رهام ماجد قنبر
تخيل للحظة أنك أمام صندوق مغلق، عتيق الطراز ومحكم الإغلاق، وبين يديك الآن مفتاح ذلك الصندوق. داخله عصا سحرية وهذه العصا كنز يُمكنك من نحت مصيرك بأدق التفاصيل .
هذه الأداة هي “الانضباط الذاتي”، والمفتاح لفهمها واستخدامها بإمتياز تجده في صفحات كتاب “قوة الانضباط” بقلم المبدع براين تريسي.
اقترب أكثر ، فالرحلة التي نحن بصددها ليست للقلوب الضعيفة؛ إنها محفوفة بالمخاطر ، تختبر قوتك ، وتتحدى كل ما تظن أنك تعرفه عن نفسك.
براين تريسي لا يقدم لنا مجرد نظريات منمقة وإنما دعوة مفتوحة لإكتشاف القوى الكامنة في الذات.
من بين هذه النظريات والمبادئ يمكن تسليط الضوء على ما يلي:
1. نظرية الضفدعة الكبيرة : هي إحدى النظريات الشهيرة التي يطرحها الكاتب وتُشير إلى أهمية تقديم الأولوية والتعامل مع المهام الأكثر صعوبة أو تحديًا أولًا في بداية اليوم.
الفكرة هي أن إنجاز “الضفدعة الكبيرة” أولاً يوفر شعورًا بالانجاز الكبير، مما يُحفز الفرد على الإنجاز أكثر طوال اليوم.
2. قانون التركيز : تريسي يُشدد على أن الانضباط الذاتي يزداد قوة عندما يُركز الفرد طاقاته نحو تحقيق هدف محدد.
وهذا يعني أن التركيز يُنمي الانضباط، والانضباط بدوره يُعزز قدرتنا على التركيز ، هذا التآزر المستمر يُساهم في الوصول إلى النجاح.
3. مبدأ تأجيل الرضا : يعتبر تأجيل الرضا أحد المبادئ الأساسية في الانضباط الذاتي.
تريسي يُناقش كيف أن القدرة على تأخير الإشباع الفوري من أجل مكافآت طويلة الأمد هو ما يفصل الأفراد الناجحين عن غيرهم ، هذا المبدأ مهم لتحقيق الأهداف طويلة الأمد وبناء حياة مُرضية ومُثمرة.
4. قاعدة الـ (20/80) : يُركز تريسي في بعض أقسام الكتاب على فكرة أن 20% من الأنشطة تُنتج 80% من النتائج، مُشيرًا إلى أهمية تركيز جهودنا وانضباطنا على الأنشطة التي تُحدث أكبر فرق.
“قوة الانضباط” ليست معجزة في كتاب بل هو بمثابة المدرب الصارم والصديق الحنون، ينبُهك للعثرات ويُصفّق لك عند النجاحات.
تريسي يطوف بنا في ممرات عقلنا الداخلية، يُضيء أركانها المظلمة ويرينا كيف يُمكن لتلك الزاوية المهجورة التي نسميها “الإرادة” أن تصبح معقلاً لقوة جبارة تستطيع بها تحقيق المعجزات.
إنه يؤمن بقوة الإرادة الشخصية كأداة قوية لتحقيق النجاح والإنجازات ، إليكم بعض من اعتقاداته بالإرادة كيف يمكن أن تصبح قوة جبارة:
1. التركيز والتحديد : قوة الإرادة تسمح للشخص بالتركيز بشكل مطلق على الأهداف، مما يسهل إنجازها.
2. مقاومة الإغراءات : يتطرق إلى أهمية الإرادة في التغلب على المغريات والحفاظ على المسار نحو تحقيق الأهداف. من خلال قوة الإرادة يمكن للفرد تجاوز العقبات والتحديات دون التأثير على تركيزه أو إلهائه.
3. التغلب على عادات الإرجاء : تعتبر عادة التأجيل أو ما يُعرف بالمماطلة واحدة من أكبر العقبات أمام الإنجاز والنجاح ، قوة الإرادة تمكن الفرد من التغلب على هذا السلوك واتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق أهدافه.
4. الشجاعة للتغيير : الإرادة تعطي الأفراد الشجاعة للنظر في ذواتهم بصدق واتخاذ القرارات اللازمة للتغيير ، إنها أكثر من مجرد تحديد الأهداف هي القدرة على خلق تغيير حقيقي.
5. المثابرة: يشير إلى أن قوة الإرادة ضرورية للمثابرة في وجه الفشل ، الأفراد الناجحون هم الذين يستخدمون إرادتهم للوقوف مرة أخرى بعد السقوط ومتابعة مسيرتهم نحو الإنجاز.
مع كل فصل تَقلبه يتم سحبك أكثر فأكثر إلى دوامة إعادة التفكير في كل ما أنت عليه وكل ما يمكن أن تكون بتسلسل محكم ونبرة تثقيفية.
يتناول تريسي مواضيع تتراوح ما بين البساطة المدهشة للعادات اليومية مثل ( عادة الاستيقاظ باكراً ، وضع خطط يومية ، تحديد وترتيب الأولوية بشكل دقيق ) وصولاً إلى تعقيدات صنع القرار في لحظات الضغط العالي ك ( تأثير العواطف على صنع القرار ، وهم المعلومات المثالية قبل اتخاذ القرار ممكن ان تؤدي الى شلل التحليل) .
عندما تُنهي كتاب “قوة الانضباط” ستجد نفسك ليس مجرد قارئ متأمل بل كائن متحول مسلّح برؤى وأدوات جديدة تجعل من العالم الميدان الخاص بك لإثبات قوتك وعزيمتك.
الانضباط الذاتي ليس مجرد فصل في كتاب الحياة، بل هو اللون الأساسي للوحة الإنجازات التي يستطيع كل واحدٍ منّا أن يرسمها .
“قوة الانضباط” هو التذكرة لهذه اللوحة ، فهل أنت مستعد لرسم فسيفساء حياتك ؟
Views: 38