متابعة المهندسة هناء صالح
عالم وباحث أثبت من خلال تجربته بالمغترب شغف السوريين وحبهم للعلوم والتكنولوجيا وبعقولهم المبدعة وضعوا بصمتهم بالمجتمعات الأخرى ، ضيفنا اليوم د. رشاد القصير المقيم في الصين اهلا ومرحبا بك .
– بداية لنتعرف عليك وعلى حياتك المهنية والعلمية بالصين بلد الاغتراب .؟
– أنا من مواليد مدينة سلمية 1984م، أعمل باحثاً وأستاذاً مساعداً في المعهد العالي لأبحاث الأحياء الدقيقة والمناعة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم والتكنولوجيا في بكين، والذي يعد من أكبر وأهم مراكز الأبحاث في آسيا. وصلت الى الصين عام 2008 م لإكمال الدراسات العليا عن طريق برنامج المنح الصينية، بعد نيل الدكتوراه عام 2015 م بعدها أكملت دراسات ما بعد الدكتوراه في الاكاديمية الصينية وحتى عام 2019م ومن بعدها بدأت العمل الرسمي في البحث والاشراف والتدريس .
– لكل مجتمع خصوصيته كيف تأقلمت مع المجتمع الصيني وهل من صعوبات واجهتك ؟
– التأقلم مع المجتمع الصيني كان تجربة غنية بالتحديات والفرص فاللغة الصينية تعتبر من أكبر التحديات التي واجهتها، إذ كانت حاجزًا أمام التواصل الفعال في البداية، ولكن مع مرور الوقت والممارسة المستمرة تمكنت من تحسين مهاراتي اللغوية. التقاليد والعادات الصينية المختلفة عن تلك التي اعتدت عليها تطلبت مني التعلم والتكيف. على سبيل المثال، أهمية الاحترام في التعاملات الاجتماعية والتفاني في العمل هي قيم بارزة في المجتمع الصيني والتي تبنيتها وتعلمت احترامها.
– عملت بمجالات دقيقة كالخلايا الجذعية والنانو تكنولوجي حتى أنه تم تكريمك ، حدثنا عن تلك المرحلة؟
تجربتي في العمل بمجالات الخلايا الجذعية والنانو تكنولوجي كانت من أكثر المراحل إثارة وتحديًا في حياتي المهنية. هذان المجالان يمثلان حدود العلم الحديث، والعمل فيهما يتطلب مستوى عالٍ من الدقة والمعرفة التقنية المتقدمة.
في مجال الخلايا الجذعية كان تركيزنا على استخدام هذه الخلايا الفريدة لإيجاد حلول علاجية لأمراض مستعصية حيث قمنا بتطوير تقنيات جديدة لتحفيز نمو الخلايا الجذعية وتوجيهها لتتحول إلى أنواع محددة من الخلايا اللازمة لإصلاح الأنسجة التالفة. هذه الأبحاث كانت تحمل إمكانيات هائلة لتحسين حياة العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو إصابات خطيرة.
أما في مجال النانو تكنولوجي، فقد عملنا على تطوير مواد وأدوات على مقياس النانومتر والذي يتيح لنا التفاعل مع المواد على مستوى الذرات والجزيئات. هذه التقنية تفتح أبوابًا جديدة في مجالات الطب والهندسة وعلوم المواد. على سبيل المثال : تمكنا من تطوير جسيمات نانوية يمكن استخدامها لنقل الأدوية مباشرة إلى الخلايا المصابة، مما يزيد من فعالية العلاج ويقلل من الآثار الجانبية.
خلال هذه الفترة كنت محظوظًا بالعمل مع فريق من العلماء والباحثين المتميزين والذين كان لديهم نفس الشغف والالتزام بدفع حدود المعرفة البشرية. كانت بيئة العمل مليئة بالتحديات ولكنها كانت أيضًا محفزة للغاية، حيث كنا نعمل معًا لإيجاد حلول لمشاكل معقدة وتحقيق تقدم حقيقي في مجالاتنا.
وتكريمي من قبل رئاسة مجلس الوزراء الصينية كان تقديرًا للجهود والإنجازات التي حققناها و مشاركتي هذه لها أثر عميق في نفسي، فالسوريين معروفون بثباتهم وقدرتهم على التطور والتميز وترك بصمة أينما وجدوا. هذا التكريم لم يكن فقط اعترافًا بعملي، بل كان أيضًا تشجيعًا لمواصلة العمل الجاد والابتكار.
– خلال لقائك بالسيد الرئيس بشار الأسد أثناء زيارته للصين طرحت مبادرة التشبيك بين الجامعات السورية والصينية، إلى أين وصل هذا الطرح وهل تحقق منه شيئا على الواقع؟ وماذا يمكن أن تستفيد الجامعات السورية من هذه المبادرة؟
المبادرة لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين و شهدت تطورات إيجابية مع البدء بتوقيع اتفاقيات تعاون أكاديمي بين الجامعات، وإطلاق برامج لتبادل الطلاب والأساتذة، والعمل على إقامة مشاريع بحثية مشتركة. هذه الجهود ستثمر في بناء علاقات أكاديمية قوية وتبادل معرفي ثمين بين البلدين.
