يعود القطاع المصرفي اليوم الى الانتظام، مع فك الموظفين إضرابهم بعد الضمانات الامنية لتأمين سلامة كل المستخدمين في القطاع المصرفي والمودعين، والإجراءات التي ستنفذها إدارات المصارف لأول يوم عمل.
وفيما أفضت الخطة الأمنية التي وضعتها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى وضع عنصرين أمام كل مصرف وتعزيز وحدة شرطة بيروت بـ100 عنصر إضافي، وسرية قوى أمن سيّارة أمام مصرف لبنان، وأخرى أمام شارع المصارف، وتشكيل دورية لحماية المجموعة في الشارع الواحد، وغيرها من الاجراءات، اتخذت جمعية المصارف “إجراءات احترازية موقتة وضرورية للمحافظة على ملاءة القطاع المصرفي وعلى ودائع المودعين وعودة العمل المصرفي إلى طبيعته. فما هي هذه الاجراءات؟ وماذا تعني؟
يؤكد رئيس قسم الأبحاث والدراسات في “بنك بيبلوس” الخبير الاقتصادي نسيب غبريل أنه لم يكن في نية المصارف وضع هذه القيود، إلا أنّ الأمر يرتبط بالمناخ الاجمالي السائد في البلاد، علما أن الأزمة اليوم ليست أزمة نقدية، بل أزمة ثقة بين القطاع الخاص والمواطن من جهة والسلطات السياسية من جهة أخرى، وعلى هذه السلطات أن تبادر إلى صدمة إيجابية لرفع ثقة المستهلك والمستثمر وإراحة الأسواق وضخ السيولة في الاقتصاد اللبناني”.
ويشرح أن المواطن اللبناني في لبنان والخارج تعرض لحملة تهويل وتخويف، وخصوصا حيال انهيار سعر صرف الليرة واتجاه المالية العامة وربطها بالحالة التي مرّت بها اليونان أو أزمة الليرة التركية، مذكراً بأنّ هذه الحملات “بدأت في صيف 2018، وارتفعت نسبتها منذ نحو شهر حملات ممنهجة على القطاع المصرفي ككل من المصارف التجارية إلى المصرف المركزي وشخص حاكم المصرف رياض سلامة، وذلك بهدف تحويل الأنظار من الأسباب الرئيسية للانتفاضة الشعبية، وهي سوء إدارة الشأن العام وتراجع الخدمات العامة والغلاء المعيشي وتراجع فرص العمل واستهتار السلطة السياسية بمطالب الشعب وتحريفها إلى المصارف بهدف لفت الأنظار”. ولا يستغرب غبريل قلق المواطن “خصوصاً وسط مجموعات من راكبي الحراك، التي قررت أن تهاجم القطاع المصرفي بهدف جذب الإعلام اليهم”.
ويفصل الإجراءات المصرفية كالآتي:
¶ لا قيود على الأموال الجديدة المحولة من الخارج:
– أصلا لا قيود سابقة، لكن تداول عبارة Capital Control وتفسيرها بطرق خاطئة ولّد قلقاً عند الجميع. وأكدت الجمعية أن لا قيود من تحويل الاموال من الخارج الى لبنان على عكس ما أشيع.
¶ التحويلات الى الخارج تكون فقط لتغطية النفقات الشخصية الملحة:
– عندما أعادت المصارف فتح أبوابها في أول تشرين الثاني كانت مهيأة لتتعامل مع الازمة وخصوصا حيال حجم التحاويل من الليرة الى الدولار، أو من لبنان الى الخارج، ولكنها لم تكن متوقعة سحب الاموال نقدا بهذا الحجم. لذا كان ثمة ضرورة للمحافظة على العملات النقدية الاجنبية الموجودة في لبنان، وتاليا المحافظة على استقرار صرف الليرة لكي لا يؤدي الامر الى أزمة اجتماعية. أما النفقات الشخصية فتعني إرسال الأموال لحاجات الدراسة أو الاستشفاء وغيرها من الامور الشخصية الملحة.
¶ يمكن استخدام التسهيلات التجارية داخليا ضمن الرصيد الذي وصلت اليه في تاريخ 17 تشرين الأول 2019.
– أعيد النظر في التسهيلات التي كانت خفضتها بعض المصارف، وعادت الإجراءات الى ما كان عليه قبل تاريخ 17 تشرين الأول 2019، علما أن ثمة سيولة أمنها مصرف لبنان لاستيراد المشتقات النفطية والقمح والادوية.
¶ لا قيود على تداول الشيكات والتحويلات واستعمال بطاقات الائتمان داخل لبنان، مع دعوة الزبائن الى تفضيل استعمال بطاقات الائتمان، خصوصا بالليرة اللبنانية لتأمين حاجاتهم.
– لا قيود على استخدام بطاقات الائتمان في لبنان، ولكن استخدامها خارج لبنان سيكون ضمن سقوف يحددها المصرف بالاتفاق مع الزبائن. كما أنه يمكن المودعين استخدام حسابهم الجاري بالدولار بالشيكات أو بتحويلات داخل لبنان. مع الاشارة الى أهمية استخدام العملة اللبنانية التي يجب أن تكون مسؤولية جماعية.
¶ تحديد المبالغ النقدية التي يمكن سحبها بمعدل ألف دولار حدا أقصى أسبوعيا لأصحاب الحسابات الجارية بالدولار:
– يمكن سحب 1000 دولار نقدا أسبوعيا، شرط أن يكون الحساب جاريا وليس مجمدا، وهذا الاجراء بسبب حملات التخويف والتشويه جعل عددا كبيرا من اللبنانيين يسحبون أكثر من حاجاتهم ويدخرونها في منازلهم خوفا من عدم قدرتهم مستقبلا على الحصول على أموالهم، وقد قدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أموال اللبنانيين في المنازل بـ3 مليارات دولار.
وفي هذا الاطار اعتبر خبير اقتصاد النفط والغاز فادي جواد أن ما أعلنته جمعية المصارف يخالف ما كان قد أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي طمأن المودعين الى عدم اللجوء الى”Capital Control”، فيما وضعت الجمعية في بيانها قيودا على التحويلات الخارجية بحدها الأقصى، مع السماح بمبلغ ألف دولار فقط أسبوعيا، واضعا علامة استفهام على إمكان وجود خلاف بين الحاكم والجمعية. ورأى جواد في بيان الجمعية تطبيقا فعليا للكابيتل كونترول الذي في رأيه سيسيء أكثر الى صورة وضع لبنان الاقتصادي في العالم، كما سيقلل من ثقة المودعين بالقطاع المصرفي ويساعد على الاتجاه أكثر نحو خفض التصنيف المرتقب للبنان في كانون الثاني 2020، وذلك بعدما تم خفض تصنيف S&P للبنان الاسبوع الماضي إلى ccc/c. والخفض ينذر، وفق ما يقول جواد، بعدم توافر المزيد من الخيارات للبنان للاقتراض من الأسواق الدولية، حيث لن يكون في إمكانه الا الاقتراض من المصادر المحلية.
Views: 3