يحمل سليمان فرنجيّه صفة “المرشّح الطبيعي” لرئاسة الجمهوريّة. ثلاثةٌ يحملون هذه الصفة: هو وجبران باسيل وسمير جعجع، إلا أنّ حظوظ الأول هي الأوفر حاليّاً لأكثر من سبب.
ليست طريق فرنجيّه معبّدة للانتقال من بنشعي الى بعبدا. بين “الباءين” عراقيل يحمل أبرزها اسم جبران باسيل. أولويّة رئيس التيّار الوطني الحر، إن وَجَد أنّ خلافة الرئيس ميشال عون مستحيلة، أن تُنتخب شخصيّة وسطيّة لا تملك حضوراً شعبيّاً ولا زعامةً ولا تخرج من بيتٍ سياسيّ. اسم فرنجيّه على لائحة باسيل السوداء، أقلّه حتى إشعارٍ آخر.
ولكن، ماذا لو شقّ رئيس تيّار المرده طريقه نحو الرئاسة؟ كيف سيحكم وهل سيُخرج البلد ممّا هو فيه من أزمات تحتاج الى معجزات؟
من المؤكّد أنّ فرنجيّه لا يملك عصا سحريّة. الرئاسة حملٌ ثقيل، وقد ينتهي أيّ رئيس مقبل في عزلة إن لم ينجح في إنقاذ البلد. ولكنّه يرغب في أن يترك بصمةً، ولا يكون عابر سبيلٍ في قصرٍ يُخشى أن يصبح فارغاً في ١ تشرين الثاني المقبل.
يمتاز فرنجيّه، بين سائر قيادات ما كان يُسمّى ٨ آذار، بأنّه قادر على بناء الجسور أكثر من براعته في هدمها. هو صديق إيران وليس عدوّ السعوديّة، ومؤمنٌ بأنّ لبنان لا يمكنه أن يكون مع هذه ضدّ تلك. هو قريبٌ من سوريا ولكنّه مدركٌ بأنّ لبنان لا يُحكم من دمشق بل بالحرص على التوازنات الداخليّة وبمدّ اليد للجميع، للخصوم قبل الأصدقاء.
ويعرف فرنجيّه، الزغرتاوي الماروني المسيحي الذي يرأس كتلةً نيابيّة حصلت على أكثر من خمسين ألف صوتٍ مسيحي، أنّ نزع سلاح حزب الله مستحيل اليوم، والبديل هو الذهاب مع حزب الله، وحتى مع القوات اللبنانيّة، نحو النهوض بالدولة والخروج من الانهيار واستعادة ثقة اللبنانيّين بدولتهم، وهي معدومة اليوم.
يؤكّد عارفو فرنجيه أنّه لا يملك عقدة التواصل مع أحد، قبل الرئاسة أو بعدها. وهو لا يحمّل مسؤوليّة ما بلغناه لفريقٍ أو عهدٍ أو رجل. يرى أنّ الدولة بُنيت، منذ العام ١٩٩٢، بطريقةٍ خاطئة وكانت سياسات ماليّة ندفع ثمنها اليوم. ولكنّه، إن أقام في بعبدا، لن يمارس سياسة الانتقام من أحد، ولن يقفل بابه أمام أحد، وهو لا يمانع أن يتوقّف عند آراء الكتل والزعماء، بل لا يرفض فكرة أن يشاركوه في بعض القرارات، شرط أن يكون للبلد رئيسٌ واحد لا ظلّ له ولا ابناً ولا حاشية يحكمون عنه أو باسمه.
وهو لن يزرع “جماعته” في الوزارات والإدارات، فيحتكر تمثيل طائفته، بل سيبحث عمّن يملك الكفاءة ولو كان خصماً، وهذه البصمة الأكبر التي يرغب بتركها.
يجلس فرنجيّه اليوم على ضفّة النهر، منتظراً سقوط المرشّحين، الواحد تلو الآخر. الرئاسة صعبة قبل ٣١ تشرين الأول، أمّا بعدَه فخلط أوراق ومن “ينفخ ريشه” في هذه الأيّام قد يضطرّ الى العودة الى حجمه الطبيعي والحوار مع الآخرين.
فرصته متاحة اليوم، وربما تكون الأخيرة، من يدري. قد يكون البلد أيضاً أمام فرصة أخيرة، فإمّا يبدأ باستعادة عافيته وإمّا قد يحتاج الخروج من الجحيم الى انتظار ستّ سنوات أخرى… هذا إن خرجنا.
Views: 1