تمر العلاقات الفرنسية التركية في حالة من التوتر الشديد غير المعلن، نتيجة التدخل الفرنسي العسكري في سوريا والدفع الباريسي داخل حلف شمال الأطلسي الى التحالف مع روسيا في الحرب على الإرهاب.
المعلومات في العاصمة الفرنسية باريس تشير الى امتعاض وغضب تركيين من موقف فرنسا اثناء اجتماع حلف "الناتو" الأخير الذي عقد مؤخرا بناء على طلب أنقرة بعد إسقاط طائرة السوخوي الروسية في سوريا، لافتة إلى ريبة تركية كبيرة من المواقف الفرنسية التي تعتبرها الاتراك داعمة لروسيا.
وتضيف المصادر نفسها ان الموقف الفرنسي في اجتماع "الناتو" ركز على امر الحفاظ على سيادة الاراضي والاجواء التركية، والحرص على عدم الإنجرار وراء ما أسماه مصدر فرنسي اللعبة التركية لجر الحلف لحرب مع موسكو، وتقول المصادر إن واشنطن تؤيد باريس في موقفها وقد ظهر ذلك جليا في التسريب الذي سربته الإدارة الأمريكية عبر وكالة رويترز نقلا عن مصدر رفيع في البيت الأبيض قال فيه ان الطائرة الروسية أسقطت داخل الأجواء السورية، وهذه الطريقة في إعلان المواقف كانت متبعة من قبل واشنطن أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
[هولاند واردوغان]
تركيا التي تعتبر فرنسا السبب الاساس في عدم قبولها عضوا في الاتحاد الأوروبي، ترى في التدخل الفرنسي العسكري في سوريا خطرا عليها للاسباب التالية:
1- علاقة فرنسا القوية مع الأكراد في المنطقة والخشية التركية منها
2- علاقة فرنسا المتينة مع الأرمن، خاصة وأن الجالية الأرمنية لها ثقلها الاقتصادي والانتخابي الوزان والمؤثر وهي صفة مشتركة تجمع باريس وموسكو.
3- الاندفاعة الفرنسية خلف روسيا والتي ترى فيها باريس ممرا للعودة الى منطقة الشرق الاوسط بعيدا عن العراقيل الامريكية والبريطانية.
استنادا لما تقدم، فان فرنسا التي تستعرض قوتها حاليا في منطقة الشرق الاوسط بعد غياب طويل، ترى في الاطراف الكردية ورقة يمكن الرهان عليها حاليا خصوصا ان باريس كانت خلال العقود الثلاثة الماضية حاضنة أساس للفصائل الكردية العراقية والتركية، كما ان العلاقة بين فرنسا وأكراد سورية تتسم بالمتانة. ويزور صالح مسلم رئيس الاتحاد الديمقراطي السوري باريس دوريا.
ومن المعلوم أن حزب الاتحاد الديمقراطي السوري هو الوجه السوري لحزب العمال الكردستاني التركي ويعتبر زعيمه واعضاؤه في أدبيات الحزب وشعاراته عبدالله أوجلان زعيم الشعب الكردي دون منازع، وهذا الرهان الفرنسي على الأكراد وجد له في روسيا حليفا بعد سقوط الطائرة الروسية في سوريا، حيث تشير المصادر الفرنسية الى ان روسيا تعتزم تسليح الاكراد في تركيا والمنطقة وذلك ضمن خطة مدروسة تتبعها موسكو للرد على تركيا ومعاقبتها بعد سقوط طائرة "السو 24".
عليه، فان روسيا تعتبر ان تركيا عملت من خلال خطة مسبقة، حيث دعت انقرة في اجتماع امني لحلف الاطلسي للبحث في القصف الروسي لمناطق سيطرة المسلحين التركمان في الشمال السوري، وكان الموقف التركي يصر على وقف القصف الروسي في مسعى واضح لخلق منطقة حظر جوي في تلك المنطقة هدفها النهائي السيطرة على الاراضي والمناطق المحيطة بمدينة حلب.
هذا في الوقت الذي تسعى فيه قوات الجيش السوري مدعومة بقصف الجوي الروسي للسيطرة على المناطق الاستراتيجية الواقعة شمال مدينة اللاذقية، للحد من قدرة تركيا على دعم الجماعات المسلحة في سوريا، ولهذا السبب تحديدا تسعى تركيا بكل قوتها لوقف العمليات العسكرية الروسية في تلك المنطقة، بينما تعمل دمشق وموسكو على حسم المعركة في تلك المنطقة قبل حلول شهر كانون الثاني القادم أي قبل موعد المفاوضات الدولية حول سوريا
Views: 9