استضاف المركز الثقافي العربي في أبو رمانة معرضا فنيا للتشكيلية منى حمدان تضمن عددا من اللوحات التي رسمت بالألوان المائية وباللون الأسود مستخدمة في تشكيل لوحاتها أصابع اليد إضافة إلى القلم العادي حيث عبرت عن كثير من المعاني الاجتماعية في لوحاتها المختلفة.
وفي حديث خاص لسانا الثقافية قالت حمدان: إن الفن هو حالة راقية تمثل شعوري بامتلاك اللون وبوح مختلف اترجم به الكلمة والشعور والمعنى بطريقة فنية تعكس الاحساس بشكل مغاير للشعر لكنه مفعم بالمشاعر.
وأضافت حمدان أنا لا أرسم إلا بحالات هدوء بعيدة عن الانفعال والنزق و الحزن لأتمكن من تكثيف كل ما يجول في خيالي فأنا لا أمتلك سوى وسائل الفرح وهي قوام مادتي بالرسم والخيال هو العامل الأكبر من خلاله أضفي على اللوحة أشيائي التي تتكون عليها ما رصدته عيني وما أرادته عواطفي المتحولة.
وتابعت حمدان في بعض الأحيان أتعشق اللون فينتابني كأنه دموع تبكي ثم بعد ذلك أنتشي طربا بعد أن أرى أن تلك الدوافع دفعتني لأمزج ألوانا وأشكل لونا آخر موضحة أنها لا تتعب كثيرا عندما تذهب لتشكيل لوحتها فتستخدم الريشة وأصابعها لتلاحظ ألوانا متعددة على صفحة بيضاء تولد بشكل عفوي تزخرف بها أطراف الصفحة كأنها واحة من سماء تبدد المساحات البيضاء مبينة انها تحب اللون الأزرق كثيرا ولا سيما في تجديداتها اللونية التي تأتي بأشكال مختلفة.
وتابعت حمدان منذ الصغر كنت أرسم ما تطلبه مني المعلمة فأشعر بإنجاز عظيم ثم أفرح بالتشجيع من المدرسين الذين كانوا يجدون فيما أفعله ابداعا هاما يؤسس لمستقبل مشرق وهذا ما دفعني إلى الشغف بالرسم وحب الألوان والعمل على تكوين الذات الإنسانية من خلالها.
وقالت حمدان أكثر ما أحب أن أصل إليه عبر التكوين الفني هو الفرح لأنه وحده الذي يدفعني للتحليق عاليا مما يجعل المتلقي دائما أمام حالات فرح في اغلب لوحاتي حتى ولو كان الموقف حزينا اصل في نتيجته إلى الأمل والفرح والحياة بأجمل ما فيها لأن الإنسان مخلوق جدير بالحياة فأصنع له قدر استطاعتي كل الأشياء الجميلة وأخبأ الحزن لموسم آخر قد أترجمه إذا اضطررت لذلك.
ولفتت حمدان إلى قدرة الرسم على تجسيد المشاعر والانطباعات أكثر من الكلمة ما يدفعها لتفضيل ذلك برغم أنها تميل إلى الكتابة الشعرية في كثير من الأحيان فهي تجد نفسها بالرسم الذي يمكن من الوصول إلى الفرح دائما في الوقت التي تجد نفسها ذاهبة إلى الحزن كلما أمسكت القلم لتعبر عن مشاعرها من خلاله.
وأشار ت حمدان إلى أنها عندما ترسم تستخدم أصابعها أكثر من الفرشاة ومن القلم لتجد نفسها في كامل تقنياتها الفنية معتمدة على اللون الأزرق والبنفسجي لتخرج من الأحلام إلى لوحة واقعية مليئة بالأسس التي تراها مناسبة.
وتعبر حمدان عن رفضها للمؤامرة على سورية في رسم النساء بشكل يدل على رفض الواقع حيث أخفت ملامح الأنوثة ودفعت النساء للغناء بشكل جارح وهن ينظرن بألم إلى توابيت الشهداء التي تدل على فقد الأبناء والأخوة والأزواج مؤكدة أن هذا أهم رصد فني وصلت إليه.
ورأت حمدان أنه من الضروري أن يواكب الفن الحركة الاجتماعية وتداعياتها لأنه تعبير كلي عن العلاقة الجدلية بين الفنان والبيئة التي يعيش فيها وإن دور الفنان أن يحول الرؤية الاجتماعية والإنسانية إلى أمل يبعد المجتمع عن اليأس وذلك من خلال ما يبتكره معتمدا على ثقافته وعلاقاته وما تراه مخيلته من بهاء وجمال فالفن رسالة تجسد قيمة الفنان من خلال ما يصل إليه من قيم تخلد الذكريات الحزينة والجميلة وتصنع منها واقعا حضاريا.
وخلصت حمدان إلى اتساع الواقع الفني الموجود على الساحة الثقافية في سورية لكنه ليس بالضرورة أن يكون ناجحا دائما بسبب ضعف الانتقاءات ما يؤثر أحيانا بالظواهر الموجودة ويدفع بالبنى الفنية الضعيفة لأخذ مكان ليس من حقها وهذا أمر طبيعي في ظل تردي الثقافة العربية بشكل عام وليس على الصعيد الفني فقط.
يذكر أن الفنانة منى حمدان شاركت في معارض مهرجانات يا مال الشام إضافة إلى أنها تمارس الكتابة والأدب.
وفي نهاية المعرض وقعت أبو حمدان كتابا من تأليفها تضمن عددا من الخواطر الاجتماعية والإنسانية بأسلوب عاطفي وإنساني بسيط جاء على شكل الخاطرة الأدبية متضمنا كثيرا من مشاعرها.
وعن رأيه في المعرض قال نائب رئيس مجلس الأمناء في مؤسسة ملتقى الأسرة السورية الشيخ محمد أملح الدهام إن مثل هذه الأنشطة الثقافية في هذا الوقت بالذات يعني وقوفا مشرفا في وجه التحديات التي يواجها بلدنا إضافة إلى ما يحمله من سمو في تشجيع المثقفين وتقدير جهودهم معتبرا أن واجب المثقف بكل أنواعه أن لا يتوانى عن أي نشاط لأنه يعبر عن انتمائه لوطنه وحضارته.
في حين رأى فاهه ماهيشيكيان الأمين العام للمجلس القانوني العربي الأممي أن الموهبة الفنية التي تمتلكها حمدان جديرة بالتقدير مقترحا تعميم هذه الظاهرة وأن يكون لها ريع مخصص لأبناء الشهداء.
وبينت إيمان حوراني رئيسة منتدى اللوتس الثقافي أن تجربة الفنانة جديدة وفريدة من نوعها نظرا لأنها تمكنت أن تصنع بأصابعها عالما فنيا جميلا أما الباحث بسام عبيد بين أن اللون الأزرق الذي تميز في أغلب لوحات حمدان يدل على الفرح والتفاؤل والأمل بمستقبل مشرق.
وختمت رئيسة المركز الثقافي الفنانة التشكيلية رباب اسكندر أحمد إن موهبة منى حمدان اعتمدت على الفطرة دون دراسة أكاديمية وهذا نوع من الفن الإيجابي الذي يتمتع صاحبه بقدرة واعدة فهي تعمل على مستقبل فني يمتلك الأسس والمقومات كما أنها تجتهد على تطويره وتنميته.
Views: 3