زيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران كانت حدثاً غير عادي على الإطلاق، استثنائية هذه الزيارة لا تأتي من كون الرئيس بشار الأسد لم يعتد قبل الحرب أو بعدها، على زيارات للخارج إذا لم تكن هناك قضايا مهمة تبرّر هذه الزيارات وهو يختلف عن غيره من كلّ الرؤساء العرب من هذه الناحية
والعلاقات السورية الإيرانية علاقات وطيدة وممتازة وعمرها أربعة عقود، وهي ربما لا تحتاج إلى زيارات استثنائية لأنّ هذه العلاقات تسير بخطٍّ بياني صاعد، والتحديات المشتركة كانت دائماً حافزاً للمسؤولين في كلا البلدين لتطوير وتوطيد التعاون والتنسيق بينهما.
على الرغم من كلّ ذلك قام الرئيس بشار الأسد بزيارة إلى طهران، فهذا يعني من ناحية التوقيت أنّ هناك أمراً هاماً للغاية يتجاوز متطلبات التنسيق العادية القائمة بين البلدين استدعت أن يقوم الرئيس الأسد بزيارة طهران، فما هي هذه القضايا الهامة التي حتّمت هذه الزيارة التي بدت مفاجئة؟
سبع ملفات تجمّعت في هذا التوقيت وفرضت تشاوراً بين القيادتين السورية والإيرانية على أعلى المستويات.
1 ـ الانسحاب الأميركي المحتمل والسيناريوات التي تنطوي عليها هذه السيناريوات، حيث بات واضحاً أنه إذا انسحبت القوات الأميركية من سورية بشكل كامل هذا يطرح قضايا تحتاج إلى تعاون وتنسيق بين البلدين لمجابهة أيّ محاولة للالتفاف على هذا الانتصار، وهذا ما أوضحه مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي عندما خاطب الرئيس الأسد قائلاً «لا بدّ من الحذر إزاء ما يدبّره الأعداء رداً على الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري بمساندة حلفائه».
2 ـ التهديدات التي يطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باجتياح وغزو واحتلال منطقة شرق الفرات، وإيران شريك مع روسيا وتركيا في مسار أستانا، وبديهي أن يُصار إلى تنسيق المواقف على أعلى المستويات في مواجهة مثل هذه التهديدات التي من شأن وضعها موضع التنفيذ تعريض سيادة سورية ووحدة أراضيها للخطر.
3 ـ الحاجة إلى جبه التحرك الأميركي المتعاون مع داعش على الحدود المشتركة السورية العراقية. إيران حليف قوي لسورية وحليف بذات القوة للعراق، وبمقدورها أن تلعب دوراً هاماً في توطيد التعاون والتنسيق السوري – العراقي لا سيما أنّ الولايات المتحدة تسعى لتحويل العراق إلى ساحة للتآمر على سورية وإيران.
4 ـ مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة والمتصاعدة. معروف أنّ الكيان الصهيوني يقوم باعتداءات متكرّرة على سورية بذريعة ضرب مواقع لقوات إيرانية، وتصاعد هذه الاعتداءات يستوجب تنسيقاً أعلى، لأنّ استمرار هذه الاعتداءات قد يقود إلى اندلاع حرب كبرى بين محور المقاومة والمحور الإسرائيلي – الأميركي وحلفائه في المنطقة.
5 ـ بحث مصير مسار أستانا، وقد كان لافتاً الإعلان عن أنّ الرئيس الإيراني قد أطلع الرئيس الأسد على نتائج القمة الأخيرة التي جمعت دول مسار أستانا، وكانت وجهات النظر السورية الإيرانية متطابقة بشأن كافة الملفات التي بحثتها القمة الثلاثية.
6 ـ تشكيل اللجنة الدستورية، معروف أنّ مسار أستانا تبنّى صيغة محدّدة، وهناك محاولات أميركية لنسف هذه الصيغة، وبالتالي لا بدّ من تعزيز التعاون السوري الإيراني للحفاظ على ما تمّ التوافق عليه.
7 ـ بحث التحديات الاقتصادية المشتركة الناجمة عن تصعيد الأميركيين وحلفائهم الضغوط والحصار على سورية وإيران في محاولة منهم لمواصلة الحرب بأشكال جديدة، والسعي لتحقيق، عن طريق الضغوط الاقتصادية والسياسية، ما عجزوا عن تحقيقه في الحرب.
هذه القضايا وربما قضايا أخرى أقلّ أهمية حتّمت عقد لقاء رفيع المستوى بين القيادتين السورية والإيرانية، وكانت زيارة الرئيس الأسد إلى طهران.
وكالات
Views: 4