يترقّب العدو الاسرائيلي وحلفاؤه الغربيون، وكذلك حلفاء «حزب الله» ومناصريه، خطاب الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعد ظهر الجمعة المقبل، لمعرفة اتجاه المرحلة المقبلة، وفك شيفرة نيّات المقاومة.
ليس خافياً انّ صمت السيّد نصرالله المقصود والمدروس منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة، حوّل موقف المقاومة وحقيقة خياراتها الى «أحجية» حيّرت الكيان الاسرائيلي ودفعت العواصم الغربية عبر سفرائها وموفديها الى التدخل، الناعم حيناً والنافر حيناً آخر، لدى الحكومة اللبنانية حتى تضغط على الحزب للاستحصال منه على «كلمة السر» التي يخفيها.
بالطبع، لم يتجاوب الحزب مع مسعى استدراجه، على وقع التهويل والتهديد، الى البوح بما يُضمره وما يخطط له، تاركاً لسلاح الغموض الذي يجيد استخدامه ان يفعل فعله في السياسة والميدان، الى حين نضوج اللحظة المناسبة لظهور امينه العام بالصوت والصورة.
ويبدو ان هذه اللحظة حانت، مع الاعلان رسمياً عن موعد إطلالة السيد نصرالله في خطاب منتظر، وُضع ضمن إطار «الاعتزاز والافتخار بالشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس دفاعاً عن غزة والشعب الفلسطيني والمقدسات»، كما ورد في الخبر الذي وزعته «العلاقات الإعلامية».
هكذا، قرر «السيد» ان يكسر الصمت الطويل بعدما استنفد الغموض أغراضه في الحرب النفسية والميدانية التي تمتد من قطاع غزة الى الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
لكن الأمر لم ينته هنا، إذ وكما انّ سكوت «السيد» منذ بداية الحرب دفع الى التساؤل عن أسبابه والاجتهاد في تفسير دلالاته، فإن خطابه المرتقب بعد ايام نقل وجهة علامات الاستفهام نحو التساؤل عن دوافع الكلام الآن ولماذا في هذا التوقيت بالتحديد، وليس من قبل او بعد.
بل انّ هناك من توقف أيضا عند الكشف عن تاريخ الاطلالة باكرا، اي قبل خمسة أيام من موعدها، محاولاً تبيان ما اذا كان هناك اي مغزى لذلك.
وبمعزل عن وجود حسابات للاعلان المبكر من عدمه، فإنّ الأكيد ان الوقت الفاصل عن الاطلالة سيكون حافلا بالاستنتاجات والتحليلات، خصوصا في كيان الاحتلال الذي سينشغل قادته منذ الآن بدرس الاحتمالات، الأمر الذي يُحسب للحزب في الحرب النفسية.
أوساط قريبة من الحزب تربط تحديد ظهور «السيد» في هذا التوقيت باتضاح مجمل صورة الحرب لديه، سواء في غزة او في الجنوب، تبعاً لمجريات المواجهة على الأرض وللمواقف الدولية والاقليمية التي تواكبها، بحيث أصبح قادرا على رسم الخيارات والمعادلات بناء على ما أفرزته المعارك العسكرية والسياسية، مع الأخذ في الاعتبار ان الايام القليلة المقبلة قد تحمل مزيدا من التطورات التي لا بد من ان تنعكس على محتوى الخطاب الذي ستبقى مسودته قابلة للتنقيح والتعديل حتى صباح الجمعة.
وبالترافق مع حسم إطلالة «السيد»، لوحِظ انّ رقعة القتال في الجنوب، وصولا الى شمال فلسطين المحتلة، تتسِع تارة لتشمل مناطق في العمق، وتنحسر طورا لتنحصر في مواقع عسكرية على جانبي الحدود، وهو ما وضعته الاوساط القريبة من الحزب في سياق مقتضيات الحرب وديناميتها، مؤكدة ان قواعد الاشتباك السابقة سقطت مع بدء العدوان على غزة والمواجهات على الحدود الجنوبية، «وبالتالي فهي لم تعد سارية المفعول ولا يصح الركون اليها لفهم ما يجري في الميدان».
وتلفت الاوساط الى انه لا بد من انتظار نهاية المواجهة لمعرفة اي نوع من قواعد الاشتباك سيُعتمد في المرحلة المقبلة، وهل سيُعاد الاعتبار الى تلك القديمة ام سيظهر شيء جديد، «اما الأكيد حالياً فهو انّ الحزب منخرط في حرب حقيقية ولو انها لا تزال مقيدة حتى الآن؟»
Views: 18