د. تركي صقر:
لا يصدق المرء أن الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى يعتريها الخوف والقلق الشديدين من انطلاق معرض دولي اقتصادي وتجاري في دمشق مؤسس منذ عام 1954، أي منذ أكثر من ستين عاماً ولا علاقة له بإنتاج الطائرات أو الدبابات أو الصواريخ، والعجب العجاب أن تترك هذه الدولة همومها ومشاغلها الداخلية والعالمية وتشغل نفسها بمن يشارك في هذا المعرض وتطلق الدعوات الواحدة تلو الأخرى إلى عدم حضور المعرض تحت تهديد العقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية.
والغريب أن هذه التهديدات ظهرت بشكل مباشر على موقع السفارة الأمريكية في سورية على «فيسبوك» والذي لا يزال يعمل على الرغم من توقف السفارة عن العمل وسحب بعثتها الدبلوماسية منذ عام 2011، لكن موقعها على الإنترنت استفاق فجأة وبدأ قبل افتتاح المعرض بنشر تهديدات من الإدارة الأمريكية لكل الذين يرغبون بتطوير التعاون مع سورية في المجالات الاقتصادية والتجارية أو حتى مجرد التفكير بها مستقبلاً.
إلى هذا الحد من السخف وصلت ممارسات إدارة ترامب لإيذاء سورية والإضرار بها من خلال محاولة لتعطيل معرض دمشق الدولي وعرقلة جهود الدولة السورية في إعادة الإعمار بعد أن بدأت بالتعافي نتيجة تحقيق جيشها البطل إنجازات باهرة على صعيد القضاء على العصابات الإرهابية وتطهير معظم الجغرافيا السورية من دنسها.
على أي حال تشير هذه التصرفات الحمقاء للإدارة الأمريكية إلى إفلاس أمريكي في الموضوع السوري، حيث لم يبق في يدها إلا الأوراق الصغيرة المهترئة تحاول أن تعوض بها شيئاً من خسائرها ولاسيما فيما يتعلق بمحاولات «منع» سورية وحلفائها من قطف ثمار انتصاراتهم على الإرهاب الذي كان ولا يزال عماد المشروع الأمريكي في المنطقة.
لكن رب ضارة نافعة، فقد انقلب السحر على الساحر، وقدم هذا الاستفزاز الأمريكي من حيث لايحسبون خدمة جلى أسهمت في زيادة مستوى نجاح المعرض منقطع النظير كرسالة تحد للرعونة الأمريكية وكذلك على صعيد الاهتمام العالمي والتضامن مع سورية بعد هذا الموقف الأمريكي المرفوض والمشين
Views: 3