بقلم أسد الشمالي /صحفي سوري /رئيس تحرير بأخبار السورية.
______
“عاموس” هو اسم من أسماء شخصيات التوراة التي رسم الفكر الصهيوني إيديولوجيته وسردياته وتوجهاته بناء على تفسيرات وأدبيات تحدد توجه مسار مستقبل الصهيونية بإسقاطات ومقاربات من خلالها.
ويشير الاسم ‘عاموس’ إلى أحد أنبياء اليهود الذين تنبأوا بزوال ‘دولة اليهود ‘ و’السبي البابلي’ .
و’عاموس’ هو من كتب بحسب التوراة سفرا في العهد القديم والعهد الجديد أطلق عليه ‘سفر عاموس’ …
مايهمني من الموضوع ، أنه ومع استمرار العقلية الصهيونية والأساطير التي قامت على أساسها “دولة” الكيان الغاصب “إسرائيل” والتي لطالما ساقت في أدبيات صناعة سياستها، محاولة مطابقة الأساطير التوراتية وبروتوكولات حكماء صهيون ، لتلائم قيام وأفعال الكيان ، وصولا لهدف افتعال معركة كبرى (يقول عنها منظرو الصهيونية :بأنها معركة نهاية العالم “هرمجدون”) حيث لن يبقى بعدها سوى أحباء يهوه وشعبه المختار .
تأتي عودة حضور ‘عاموس التوراتي ‘ هذا في أدبيات اليهود المتشددين وحاخامات الصهيونية لاستخدام حضوره في مطابقة الأساطير بالواقع ، رغم تنبؤه بزوال ‘ إسرائيل’ من الوجود لعصيان الإله الرب اليهودي “يهوه” وتكبر اليهود وتجبرهم عليه…
ليضع مجتمع الكيان الإسرائيلي أمام تحد مصيري خطير .
عودة “عاموس” إلى الظهور من خلال عدة أشكال ، وترسيخ آلة الدعاية الصهيونية لسردية أن قيام الكيان حاليا ، هو ‘وعد الرب’ ، ببناء ‘الهيكل الثالث’ وسيادة “شعب يهوه المختار” على العالم .
في رؤيا عاموس ‘التوراتي’ المذكورة في سفر عاموس ، يوبخ الأخير الرب على أخطائه في أكثر من موضع ، منها رؤيا الجراد ، ورؤيا النار التي التهمت زرع بني إسرائيل ، فيتراجع الرب نادما عند نصيحة عاموس .
بهذه العقلية الصهيونية وأساطيرها ، يسعى عتاة الصهيونية لترسيخ أفعالهم وتلبيسها ثوب القداسة …
لنعد إلى الوراء قليلا ، ففي ذروة صعود الكيان الإسرائيلي التكنولوجية ، أسس منظومة أقمار صناعية لازال يطور إصداراتها حتى الآن ، أطلق عليها اسم (عاموس).
فعاموس التوراتي يتميز لدى الصهاينة بأنه يتنبأ ويرى ويعرف مالايعرفون .
في سياق ذلك وفي ذروة التوجه نحو توريط الولايات المتحدة من قبل قادة الصهيونية بحرب تتجه فيها الأمور لمطابقة تنبؤات حاخامتهم من خلال تفسير النصوص التوراتية ومحاولة إيجاد تطابق للزمن الحالي على أنه وعد الرب “يهوه” في الإعداد لمعركة ‘هرمجدون’ أو يوم الدينونة ، يظهر فجأة المفاوض الأمريكي الشكل والهيئة والهوية (عاموس هوكشتاين) ، الصهيوني القلب والهوى والمصالح ، ويبدأ مهامه كنبي للسياسة الصهيونية في كتابة أسفار التنبؤات والتهديدات ..
يمضي عاموس هوكشتاين في إذلال الساسة اللبنانيين من منطلق أن الشعوب ، إما مخلوقات سخرها “يهوه” للخدمة ويمتلك الإسرائيليون الحق في الاستفادة من حياتهم أوقتلهم عند انتفاء الحاجة إليهم ، أو أن قسما آخر منهم ،قد أخطأ “الرب يهوه” في خلقهم ويحق للإسرائيليين قتلهم ، بل و يجب قتلهم وإبادتهم …
في هذا السياق يدرك الساسة اللبنانيون كيفية نظر الغرب المتصهين والقيادة الأمريكية ومن خلفها (إسرائيل) تجاههم ككل الشعوب ، ويسعون لأن يكونوا ( من لايمكن الاستغناء عنه) !!
