كمال خلف
دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة سجل أطول الحروب التي تخوضها إسرائيل منذ قيامها على ارض فلسطين عام 1948، متجاوزة حرب اجتياح بيروت عام 1982 والتي دامت 80 يوما، وانتهت بخروج قوات الثورة الفلسطينية ودخول الجيش الإسرائيلي بيروت، لتبدأ مرحلة أخرى من المقاومة أخرجت الجيش الإسرائيلي مناديا “”يا اهل بيروت لا تطلقوا النار نحن منسحبون””.
لم يكن الجيش الإسرائيلي في تلك الحقبة من تاريخ الصراع، يماثل الجيش الذي يقاتل الان في غزة، فالفارق بات واضحا ليس على مستوى أداء الجيش فقط، انما ينسحب ذلك على القيادة السياسية، وحال إسرائيل الكيان والدولة ككل.
سأكتفي هنا بالإشارة الى عينة من وقائع مرتبطة بالجيش الإسرائيلي وعمله في غزة خلال مدة اليومين الماضيين فقط، وسأترك للقارئ العزيز ان يكتب السطور الأخيرة من هذا المقال حول مصير وجود هذا الجيش في غزة، وقدرته على تحقيق اهداف المستوى السياسي ” نتنياهو وغالانت”.
مساء امس قالت القناة 13 الإسرائيلية إن جنودا أصيبوا في معارك غزة ويتلقون العلاج حاليا يرفضون زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لهم في مستشفى هداسا بالقدس المحتلة وهذه ليست المرة الأولى. الجرحى من الجنود فعلوا ذلك في مستشفى شيبا في تل ابيب. ليس لهذا الا تفسير واحد ان هؤلاء يشعرون ان القيادة السياسية زجت بهم الى المحرقة وهي من تتحمل مسؤولية اصابتهم.
ويوم امس أيضا نقلت وسائل الاعلام العبرية، ان جنديا نائما استيقظ من كابوس، فاخذ بندقيته واخذ يطلق النار على جدران الغرفة وأصاب الجنود الاخرين النائمين. وتم تأجيل التحقيق معه في الحادثة بسبب وضعه الصحي المنهار. وامس ايضا انتشر مقطع فيديو على منصات التواصل بشكل كثيف لجنود في جيش الاحتلال يتبادلون اللكمات والتضارب بالأيدي من على سطح بيت في غزة، ويسقط احدهم الاخر على الأرض ويوسعه ضربا.
وسائل الإعلام الإسرائيلية أفادت اول امس عن موت جندي بسبب مرض فطري مقاوم للعلاج انتشر في جسده، وقالت ان المرض انتشر بعدد من الجنود، ولم تورد وسائل الاعلام العبرية تفاصيل اكثر حول هذا الموضوع، او ماهي أنواع هذه الفطريات التي انتشرت بين الجنود. وبالتأكيد لا تمهل المقاومة الفلسطينية الفطريات او الامراض، فهي ترسل الجنود الى المقابر تباعا ويوميا. ولم تعد الخسائر في الجيش الإسرائيلي حالة يمكن اخفاءها او التستر عليها، كما كانت تفعل الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع الأولى من الغزو البري.
اما عن إنجازات الجيش الإسرائيلي خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، فكانت نشر صورة زعم انها احدث صورة لقائد القسام ” محمد الضيف “. ولا يمكن التحقق من ذلك، فقد سبق ان عرض جيش الاحتلال وثائق ونسخة عن هوية شخصية ” مكتوب عليها ” محمد الضيف “، ولكن غاب عن ذهن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ان ” الضيف” هو لقب القائد القسامي وليس كنيته في الوثائق.
القبض على صورة “الضيف” الجديدة حسب الاعلام الإسرائيلي ترافق مع صيد ثمين اخر وهو ” حذاء السنوار” وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته وصلت إلى مكان السنوار أخيرا لكنهم لم يجدوا بداخله سوى دمية وحذاء.
اذا حسب اعلان الجيش الإسرائيلي فقد السنوار حذاءه، وصار الحذاء اسيرا بيد الإسرائيلي وقد يطالب به السنوار لاحقا في صفقة التبادل المقبلة. ذكرني حذاء السنوار العتيق بمندوب إسرائيل في الأمم المتحدة ” جلعاد اردان ” الذي رفع يافطة بلقطة مسرحية على منبر الأمم المتحدة مكتوب عليها رقم هاتف السنوار، وتبين ان رقم الهاتف لا علاقة له بالسنوار، وردت حركة حماس بنشر رقم هاتف ” جلعاد اردان ” فانهالت عليه الرسائل الساخرة من كل انحاء العالم.
هذه عينة من احداث اخر يومين فيما يتعلق بهذا الجيش الذي لا يقهر، وعمله في الميدان.
وعلى مدار الثمانين يوم الماضية كان هناك من الاحداث الكثيرة ما يثير العجب والسخرية من المستوى الذي وصل اليه هذا الجيش في القتال، حالة الفوضى والتخبط طبعت أداء الجيش الإسرائيلي، عدا عن العجز الكامل في تحقيق أي من الأهداف المعلنة والمكررة يوميا، حتى المتحدث باسمهم المدعو ” هاغاري” بات مملا ويكرر نفس الكلام العمومي وبات موضع سخرية حتى من الإسرائيليين انفسهم.
هم ماهرون فقط بقتل الأطفال وتدمير البيوت من الجو، وهذه مهاره مخزية، تعتمد على التفوق الجوي والطائرات الامريكية الحديثة، وانعدام الاخلاق والاجرام.
بناء على عينة العرض السابقة، ما هو مصير هكذا جيش في غزة؟ هل يمكنه احتلال غزة والبقاء فيها؟ هل هو قادر على خوض حرب إضافية الان على الجبهة الشمالية مع حزب الله، حيث القدرات اضعاف ما لدى المقاومة الفلسطينية في غزة؟ هل هو جاد في تهديد ايران بحرب تقضي على البرنامج النووي الإيراني؟ هل هو موضع ثقة لحماية أنظمة عربية تهرول للتطبيع معه؟
كما ذكرت سابقا تكملة هذا المقال والاجابات على هذه الأسئلة ستكون من مهمة القارئ العزيز.
كاتب واعلام
Views: 31