لفتت أنظار العالم نتيجة انتخابات الرئاسة التركية التي جرت مؤخراً، حيث احتدم الصراع الداخلي بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة جميعها بعد أن شكلت جبهة موحدة لإسقاط أردوغان واقتربت من هذا الهدف في الجولة الأول، ولم يحصل أيٌّ من الطرفين على نسبة الـ50%، فأعيدت الانتخابات في جولة ثانية بعد أسبوعين، عاش فيها أردوغان وضعاً صعباً جداً، وسط احتمالات قوية بفوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، وجاءت نتيجة الجولة الثانية ليفوز فيها أردوغان بفارق بسيط عن كليتشدار أوغلو، ما حدا بكثير من المراقبين والمتابعين إلى وصف النتيجة بأنها فوز لأردوغان بطعم الهزيمة.
والسؤال: ماذا بعد الانتخابات واستمرار أردوغان في رئاسة تركيا لفترة قادمة مدتها خمس سنوات، هل سيتغير شيء في السياسة التركية خلال هذه الفترة وخاصة السياسة الخارجية ولاسيما مع دول الجوار؟.. وما يهمنا بالتحديد العلاقات مع سورية حيث وصلت مع حكم أردوغان خلال السنوات الماضية، إلى أقل من الحضيض، بل انقلبت إلى عداوة صارخة نتيجة تبني رئيس النظام التركي رجب أردوغان للمشروع الإرهابي ضد سورية، وفتحه الحدود على مصراعيها أمام المجموعات الإرهابية المسلحة، واحتلاله أجزاءً من الأرض السورية في الشمال الغربي.
وعلى الرغم من محاولات روسيا وإيران الحثيثة لإصلاح العلاقات بين سورية وتركيا طوال السنوات الخمس الماضية، إلّا أن تقدماً ملموساً لم يحصل، نتيجة إصرار النظام التركي على احتلاله للأرض السورية، وإصرار أردوغان شخصياً على استمرار الاحتلال، كما صرّح في فترة ترشحه للرئاسة، وكان ذلك جزءاً من برنامجه الانتخابي، ما يشي بأن احتمال حصول تقدم في العلاقات السورية التركية هو احتمال ضئيل جداً، لأن سورية لن تقبل بإعادة العلاقات إلى طبيعتها إلّا بانسحاب تركيا من أراضيها، وهذا حق سيادي ثابت لا يمكن التنازل عنه، وإذا ما بقي أردوغان متمسكاً بالاحتلال فلا مجال لتحسن العلاقات بين البلدين بأي شكل من الأشكال.
سورية من جهتها ترغب بعودة العلاقات مع تركيا مثلما يرغب بشدة الشعب التركي، ولذلك استجابت لدعوة موسكو للاجتماع بالجانب التركي، وإذا كان أردوغان قد أراد من العلاقة مع سورية مجرد ورقة انتخابية فإنّ الانتخابات انتهت وسوف تظهر نياته على حقيقتها، فمن دون سحب قواته من الأراضي السورية لن تعود العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين مهما كانت الحيل والمناورات، التي لم تنفع سابقاً، ولن تنفع في المستقبل
Views: 28