ديفيد هيرست
أدانت جماعات حقوق الإنسان معاملة السعودية للمعارضين سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري، وجميعهم يواجهون تهماً بالإرهاب.
كشف الصحافي البريطاني ديفيد هيرست في تحقيق لموقع “ميدل إيست آي” أنه سيتم الحكم على ثلاثة من العلماء السعوديين المعتدلين البارزين المحتجزين بتهم متعددة من “الإرهاب” بالإعدام وتنفيذها بعد فترة وجيزة من شهر رمضان، وذلك نقلاً عن مصدرين حكوميين وأحد أقارب الرجال.
وقد تم القبض على سلمان العودة في أيلول – سبتمبر 2017 بعد فترة قصيرة من تغريدة دعا فيها إلى المصالحة بين المملكة العربية السعودية وجارتها الخليجية قطر، بعد ثلاثة أشهر من إطلاق الرياض حصاراً على الإمارة.
والاثنان الآخران المقرران الإعدام، هما عوض القرني، وهو واعظ سني وأكاديمي ومؤلف، وعلي العمري، وهو مذيع شعبي. وهما أيضاً اعتقلا في أيلول – سبتمبر 2017.
وكان الثلاثة جميعهم متابعين على الإنترنت. ويتباهى حساب عودة على تويتر بـ 13.4 مليون متابع وحده، وظهر هاشتاغ #freesalmanalodah بعد اعتقاله. كما تحظى محطة العمري التلفزيونية المخصصة للشباب بجمهور كبير.
وأكد مصدران حكوميان سعوديان بشكل مستقل على خطة إعدام الرجال الثلاثة، الذين ينتظرون حالياً المحاكمة في المحكمة الجنائية الخاصة في الرياض. وكان قد تم تحديد جلسة في الأول من أيار – مايو الجاري، لكن تم تأجيلها من دون تحديد موعد آخر.
وقال أحد المصادر لموقع “ميدل إيست أونلاين”: لن ينتظروا لإعدام هؤلاء الرجال بمجرد صدور الأحكام بالإعدام”.
وقال مصدر حكومي سعودي آخر إن إعدام 37 سعودياً، معظمهم من النشطاء “الشيعة”، بتهم تتعلق بالإرهاب في إبريل – نيسان الماضي، كان بمثابة بالون اختبار لمعرفة مدى قوة الإدانة الدولية لهذه الإعدامات.
وقال المصدر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته إنه “عندما اكتشفوا أنه كان هناك رد فعل دولي ضئيل للغاية، ولا سيما على مستوى الحكومات ورؤساء الدول، فقد قرروا المضي قدماً في خطتهم لإعدام شخصيات بارزة”.
وقال المصدر إنه سيتم توقيت عمليات الإعدام في هذه الفترة بسبب الزيادة الحالية في التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. وأضاف: “لقد تم تشجيعهم على القيام بذلك، خاصة مع التوتر في الخليج في الوقت الحالي. فواشنطن تريد إرضاء السعوديين في الوقت الحالي، والحكومة [السعودية] تقدر أن ذلك يمكّنها من الإفلات” من تبعات الأمر.
وقال أحد أعضاء أسر العلماء الثلاثة لموقع “ميدل إيست آي”: “إن عمليات الإعدام، إذا نفذت، ستكون خطيرة للغاية، ويمكن أن تمثل نقطة تحول خطيرة”.
وقد اتصل موقع “ميدل إيست آي” السلطات السعودية للتعليق على المسألة.
وقد أثار اعتقال العلماء الثلاثة بالفعل إدانة الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية، فضلاً عن جماعات حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش، وريبريف Reprieve، ومنظمة العفو الدولية.
ففي سبتمبر – أيلول الماضي، أي بعد عام من اعتقاله، مثّل العودة في جلسة مغلقة للمحكمة الجنائية الخاصة، وهي محكمة أنشأتها وزارة الداخلية لمحاكمة قضايا الإرهاب. ثم اتهم المدعي الخاص العودة بـ37 تهمة تتعلق بالإرهاب.
وشملت هذه التهم الانتماءات المزعومة لـ”منظمات إرهابية”، والتي أسماها الادعاء باسم جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الأوروبي للفتوى والأبحاث، وهما منظمتان إسلاميتان دوليتان بارزتان.
واتهمته مجموعة ثانية من التهم بفضح “الظلم تجاه السجناء” و”التعبير عن السخرية والتهكم حول إنجازات الحكومة”.
أما المجموعة الثالثة من التهم فقد زعمت ارتباط العودة بالعائلة المالكة القطرية وأشارت إلى عدم رغبة العودة العامة في دعم المقاطعة التي تقودها السعودية لشبه الجزيرة – الإمارة.
وقال الكاتب إنه قبل يومين من اغتياله الوحشي في القنصلية السعودية في اسطنبول، أخبر الصحافي السعودي جمال خاشقجي أصدقاءه في لندن أن هذه الاتهامات الـ37 كشفت عن كل ما يحتاجون لمعرفته حول حكم القانون في المملكة تحت حكم الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال خاشقجي في ذلك الوقت: “سوف يسحق المعارضة بأي ثمن. يجب نشر هذه الاتهامات. “سيتم إعدام العودة لأنه ليس متطرفاً. بل لأنه معتدل. لهذا السبب يعتبرونه تهديداً”.
وفي ردها على تقرير “ميدل إيست آي”، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” سارة ليا ويتسن: “أي عمليات إعدام أخرى للمعارضين السياسيين هي نتيجة مباشرة للبيئة المواتية لإدارة ترامب، والإشارات العامة المتكررة من نائب الرئيس: بغض النظر عن الإساءات الشنيعة التي ترتكبها ضد شعبك، نحن ندعمك”.
في كانون الثاني – يناير من العام الماضي، اتهمت لجنة من خبراء الأمم المتحدة، وهي جزء من مجلس حقوق الإنسان، الرياض بتجاهل الدعوات المتكررة لوقف الانتهاكات، حيث اعتقلت الشخصيات الدينية والكتاب والصحافيين والناشطين “في نمط مقلق من الاعتقالات والاحتجازات التعسفية والمنهجية الواسعة النطاق”.
وقالت لجنة الخبراء: “نحن نسعى أيضًا للحصول على توضيح من الحكومة حول كيفية توافق هذه التدابير مع التزامات المملكة العربية السعودية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك مع التعهدات والالتزامات الطوعية التي تعهدت بها عند السعي للانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة.
وأضافت اللجنة: أنه على الرغم من انتخابها كعضو في مجلس حقوق الإنسان في نهاية عام 2016، استمرت المملكة العربية السعودية في ممارستها لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والنقاد والقبض عليهم تعسفاً واحتجازهم ومضايقتهم”.
كما أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى محاكمة العودة والعالمين الآخرين في تقرير سنوي عن حقوق الإنسان في وقت سابق من هذا العام. وقال التقرير: “قام المدعي العام بتوجيه 37 تهمة ضد [العودة]، حيث ادعت الغالبية العظمى منهم بأن له علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين والحكومة القطرية، بالإضافة إلى دعمه العلني للمنشقين المسجونين”.
وفقًا لبيان أصدرته هيومن رايتس ووتش في 12 أيلول – سبتمبر الماضي، “لم يشر أحد إلى أعمال عنف محددة أو تحريض على أعمال عنف” قام بها العودة.
ترجمة: الميادين نت
Views: 7