اشتد الخناق على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبدأ يخالجه شعور قوي لأول مرة أن ساعة عزله أوشكت وباتت قريبة جداً، بعد أن فاحت رائحة فَضائحه المالية والقانونية، ولم يعد بإمكانه لملمة المعطيات الجديدة، والأدلة شبه الدامغة، التي تؤكد تورّطه، وبَعض معاونيه، في ارتكاب انتهاكات لقوانين تمويل الحملات الانتخابية واعتراف محاميه الخاص بدفع مبالغ كبيرة لقاء صمت نساء على علاقة جنسية مع موكله ترامب، الأولى ستورمي دانيالز الممثلة الإباحية، والثانية كارين ماكدوغان، عارِضة مجلة «بلاي بوي» المعروفة بصورها العارية.
لمس ترامب جدية الأمر وأن المحقق الخاص روبرت مولر تمكن منه وأدان بول مانفورت رئيس حملته الانتخابية، بالاحتيال الضريبي والمصرفي، والتّورُّط في 12 قضية على الأقل، فسارع لتخويف الأمريكيين من عزله قائلاً: «إن الاقتصاد الأمريكي سينهار، وسيُصبح الجميع فقراء جداً» لكن هذه الجعجعة ستذهب أدراج الرياح في حال فوز الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب.
نقول: إن تحذير ترامب من «انهيار الاقتصاد الأمريكي في حال عزله» لن يكون له أي قيمة لأن الرأي العام الأمريكي بات يدرك أن سياسات ترامب دمرت علاقات واشنطن مع معظم دول العالم وأن من سيُدمِّر الاقتصاد الأمريكي هو هذه السياسات الاستفزازية والعدائية التي يتّبعها ترامب، وحروبه الاقتصادية والتجارية ضد أقرب حلفاء أمريكا ابتداء من كندا وانتهاء بأوروبا، ناهيك عن الصين الشريك التجاري الأكبر لأمريكا، وتركيا الحليف والعضو في حلف «ناتو» وفشله مؤخراً في إنهاء حالة العداء المستعصي مع كوريا الديمقراطية بعد أن اعتبر قمته مع رئيسها أهم إنجاز له.
ملخص الكلام والسؤال الأكثر إلحاحاً هذه الأيام هو: هل ستؤدي التطورات المتسارعة إلى الإطاحة بترامب ومرحلته؟ هناك احتمالان: الأول استبعاد إقصاء ترامب عن البيت الأبيض في الوقت الحالي نظراً لسيطرة الجمهوريين على الكونغرس حتى الآن، والثاني أن إمكانية تغيير الوضع الحالي قائمة إذا ما استطاع الديمقراطيون استغلال الأزمة، وكسر تلك الهيمنة خلال انتخابات التجديد النصفي المقرر انعقادها في تشرين الثاني القادم، وهذا احتمال مرجح جداً ولن يكون هناك من يأسف لرحيله وطي صفحة رئيس مضطرب ومصاب بالغرور وجنون العظمة وقد أشبع دول العالم الحلفاء منها وغير الحلفاء تهديداً ووعيداً وعقوبات ما دفع أخيراً جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأسبق إلى مخاطبته بجملة معبرة قائلاً: «لقد فضحتنا يا رجل»
Views: 4