نور الدين هارون
نهضة البرازيل البرازيل بلد السامبا ذات الثروات الهائلة والمساحات الشاسعة التي كانت مطمعاً للاحتلال البرتغالي الذي حكمها لثلاثة قرون وخلف ورائه نخبة ارستقراطية ملكت البلد مع انتشار الفقر والجوع. تأسس النظام الجمهوري عام 1889 لكن الوضع المأساوي بقي كما هو جوع وظلم وحروب أهلية وأزمات اقتصادية وسيطرة لتجار البن على البلد. خلال أكثر من مئة عام حكم البرازيل العديد من الرؤساء محاولين تغيير وضع البلاد والنهوض بالاقتصاد. تم نقل عاصمة البلاد الى برازيليا في وسط البلاد, والنهوض بالصناعة فأصبحت البرازيل من الدول المصنعة للسيارات والسفن والصناعات الثقيلة, وتمت الاستفادة من الثروة المائية الهائلة ببناء محطات التوليد الكهرومائية. لكن الوضع ازداد سوءاً ازداد التضخم وارتفعت الديون البرازيلية لتصبح أكبر دولة مدينة لصندوق النقد الدولي. ازداد الفارق بين الأثرياء والفقراء, والدولة مفلسة ومدينة للصندوق بـ93 مليار دولار, نمو اقتصادي لا يتعدى الصفر, والفقر يعم البلاد حتى عام 2003 الى أن جاء التغيير. لولا دا سيلفا نصير المحرومين الذي لم يكمل تعليمه الابتدائي من ماسح أحذية إلى رئيس أكبر دولة في أمريكا اللاتينية في عام 2003. أدرك لولا دا سيلفا أن البرازيل لا تنقصها الموارد أو الثروات لكن المشكلة في الاهتمامات والأولوليات, رأى أنه من الخطأ اهتمام الحكومات السابقة بالأثرياء فقط معتقدين أنهم دعامة الاقتصاد, وجد أن ثروة البلاد تكمن في فقرائها. 95 مليون يد عاملة في ذلك الوقت كانت هي الكنز الحقيقي للبرازيل, ما جعل سيلفا يضع خطته وهي (انهض بالفقراء لتنهض البلاد), خطة أرعبت الاغنياء ظناً منهم أنهم سيسلبون أموالهم, لكنه كان مصمماً على خطته. أطلق سليفا برنامج (معاش الأسرة الفقيرة), هذا البرنامج يمنح الأسر الفقيرة مبلغاً شهريا مقابل تعليم أطفالهم, وبدأ برنامجاً للتدريب المهني, أنشأ المدارس المهنية والجامعات التقنية في أنحاء البلاد, ووفر أكثر من 20 مليون فرصة عمل مما أدخل ملايين الفقراء لسوق العمل. 46 مليون برازيلي استفادو من مشاريع سيلفا ما يعادل ربع السكان, تحسنت القوة الشرائية للفقراء وازداد الطلب على السلع, نهض الاقتصاد بسرعة هائلة. خلال 8 سنوات فقط سددت البرازيل كامل ديونها لصندوق النقد الدولي, بل وأصبحت من مقرضيه!!! ارتفع الحد الأدنى للأجور من 200 ريال إالى 510 ريال, انخفضت البطالة, زادت الصادرات, تضاعفت الاحتياطيات النقدية, زادت المرافق الاجتماعية, انخفض سوء التغذية لدى الأطفال, زادت معدلات الالتحاق بالتعليم العالي, ارتفعت استثمارات الاسكان. ازداد الأغنياء غنىً وغني الفقراء. ثمانية سنوات كانت كافية لتحويل البرازيل من دولة على حافة الانهيار إلى سادس أكبر اقتصاد في العالم. نأمل أن تكون تجربة البرازيل الهاماً لتجد منها باقي الدول حلولاً لأزماتها.
Views: 7