حميدي العبدالله
أكدت صحيفة «ميلييت» التركية، أنّ حزب العمال الكردستاني، اتخذ قراراً بالتطبيق الفعلي لأنموذج الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي الديمقراطي في مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا. وأضافت الصحيفة أنّ التطبيق بدأ في 9 محافظات وأقضية، وشمل ذلك تعطيل عمل مؤسسات الدولة وتشكيل ميليشيات مسلحة باسم الدفاع الذاتي. بديهي أنّ هذه الخطوة تشكل تطوّراً مهماً لم يحظ باهتمام إعلامي يتناسب وحجم ما ينطوي عليه من دلالات، وما يتضمّنه من ديناميات، سيكون وضع تركيا ما بعده غير ما كان عليه قبل هذا القرار.
إعلان «الحكم الذاتي» في 9 محافظات وتعطيل عمل مؤسسات الدولة التركية، ونشر ميليشيا مسلحة بديلاً عن الشرطة الرسمية يتجاوز مفهوم الحكم الذاتي الذي يشكل جزءاً من بنى دستورية ترعاها الحكومة المركزية، كما هو حال مناطق الحكم الذاتي في روسيا الاتحادية على سبيل المثال.
الإجراء المتخذ من قبل حزب العمال الكردستاني، وتحديداً تعطيل عمل مؤسسات الدولة ونشر قوات محلية للحفاظ على الأمن وتطبيق القوانين يوازي الانفصال الواقعي، أو التقسيم إذا جاز التعبير.
إزاء هذا التطور أمام الحكومة التركية، هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى، واحد من خيارين:
ـ الخيار الأول، اجتياح هذه المحافظات التسع عسكرياً والقضاء على نظام الحكم الذاتي القائم وإبعاد سطوة حزب العمال الكردستاني عن هذه المناطق.
لا يبدو أنّ هذا الخيار في متناول اليد، فالجيش والحكومات التركية تحارب حزب العمال الكردستاني منذ مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، وفشل الجيش والحكومات التركية في إبعاد حزب العمال الكردستاني عن هذه المناطق أو إضعاف شعبيته، وما لم تستطع أنقرة فعله على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، وفي ظلّ ظروف كانت في مصلحة الدولة التركية لن تستطيع تحقيقه الآن في ظلّ ظروف وأوضاع تصبّ في مصلحة حزب العمال الكردستاني أكثر مما تصبّ في مصلحة الحكومة التركية والجيش التركي.
ـ الخيار الثاني، العودة إلى مباحثات السلام، ولكن بجدية أكبر، وباستعداد أوضح من السابق لتقديم التنازلات والاعتراف بالحقوق التي يطالب بها حزب العمال الكردستاني. إذا رفضت أنقرة هذا الخيار، فإنّ تقسيم تركيا الذي بدأ يتحوّل الآن إلى أمر واقع، سيصبح وضعاً نهائياً وقد ينفصل الأكراد بشكل كامل عن تركيا، آجلاً أو عاجلاً.
واضح أنّ هذا المآل الذي انتهى إليه الوضع في تركيا هو ثمرة طبيعية لسياسة التخبّط التي يعتمدها حزب العدالة والتنمية في مواجهة هذه القضية وغيرها من القضايا الإقليمية الأخرى
Views: 8