالية، والتي تأتي من ضمنها اعادة هيكلة المصارف، تطرح القطاعات الإنتاجية الصوت، لأنّها ما عادت قادرة على انتظار إعادة تكوين النظام المصرفي. فهي بحاجة للتمويل، ولضخ الاموال كي يتحرّك الانتاج، وهو مصدر اموال جديدة بدل تلك التي تُصرف من دون ان يتوفر البديل عنها. انطلاقاً من ذلك، انطلق طرح Good bank و Bad bank فهل يبصر النور؟ وهل هو حل واقعي؟
عقدت لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط جلسة أمس في المجلس النيابي برئاسة النائب ميشال ضاهر في حضور الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. وجرى خلال اللقاء طرح فرز المصارف بين Good bank، أي تلك القابلة للاستمرار، و bad bank غير القابلة للاستمرار، كمخرج للأزمة المالية التي يعيشها لبنان، والتي أدّى اهمال الحلول فيها وغياب الجرأة على اتخاذ القرار، إلى أزمة اقتصادية باتت تؤثر على القطاعات الانتاجية، والتي هي المخرج الوحيد للخروج من الأزمة وعودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران بشكل طبيعي.
في السياق، يؤكّد رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط النائب ميشال ضاهر لـ«الجمهورية»، أنّ «مسؤوليتنا كلجنة اقتصاد كبيرة الآن، وما عاد بإمكاننا الاكتفاء بالتفرّج على معالجة المشكلة المالية وانتظار اعادة هيكلة المصارف، والتلهي بنسبة الحسم التي ستطال كل مودع، فهذا الموضوع ما عاد يحتمل الانتظار. في الواقع نحن أمام أزمة بدأت مالية، وبسبب عدم معالجتها في الوقت المناسب تحولت الى أزمة اقتصادية ساهمت في تعميق المشكلة المالية، لأنّه ولكي نتمكن من ردّ اموال المودعين، نحن بحاجة الى اقتصاد فعّال ومنتج، وكل الاموال الموجودة في المصارف اليوم تُصرف من اموال المودعين ولا يمكن تعويضها الاّ من خلال الانتاج».
انطلاقاً من ذلك طرح ضاهر خلال اللجنة جمع كل المصارف غير القابلة للاستمرار في مصرف واحد هو bad bank، ويهدف إنشاؤه لمعالجة ودائع الناس المحجوزة، على ان يستحوذ هذا المصرف على موجودات كل المصارف التي انضوت تحته، وهي ستكون المصارف غير القادرة على الاستمرار او على رفع رأسمالها. أما موجودات المصارف فتشمل ايداعاتها الصافية الموجودة لدى البنوك المراسلة في الخارج، والتي تقدّر بنحو 3 الى 4 مليارات دولار، إلى جانب الاصول العقارية والتوظيفات الالزامية التي تعود لها. فبعد تجميع كل هذه الاموال يبدأ العمل على ردّ الأموال للافراد والشركات من دون اعطائهم أي تسهيلات.
أما الـ Good Bank فهي المصارف القابلة للاستمرار من خلال قدرتها على رفع رأسمالها وضخ اموال جديدة عبر مساهميها او عبر مستثمرين جدد بهدف الاستمرارية. ونحن بحاجة خصوصاً لهذا النوع من المصارف من اجل تمويل القطاعات الانتاجية، اكانت زراعية او صناعية او سياحية. وبهذا الفرز سيُجبر كل اصحاب البنوك الذين ينوون البقاء والاستمرار بأن يعيدوا ادخال اموالهم إلى لبنان. وإذا وجد اصحاب الـgood bank انّ عددهم سيكون ضئيلاً اي نحو 4 الى 5 مصارف، سيتشجعون أكثر على إدخال اموالهم الى لبنان، لأنّ حصتهم من السوق ستكون أكبر وقد تصل إلى 20 او 25%، على عكس ما كان سائداً مع وجود نحو 69 مصرفاً في السوق سابقاً.
ورداً على سؤال، أكّد ضاهر انّه من المنطقي ألا يقدم أحد من اصحاب المصارف على رفع رأسماله في الفترة السابقة والحالية، طالما أن لا حل جذرياً واضحاً بعد للأزمة المتشعبة التي نعيشها.
وقال: «انّ الهدف الرئيسي من هذا الطرح هو الغاء ما يُعرف باللولار والليلرة وسعر صيرفة… ليعود الدولار الى قيمته الفعلية ولا يعد لولاراً ولا وهمياً، وذلك في كلا البنكين أي bad وgood bank.
وحتى وديعة قيمتها 100 الف دولار، وفي حال تمّ تحويلها الى bad bank ستظلّ قيمتها نفسها وستُردّ الى صاحبها بالدولار النقدي، انما في خلال مدة زمنية معينة. وهي مقترحة في الخطة الحالية ان تعود لأصحابها خلال مدة 20 عاماً». ورأى انّ هذه الخطة أفضل من صرف شيكات اللولار حالياً في السوق بنسبة 13% اي يسترجع صاحبها 13 الفاً من اصل 100 الف دولار.
وشدّد ضاهر على ضرورة إيقاف المقاصة بالدولار والتي هي اصل الأزمة، والعودة الى التعاطي بالعملة اللبنانية.
وأكّد انّه من خلال هذا الطرح ما عاد هناك إعادة هيكلة للمصارف، انما كل بنك يختار طريقة اذا كان قادراً على ضخ اموال جديدة يستمر وغير القادر يسلم مفاتيحه ويتحول مصرفه إلى bad bank، على انّ هذا الخيار افضل من اعلان البنك افلاسه وخسارة المودعين لأموالهم نهائياً، لأنّ الحدّ الأقصى لتغطية «ضمان الودائع» هو 75 مليون ليرة.
وعمّا اذا كان هذا الفرز بين المصارف سيكون تحت اشراف المصرف المركزي، طالب ضاهر، ولكي تتمّ استعادة الثقة بالنظام المصرفي، إلغاء الاحتياطي الالزامي نهائياً، لأنّ ولا مصرف يريد ان يستمر بالعمل سيقبل ان يأخذ من المودع وديعة بـ 100 الف دولار ويقبل ان يضع من ضمنها 15 الف دولار في المصرف المركزي المفلس، وعليه سيقتصر دور المركزي على الاشراف.
الحاج
وكان صرّح النائب رازي الحاج بعد اللقاء «انّ واحدة من أزماتنا بعد الانهيار المالي هو الاقتصاد، لم يعد هناك دورة اقتصادية طبيعية، الخسائر التي مُنينا بها ما بعد الازمة قد تكون اكثر. لذلك، فإنّه من دون اعادة اطلاق الدورة الاقتصادية لا نستطيع القول اننا نقوم بخطة تعافٍ صحيحة، ودور المصارف هو تمويل الاقتصاد، فالمصرف ليس صيرفياً، لذلك ناقشنا الاقتراح الذي تقدّم به حمود بإنشاء bad bank وتُجمع فيه كل الخسائر والموجودات، ونعود ونرى كيف نرتب قضية اعادة الودائع للناس بشكل واضح وليس بشكل تذويب هذه الودائع وتحميل الناس المزيد من الخسائر».
Views: 2