رهام ماجد قنبر
اليوم سنفتح نافذة من نوافد الكاتب مايك كلايتون لنلقي نظرة على فن الاتصال الآسر الذي يزيّن الحديث بطلاقة ويفتح آفاق الحوار لأبعد الحدود.
أطلت نافذة اليوم على مركزية الاتصال الناجح في الحياة العملية والشخصية، وأشار كلايتون إلى أن كل كلمة ننطق بها وحتى الصمت الذي نلجأ إليه يمكن أن يكون بمثابة رسائل ذات معانٍ عميقة.
حيث أنه يؤكد على أهمية التوقيت والتناغم في الحديث مثل الكلام بالموسيقى يجب توافر النغم الصحيح واللحن المناسب للوصول إلى القلب والعقل سويةً.
نبرة وسرعة وحجم الصوت تلعب دوراً مهم في كيفية استقبال الرسالة من قبل المستمع،و هي مكونات أساسية في التواصل الفعال .
فنبرة الصوت تحمل معانٍ حقيقية خلف الكلمات التي ننطقها ، كالنبرة الودية والدافئة تعطي المستمع شعور بالراحة والقرب، بينما النبرة الحادة أو العدوانية قد تجعل المستمع في حالة من الدفاع أو الانسحاب.
بينما السرعة: فإن الحديث البطيء جدا قد يعطي الانطباع بأن الشخص ليس واثقاً من نفسه أو أنه غير واضح. ومن جانب معاكس فإن الكلام السريع يجعل الأفكار غير واضحة ويُشعر المستمع بالتوتر.
فلذلك يجب مراعاة السرعة المثلى للحديث لتتيح للمستمع وقتًا كافيًا لفهم الرسالة واستيعابها.
أما حجم الصوت فهو في غاية الأهمية، لأن الصوت المرتفع قد يُعتبر مُقلقًا أو عدوانيًا بينما يمكن أن يعكس الصوت الخافت عدم الثقة أو الخجل.
فهنا أشار مايك إلى أنه يمكن استخدام تغييرات في حجم الصوت بفعالية للتأكيد على النقاط الرئيسية أو لتوجيه الانتباه.
لا شك أن استخدام هذه العناصر بمهارة يتطلب خبرة ناتجة عن ممارسة ووعي ذاتي وفهمًا عميقًا لديناميكيات التواصل الشفهي.
وأيضا من المفيد أن نكون قادرين على التعديل والتكيف بناءً على ردود فعل المستمع والموقف.
كما كان لنافذة كتاب “كيف تتحدث فيستمع الآخرون” اطلالة على ضوء التأمل في مؤشرات الجسد الناطقة أو ما يطلق عليها ( لغة الجسد ) التي تتفاعل مع الكلام لتعزز من قوته أو تناقضهِ .
في أحيانٍ كثيرة يعلمنا كلايتون كيف نقرأ هذه الإشارات ونستخدمها لتحقيق التأثير المطلوب في الحوار.
فقد أوضح كلايتون أن لغة الجسد هي عبارة عن الحركات، الأوضاع والإشارات غير الشفهية التي نستخدمها للتواصل مع الآخرين، والتي يمكن أن تشمل تعابير الوجه، اللمس، اتصال العين وحركات الجسد .
فهو شدد على أهمية فهم هذه اللغة لأنها توفر طرق تواصل غير شفوية أكثر فعالية وصدق في العديد من السياقات من الألف إلى الياء.
وهنا بعض الأمثلة الرئيسية للغة الجسد التي ناقشها:
– اتصال العين: يعتبر الإنتباه البصري واحداً من أقوى الطرق لتحقيق الإتصال . اتجاه الجسد: الإتجاه الذي نواجهه ومدى قربنا من الآخرين يحدد في كثير من الأحيان كيف يشعر الناس تجاهنا.
– تعابير الوجه: تعكس مشاعرنا وردود أفعالنا من التعبيرات الوجهية.
حاول كلايتون تزويد القارئ بالأدوات الضرورية لقراءة لغة الجسد واستخدامها لتحقيق أقصى قدر من الفعالية في التواصل كونها تشكل ركيزة هامة في فهم الكيفية التي نتواصل بها مع الآخرين يوميًا.
نستخلص من ذلك أن الإستماع الفعال يتقاسم مع الكلام نصف السياق الإتصالي، فلا يمكن إغفال دور المستمع النشيط الذي ينصت ليستوعب ويتفهم لا ليجد مدخلاً للرد فحسب.
وهذا ما أوصله لنا كلايتون في رحلتة للتعرف على فن الإصغاء الذي يمكن أن يكون محرك التغيير في أي حوار.
إن كتاب “كيف تتحدث فيستمع الآخرون” عبارة عن دليل مفصل يحث على تطوير قدرات التواصل لدينا ويشجع على تحليل الجوانب النفسية والسياقية لنجاح عملية الحوار. يجمع الكتاب بين النظريات والتقنيات العملية، بحيث يمكن للقارئ أن يأخذ بزمام المبادرة في أي محادثة ويخلق تأثيراً ملموساً وبنَّاءً.
فهذا الكتاب خارطة طريق تقودنا إلى قمة الإلقاء والتأثير، حيث الكلمات لا تقع على الأذن صدفة، بل ترسخ في الذاكرة وتولّد الفعل.
Views: 56