عام ونصف العام والرّيح تصفر في قاعة فرع دمشق لاتّحاد الكتّاب، بعد أن كانت مضرب مثل لكثير من المؤسسات الثّقافية من حيث كم النّشاطات ونوعها، نظراً لاستضافتها كبار الأدباء والشّعراء والمفكرين والمختصّين من جميع المجالات، واحتضانها الكثير من النّشاطات والنّدوات والملتقيات الشّهرية والأسبوعية، اليوم تعود هذه القاعة إلى ألقها وحيويتها، يقول محمد الحوراني رئيس فرع دمشق لاتّحاد الكتّاب العرب: إن هذه العودة لم تكن بقرار، إنّما نتيجة انتخابات، وبعد توقّف قسري لما يقارب العام ونّصف العام عن الأنشطة الثقافية في الفرع، لذلك ارتأينا أن يكون نشاط الهيئة الأول شعرياً, وتأتي أهميته من أنّه يجمع شعراء أعضاء اتحاد الكتاب العرب من مختلف المحافظات، وهذا يدلّ على أنّ الجميع شركاء في الفعل الثّقافي وغيره من المجالات، الجميع شركاء بكلّ نصر وهو استمرار لانتصار تشرين، الحقيقة أنّ الكتّاب والشّعراء والأدباء لايزالون يكتبون هذا الانتصار على طريقتهم الخاصّة.
“تشرين بوارق الفجر” عنوان فعّالية العودة الميمونة التي أقامها الفرع في مقرّه، والتي أغناها المشاركون بالحب والمودة فضلاً عن الشعر.
لايزال الشعراء يتغنون بانتصارات تشرين المستمرة حتّى يومنا هذا بهمة أبطال جيشنا العربي السوري، ومن قصيدة الشاعر قحطان بيرقدار “حكاية وطن” نقتبس:
مؤرخو أرضنا هم أهل نجدتها ** إذا تكالبت الأذناب والدول
وهم بنوها، لهم في كل منعطف ** فيها ملاحم ماشادوا ومابذلوا
دماؤهم يامداد النور في صحف ** من البطولات تتلى أينما نزلوا
هي الهدى في زمان كلّه سحب ** من الضلال،وهم في أرضنا رسل
هم رسلنا على الأرض ضحّوا بأغلى مايملكون ليسير تلاميذنا كل يوم إلى مدارسهم بأمان، والعمال إلى عملهم بخير، ويبقى العشّاق يرسمون أحلامهم ويحرسونها بدمع الشوق والانتظار وهم الذين تركوا حبيباتهم ينتظرن على أبواب الوقت والموت، يقول الشّاعر توفيق أحمد:
لأنّك مشغولة من خيوط العناد
أحبّك
لأنّك أسطورة من رماد
أحبّك
لأنّك لاتعشقيني كثيراً
أحبّك
لأنّك لاتكرهيني قليلاً
أحبّك
لأنّك لاشيء في خاطر الشّيء
جمعت أشياءك البكر
ثمّ ضممت عليك المدى
واعتصرت نبيذك في جرّتي
وسقيت البلاد
ومثله، باح منير خلف الشّاعر العاشق الولهان بسرّه، وجال في معارك السّهر والخوف، ومن قصيدته “خذني إليّ” نختار:
لو لم أرك
من كان
يحرس دمعتي
ليلاً شتائياً طويل الخوف
يندب ماتبدد
من ربيع العمر
قارب بين خطي فكرة
مرّت برأس الحظ
فانتبه المغني
وارتبك
“صرخة أخرى” أطلقها الشّاعر أمير سماوي ـ رجب علي ـ كصرخة الطّفل الأولى بصفائها ودهشتها فور ولوجه الحياة، يقول:
كتبت لنا هذي الحياة
لننضوي في صفحة بيضاء فيها
لا لتغوينا بزينة طيفها الشّتات
قد آن رشد حضورنا
فنعي عظات سموّه
ونرى سخاء الحبّ يغمره
وننهض من وشاية أنّه بدع من الآلات
تشرين النّصر والحب والحياة والشّعر الذي لاينفك ينسج حروفه من روح المحبين، ويخيط كلماته من آلام المعذبين منهم، يقول الشّاعر ممدوح سليم “مالي وللشّعر”:
مالي وللشّعر .. لي منه حرائقه
وللقصائد جنّاتي وأفيائي
وقد نذرت شبابي والمشيب له
أمشي على الجمر ملهوفاً إلى الماء
ويشهد الله لم تنطق به شفتي
إلا لتجمع بين الحاء والباء
وما نسجت به من أحرفي حلماً
إلّا وكان رداءً للأحباء
Views: 1