د. تركي صقر:
لا يمكن النظر إلى
مجزرة نيوزيلندا على أنها جريمة فردية معزولة قام بها أحمق مخبول، فبمجرد
وقوعها في أقاصي المعمورة يحمل دلالة على أن هناك مخططاً لنشر الإرهاب في
أي بقعة من العالم وأن استهداف مسجدين دفعة واحدة أثناء صلاة الجمعة من أجل
وقوع أكبر عدد من الضحايا يحمل غاية واحدة هي تأجيج الكراهية وتغذية ثقافة
الحقد والتطرف وترسيخ مصطلح «الإسلام فوبيا» الذي أضحى الظاهرة الأخطر على
المسلمين في الغرب.
وفي كل جريمة، فإن السؤال الأول من المستفيد؟ وجريمة بحجم جريمة نيوزيلندا
فظاعة وتمس ملياراً ونصف مليار مسلم لا يمكن أن تحدث فجأة ومن دون ارتباط
بجهة دولية كبرى لها مصلحة في استمرار الإرهاب العالمي ولعل تجنب وصف مرتكب
المذبحة بالإرهابي ووصفه بالمسلح في وسائل إعلام أميركية كبيرة واكتفاء
الرئيس الأمريكي ترامب بتغريدة باهتة ومن دون إدانة وهو الذي كان يملأ
الدنيا صراخاً لحوادث أقل بكثير يرسم إشارات استفهام نحو من يستفيد من
مواصلة الاستثمار في العمليات الإرهابية على المستوى العالمي.
لقد بات في حكم المؤكد أن المنتج الأول للإرهاب هو الولايات المتحدة
الأمريكية وهي أول من عمل على تصدير هذا المنتج الكريه وأفكاره الدموية
المتوحشة إلى بلدان كثيرة منها العراق وأفغانستان وإيران وباكستان وسورية
ولبنان ومصر وليبيا واليمن وحتى روسيا والصين وكوبا وفنزويلا ودول عديدة في
أمريكا اللاتينية لتعم الفوضى ويعم القتل والتدمير، ويذكر الجميع أن أكثر
من قاد حملات الكراهية ضد المسلمين وأضحى عميدها هو ترامب الذي صعد معه
اليمين المتطرف وتيار القومية البيضاء الأشد عنصرية من النازية والفاشية.
ماذا يهم ترامب إذا ما أججت مذبحة نيوزيلندا لهيب الكراهية إلى أقصى مدى
مادام يدعو إليها من دون خجل وبالطبع لن يكون قلقاً إذا اشتعلت حروب
«الإسلام فوبيا» في أوروبا وألقت بالقارة العجوز كما يصفها في أتونها لتكون
أكثر ضعفاً واستنجاداً بالبيت الأبيض ليعطي لنفسه صفة «المخلص والمنقذ»
لها من الإرهاب مثلما يتبجح ليل نهار إنه من «قضى» على تنظيم «داعش» في
سورية!.
Views: 5