سمير المحمود:
يذهب الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت إلى أن الشك هو المعيار المؤدي إلى الحقيقة واليقين ويعني هذا أنه كان يشك في كل شيء من أجل الوصول إلى الحقيقة المطلقة سواء على الصعيد الأنطولوجي أم الإبستمولوجي أم الأكسيولوجي إلا أن شيئاً واحداً لم يكن يشك فيه إطلاقاً هو عملية الشك نفسها التي تحيل على عمليات التفكير والتأمل والاستدلال والبرهنة، ومادام الإنسان يفكر فهو موجود لذلك قال جملته المشهورة “أنا أفكر إذاً أنا موجود” على أن الشك عنده ليس سوى عملية فطرية ولدت معه منذ طفولته الناعمة وهذه العملية التوثيقية والظنية هي التي عملت على تحرره من الأخطاء السابقة والإشاعات المنتشرة في الوسط الاجتماعي وذلك كله من أجل بناء نسق معرفي حقيقي ويقيني صادق..
وفي هذا المجال يقول ديكارت: “كنت قد انتبهت منذ سنواتي الأولى إلى أني قد تقبلت كمية من الآراء الخاطئة على أنها آراء حقيقية وصادقة وإلى أن ما أقمته على هذه المبادئ غير المؤكدة لا يمكن أن يكون إلا أموراً مشكوكاً فيها وغير مؤكدة وذلك بحيث كان علي أن أقوم بالتخلص من كل الآراء التي تلقيتها وصدقتها إلى ذلك الوقت وأن أبدأ كل شيء من جديد ابتداء من الأسس وذلك إذا ما كنت أريد أن أقيم قدراً من اليقين الصلب والثابت في المعارف والعلوم لكن بدا لي في ذلك الوقت أن هذه المهمة كبيرة جداً بالنسبة لعمري فانتظرت إلى أن أبلغ أقصى سن أصبح فيه أكثر نضجاً بحيث أستطيع إنجاز هذا الأمر”.. وبالتالي وفقاً لما تقدم يمكن أن نلمس بوضوح لماذا اعتمد ديكارت على منهج الشك في كل شيء، طبعاً كان هدفه هو الوصول إلى اليقين والمعرفة المطلقة بعيداً عن أي قناعات غير مدروسة. print
Views: 2