يمكن للجامعات السورية أن تستفيد بشكل كبير من تلك المبادرة والتي تشمل نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، تطوير المناهج الدراسية، تحسين البنية التحتية الأكاديمية، وتعزيز البحث العلمي من خلال المشاريع المشتركة. هذه المبادرة يمكن أن تساهم أيضًا في بناء شبكات دولية وتعزيز فرص العمل للطلاب السوريين.
كما تستفيد الجامعات السورية من مبادرة التشبيك مع الجامعات الصينية بعدة طرق متعددة ومهمة منها:
تبادل المعرفة والخبرات مما يتيح للجامعات السورية الوصول إلى أحدث الأبحاث والتقنيات والممارسات التعليمية المستخدمة في الصين. يمكن للأساتذة والباحثين السوريين تعلم تقنيات جديدة وتبني أفضل الممارسات في مجالات متعددة.
التطور التكنولوجي:
الصين معروفة بتقدمها التكنولوجي في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، النانو تكنولوجي، والطاقة المتجددة. من خلال الشراكة مع الجامعات الصينية، يمكن للجامعات السورية تطوير برامجها التكنولوجية والوصول إلى موارد ومختبرات متقدمة.
البحث العلمي المشترك:
إطلاق مشاريع بحثية مشتركة يمكن أن يعزز من جودة وكمية الأبحاث المنتجة. العمل مع الباحثين الصينيين يمكن أن يفتح مجالات جديدة للدراسة ويزيد من فرص الحصول على تمويل دولي للأبحاث.
تبادل الطلاب والأساتذة ويشكل
فرصة الدراسة والتدريس في الصين، مما يعزز من فهمهم للثقافات المختلفة ويوفر لهم تجربة تعليمية غنية. هذا التبادل يعزز من مهارات الطلاب ويزيد من فرصهم في السوق العالمي.
تطوير المناهج الدراسية:
الاستفادة من التجربة التعليمية الصينية يمكن أن يساعد الجامعات السورية في تحديث وتطوير مناهجها الدراسية لتتناسب مع المتطلبات العالمية. هذا يشمل تطوير مناهج في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) وغيرها من المجالات الحيوية.
تحسين البنية التحتية:
التعاون يمكن أن يؤدي إلى استثمارات مشتركة في تطوير البنية التحتية للجامعات السورية، بما في ذلك بناء مختبرات جديدة، وتوفير الأجهزة والتقنيات الحديثة، وتحسين المرافق الأكاديمية.
تعزيز فرص العمل والتوظيف:
من خلال تطوير التعليم والبحث، يمكن أن تساهم المبادرة في إعداد خريجين مؤهلين تأهيلاً عالياً يلبي احتياجات سوق العمل المحلي والدولي. هذا يعزز من فرص توظيفهم في الشركات والمؤسسات الكبرى.
العلاقات الدولية:
توثيق العلاقات الأكاديمية مع الصين يمكن أن يعزز من مكانة الجامعات السورية على الصعيد الدولي، ويفتح أبواباً جديدة للتعاون مع مؤسسات تعليمية وبحثية أخرى حول العالم.
بالعموم المبادرة يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز جودة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا، وتدفع بالجامعات السورية نحو مستقبل أكثر تطوراً وابتكاراً.
– – ماهي القيم التي اكتسبتها من المجتمع الصيني وما هي القيم التي استطعت أن تنشرها بالمجتمع الذي يحيط بك؟ وكيف كان تقبل المجتمع الصيني للسوريين؟
-اكتسبت من المجتمع الصيني قيمًا عديدة مثل الاجتهاد والتفاني في العمل، الاحترام المتبادل، التواضع، والتعاون الجماعي. في المقابل، حاولت نشر قيم التعلم المستمر، الابتكار، والقيم العائلية في المجتمع المحيط بي. التفاعل بين الثقافات المختلفة يعزز من فهمنا وتقديرنا للتنوع الثقافي.
أظهر المجتمع الصيني تقبلًا كبيرًا للسوريين وعاداتهم وتقاليدهم. كان هناك احترام متبادل واهتمام بالتعرف على الثقافة السورية. الصينيون كانوا دائماً يبدون احترامهم وتقديرهم للتقاليد السورية، مما ساعد في بناء علاقات إيجابية وتعزيز التفاهم المتبادل.
– ماهو الحلم الذي حملته معك من بلدك وهل تحقق ؟و ماهي الفائدة التي تشعر بانك قادر على تحقيقها لأهلك بالوطن ؟
الحلم الذي حملته معي من بلدي هو المساهمة في تطوير البحث العلمي والتكنولوجيا لتحسين حياة الناس. أشعر بأنني نجحت في تحقيق جزء كبير من هذا الحلم، فالمشاريع البحثية والابتكارات التي شاركت فيها حققت تقدماً ملموساً وساهمت في تطوير مجالات حيوية.
