شرين- بشرى سمير:
وجد العديد من ضعاف النفوس في الظروف المعيشية الراهنة في مبادرة “خدني بطريقك”، التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتركز على نقل الناس مجاناً في ظل أزمة النقل الخانقة، التي تمر بها البلاد، نتيجة ضعف التوريدات النفطية، فرصة سانحة لهم للتحرش بالفتيات والنساء اللواتي أعياهن الوقوف الطويل في انتظار وسيلة نقل تقلّهم إلى أماكن عملهم أو إلى الجامعة، ورغم أن ظاهرة التحرش موجودة سابقاً، لكنها في هذه الظروف أخذت بالازدياد ونعتقد أن هناك فتيات وسيدات كثر تعرضن للتحرش بشكل من الأشكال.
أكثر من مرة
وتقول آلاء محمد طالبة في السنة الأولى في الجامعة إنها تعرضت لأكثر من مرة إلى مضايقات من شباب يركبون سيارات فارهة، وبحجة أنهم يريدون إيصالها إلى الجامعة من باب الإنسانية، إلّا أنه سرعان ما بدأ يتطاول بالكلام المعسول والمساومات مستغلاً حاجتها للنقل.
باحثة اجتماعية: كلما قلّ المستوى الأخلاقي كثر التحرش
وقالت حنان (21 عاماً)، طالبة جامعية في دمشق: قبل أزمة الوقود كنا نعاني من الازدحام الشديد وقلة الباصات، طبعاً لم ولن أفكر في ركوب سيارة أجرة، فالمبلغ الذي قد أدفعه يكفيني لدفع تنقلاتي لمدة خمسة أيام، لكن بعد أزمة الوقود زاد الأمر سوءاً، ولم نعد نجد مكاناً في الباص، وغالباً ما تقف سيارات خاصة يقودها إما شاب أو رجل بعمر والدي، ويدعوني للصعود معه لإيصالي وسط إلحاح، ونظرات كلها إيماءات وتحرش مفضوح، كلمات غزل رخيص وأشارت إلى أنها باتت تخشى التأخر عن المنزل بسبب التحرش.
فيما أشارت هدى الطالبة في الصف العاشر إلى أنها تتعرض للمضايقات من بعض الشبان، وهي في طريقها إلى المدرسة من خلال مدح جمالها أو محاولة أخذ رقم هاتفها.
أضرار نفسية واجتماعية
وتوضح الباحثة الاجتماعية سوسن السهلي أن التحرش هو ظاهرة منتشرة جداً في الكثير من البلدان بمستويات ونسب مختلفة، ويُصنّف التحرش ضمن أنواع العنف المعنوي والنفسي ضد المرأة، أحياناً يسبب الكثير من الأضرار النفسية للمرأة والأسرة والمجتمع. يتضمن التحرش في الشارع والعمل بعض هذه السلوكيات، والتي أغلب الفتيات والسيدات تعرفها وتتضمن الغمز أو الصفير، أو المتابعة اللصيقة أثناء السير أو الطلب المستمر للاسم الشخصي والأرقام والمعلومات الأخرى، وأحياناً اللمس والشد والمسك من دون موافقة، أو التعليق على المظهر الجسدي، مثل الجسم أو الملابس، وهناك من يلجأ إلى التقاط الصور من دون موافقة الفتاة أو المرأة.
تدني المستوى الأخلاقي والفقر
وتضيف السهلي: يتضمن التحرش في الشارع أو في العمل، الإيماءات والتعليقات والسلوكيات التي تحدث في مكان عام أو مغلق، من دون موافقة الشخص الذي يتعرض للمضايقة، ويزداد احتمال التعرض للتحرش أكثر حسب تدني المستوى الأخلاقي والاقتصادي للمتحرش، بسبب عدم القدرة على الزواج، فكلما قلّ المستوى الأخلاقي وازدادت الحاجة إلى المال، كثر التحرش، ولفتت السهلي إلى ضرورة توعية الأهل الفتيات حول كيفية التعامل مع التحرش في الشارع والعمل، من خلال الحفاظ على الهدوء، وتجاهل المتحرش في البداية، وعدم زجره بصرامة ولفت انتباه الناس عند استمراره في التحرش، وتجنب تبادل الشتائم والعدوان في الشارع لأن المتحرش قد يكون مجرماً.
أسباب التحرش
وعزت الباحثة السهلي أسباب التحرش إلى الكبت الجنـسي، والتي تعود إلى التربية السيئة التي تلقاها الشخص من أهله وانعدام الأخلاق، وعدم وجود عقوبات رادعة، أو عدم التجريم القانوني، ومن الأسباب أيضاً تساهل المجتمع مع المتحرش، ومسامحته وإيجاد أسباب وتبريرات لسلوكه واتهام الفتيات بعدم الحشمة.
لا توجد عقوبات رادعة
من جهته المحامي مروان سرور أشار إلى أنه للأسف لا يزال التحرش غير معاقب عليه قانونياً في الكثير من البلدان، ومنها سورية إذ لا يوجد في القانون السوري أي مادة تعاقب المتحرش، علماً أن من أهم الوسائل التي يمكن أن تقلل من التحرش في الشوارع ضد المرأة هي تجريم التحرش قانونياً، وزيادة الأمن الاجتماعي والنفسي للمرأة، التي يجب مراعاتها من الحكومات، منوهاً بأنه لا توجد إحصاءات أو أرقام لعدد حوادث التحرش، بسبب إخفاء التحرش من الضحية، وتسامح المجتمع والقانون، في بعض الأحيان تتعرض بعض النساء للتحرش في العمل، أو في الشارع أو المنتزه أو البيئة التعليمية، وغيرها من التجمعات العامة، ويتسترن عن ذلك ويفضلن عدم إبلاغ الأسرة والقضاء، بسبب بعض الاعتقادات الثقافية، ومنها الخوف على كرامتهن، وتؤدي هذه الظاهرة إلى جرأة المتحرشين على تكرار التحرش، والمضايقات مرة أخرى.
محامٍ: لابدّ من إعادة النظر بالقانون ووضع بند صريح بالتحرش وتحديد العقوبات الرادعة
ولفت سرور إلى أن قانون العقوبات السوري عاقب هذا الجرم في مادته /506/ التي تنص على أن “من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملاً منافياً للحياء أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلّاً بالحشمة، عوقب بالحبس التكديري من يوم إلى ثلاثة أيام، أو بغرامة لا تزيد على خمس وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً، منوهاً أنه لم يرد لفظ التحرش بشكل صريح، ومؤكداً أنه لابدّ من إعادة النظر بالقانون ووضع بند صريح بالتحرش وتحديد العقوبات الرادعة.
Views: 18