ومع ذلك هناك من يدرك منهم بأن ذلك مستحيل وأن أمريكا وإسرائيل ستتخلى عنهم عاجلا أو آجلا عند انتهاء الدور المرسوم لهم .
يصول عاموس هوكشتاين ويجول في بيروت بعنجهية وتكبر وإذلال للمنخرطين في المشروع الأمريكي من ساسة لبنان .
وفي ذروة التصعيد وقبل اتخاذ الكيان الاسرائيلي لقرار بشن عدوان شامل على لبنان ، وصل هوكشتاين حاملا إنذارا قاسيا وحازما ومهينا للبنان …
ماهي إلا دقائق حتى جاء الرد من المقاومة بعرض الحلقة الأولى من إصدارات عسكرية بعنوان : هذا ماعاد به (الهدهد).
وصلت الرسالة سريعا رغم تورط قادة الكيان والتسرع بالإعلان عن اتخاذ مجلس حربه قرارا بالعدوان على لبنان ..
وعاد قادة الكيان والإعلام الإسرائيلي المذعور لتأكيد قرار السير بالعدوان بعد عرض المقاومة لما عاد به ‘الهدهد’ .
أصبح الأمر الآن أكثر خطورة وإحراجا وأصبحت مهمة عاموس “المتنبىء ” والمهدد ، وحتى مهمة من ورطه بتمثيل دور عاموس التوراتي صعبة للغاية .
وأصبح جمهور الكيان يخشى من تنبؤات عاموس التوراتي بزوال إسرائيل و’شعب يهوه المختار’ .
ودخل الإعلام الإسرائيلي في غيبوبة الهلوسة نتيجة الرسالة الغير متوقعة لهدهد المقاومة اللبنانية.
و أصبح من الثابت لدى المتشددين من جمهور الكيان بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم الفكرية بأن قادتهم هم من المهووسين وأصحاب المصالح الشخصية ، كما أن غلطة ‘الرب يهوه’ في السماح بقيام الكيان كدولة كان ضد مشيئته وبدأت منظمات يهودية في الخارج كمنظمة ‘ناطوري كارتا ‘ تستقطب هذا التوجه بعد أن كانت تتهم من قبل الصهاينة بالخيانة ، وأصبحت الغالبية ممن باتوا يستسخفون هذه الأساطير وأغلبهم من أتباع الليبرالية والرأسمالية أيضا ، يخافون من فقدان كل شيء بسبب انقيادهم وراء هؤلاء المهووسين .
ولذلك فقد أصبحوا ينظرون بقلق ورعب وترقب، ويضغطون لانهاء الحرب ، من أجل البدء بهجرة عكسية غير مسبوقة منذ قيام الكيان الإسرائيلي ..
وهنا يمكن ملاحظة توجه المظاهرات داخل الكيان وتوسعها كما ونوعا لاقناع المهووسين من قادة الصهيونية بأن تنبؤات ‘عاموس التوراتي ‘ قد تتجه نحو تحقيق نبوءته حول زوال ‘دولة اليهود ‘ .
في المقابل ..قد يكون الإسقاط المعاكس الذي قدمته المقاومة بعملية (الهدهد) بنصه التوراتي ، أوحتى القرآني ، هو رد أخير على محاولات المهووسين من صهاينة العالم لمطابقة الأحداث ودفعها باتجاه مايرغبون .
فإما أن تتجه الأمور نحو هرمجدون ، دون أن يعرف أحدا نهاية المعركة ، أو أن يتمكن بعض ممن يمتلك أدوات السيطرة للجم هؤلاء من السعي بتوجيه الأحداث للإسقاط على أحداث أساطيرهم المزعومة ..
وبالتالي فقد بات جمهور الكيان أكثر إلحاحا في حث عاموس هوكشتاين الآن للدفع نحو عقد صفقة توقف الحرب ، والتسليم ببقاء الأساطير في أدراجها ، ولجم نتنياهو ومهووسي الصهيونية عن السعي لمعركة كبرى يظنونها ‘هرمجدون’ ، في ظل سردية غير منضبطة ومكتملة القصة قد تقود إلى تحقيق
“فناء إسرائيل”. بفعل إسرائيلي.
Views: 42