إقامتي في الصين تمكنني من نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة إلى سوريا، وتعزيز التعاون الأكاديمي، وتطوير برامج تعليمية متقدمة. هذه الجهود يمكن أن تساهم في تحسين جودة التعليم العالي، ودعم الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي في سوريا.
-خلال زيارة السيد الرئيس للصين تحدث عن دور المغتربين في المغترب أين ترى دور المغترب السوري خاصة حملة الاختصاصات والشهادات العليا؟
-للمغتربون السوريون دور حيوي في دعم وتنمية الوطن من خلال نقل المعرفة، وتعزيز البحث العلمي، ودعم ريادة الأعمال، يمكنهم المساهمة بشكل فعال في إعادة بناء سوريا وتطويرها. فالتعاون الدولي والشبكات التي يبنونها يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة للتعاون والتطوير.
-مانصيحتك اليوم للشباب السوري وكيف تراه ؟
الشباب السوري يمتلك إمكانيات هائلة وطموح كبير، أنصحهم بالتركيز على التعليم والتطوير المستمر، التفكير الإبداعي، والعمل الجاد، الإيجابية والتفاؤل يمكن أن يكونا دافعين لتحقيق الأهداف، التعاون وبناء العلاقات الجيدة والمساهمة في المجتمع يمكن أن يصنع الفرق. لا تخافوا من الفشل، فكل تجربة هي درس مهم.
– كلمة أخيرة توجهها للسادة القراء؟
أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعبر عن امتناني لكم على قراءة هذه الكلمات وأود أن أشارككم ببعض الأفكار والتوجيهات التي أعتبرها مهمة لكل واحد منا، خاصة في هذه الأوقات المليئة بالتحديات والفرص.
القوة في الوحدة: لا يمكننا تحقيق التقدم الحقيقي إلا من خلال التعاون والوحدة فنحن بحاجة إلى أن ندعم بعضنا البعض، ونعمل معًا لتحقيق أهدافنا المشتركة. كل واحد منا لديه دور مهم في المجتمع، وبتكاتف جهودنا يمكننا بناء مستقبل أفضل.
الاستمرار في التعلم: العالم من حولنا يتغير بسرعة، ومعه تتغير المتطلبات والمهارات اللازمة للنجاح. لا تتوقفوا عن التعلم واكتساب المهارات الجديدة. التعليم المستمر هو المفتاح للتكيف مع التغيرات ومواجهة التحديات بفعالية.
الإيجابية والتفاؤل: نواجه جميعًا تحديات وصعوبات في حياتنا، لكن النظرة الإيجابية والتفاؤل يمكن أن يكونا دافعين قويين لتحقيق أهدافنا. الإيمان بأن المستقبل يحمل فرصًا أفضل والعمل بجد لتحقيق هذه الفرص يمكن أن يصنع الفرق الكبير.
العطاء والمساهمة: لا تترددوا في تقديم يد العون للآخرين. العطاء والمساهمة في المجتمع ليسا فقط مصدرًا للسعادة الشخصية، بل هما أيضًا ركيزة أساسية لبناء مجتمعات قوية ومستدامة. كل جهد صغير يمكن أن يحدث تأثيرًا كبيرًا.
الحفاظ على هويتنا الثقافية: في خضم التغيرات العالمية السريعة، من المهم أن نحافظ على هويتنا الثقافية وتراثنا. هذه الهوية هي مصدر فخر وإلهام لنا، وتساعدنا في الحفاظ على جذورنا وتقديم مساهمات فريدة للعالم.
المشاركة الفعالة: كن نشطًا في مجتمعك، وشارك في الفعاليات والمبادرات التي تسعى لتحسين البيئة المحيطة بك. المشاركة الفعالة ليست فقط حقًا، بل هي أيضًا واجب تجاه مجتمعنا وأجيالنا القادمة.
التكيف والمرونة: القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة والمرونة في التفكير والعمل هما مفتاح النجاح في أي مجال. استعدوا دائمًا للتكيف مع المتغيرات وابتكار حلول جديدة للتحديات التي تواجهكم.
وفي الخاتمة، أعزائي نحن جميعًا نمتلك القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في حياتنا وفي مجتمعاتنا. لنستمر في العمل معًا، متسلحين بالأمل والتفاؤل، متطلعين إلى مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة. شكرًا لكم على دعمكم واهتمامكم، وأتمنى لكم كل النجاح والتوفيق في مساعيكم.
مع خالص التحيات،
كل الشكر لضيفنا العزيز د. رشاد القصير ولنا الفخر ان يخطو شبابنا خطا المبدعين المتميزين يرفعون راية العلم بكل أمانة ليسلموها للاجيال القادمة بناة المستقبل ، بناة سورية المجد والحضارة .
Views: 176