الإثنين 22-07-2019 57 التصنيفات:زوايا وأعمدة,وجهات نظر د.تركي صقر:
لم تمر بريطانيا في
حالة ارتباك في تاريخها السياسي مثلما هي الآن بعد أن ورّطتها إدارة ترامب
في أزمة مع إيران نتيجة دفع سلطات جبل طارق التابعة للحكومة البريطانية إلى
احتجاز ناقلة نفط إيرانية في انتهاك واضح للقوانين الدولية ومن دون أي
مسوغ سوى كسب رضا الصقور أو أصحاب الرؤوس الحامية في البيت الأبيض الذين
يثيرون الأزمات مع الدول الأخرى ويعملون ليل نهار على زعزعة الاستقرار
العالمي وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصلحة الكيان الصهيوني
المقرَّب والمحبَّب إلى قلوبهم أكثر من أي مكان آخر في العالم.
ويتجلى المأزق البريطاني في التوقيت الذي حصل فيه التورط حيث توجد حالة
عطالة في السلطة ولا يوجد من يتخذ القرارات الكبرى والاستراتيجية في لندن
بعد استقالة تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية فضلاً عن حالة التخبط
الداخلي التي تعيشها بريطانيا والتجاذبات الحادة بين الأحزاب نتيجة
الانقسامات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «البريكست» وفوق هذا
وذاك فإن المواجهة مع إيران ليست كما غيرها فحتى الولايات المتحدة
الأمريكية وقفت عاجزة أمام القدرة الباهرة التي أظهرتها إيران في تصديها
للتصعيد العسكري الأمريكي، وإسقاط أحدث طائرة تجسس أمريكية أسطع دليل على
ذلك.
الورطة البريطانية والخطأ في الحسابات والعجز عن الرد كسر الصلف البريطاني
ومن ورائه الاستكبار الأمريكي وبيّن المأزق البريطاني أن بريطانيا أيام
زمان والإمبراطورية التي لا تغيب عن أراضيها الشمس ليست هي بريطانيا اليوم
فقد أضحت من الماضي وأن الوصف الذي ينطبق عليها هو ما ردده ترامب نفسه أنها
بريطانيا العجوز وأن أوروبا كلها قارة عجوز.
ولعل ما يبعث على السخرية أن بريطانيا ستفرض عقوبات على إيران ومنها تجميد
أموال وأصول إيرانية في المصارف البريطانية، ومعروف أن إيران لا تملك ما
يستحق الذكر في المملكة المتحدة وأن الدولة التي تحدّت العقوبات الأمريكية
بكل جبروتها قادرة ببساطة على مواجهة العقوبات والإجراءات البريطانية مهما
كانت وإذا لم تراجع السلطات الحاكمة في لندن حساباتها وتتراجع عن تورطها
فإن مأزقها سيكبر والأيام القادمة ستبرهن على ذلك.
Views: 9