تكتسب المناورات البحرية الثلاثية التي تجريها الصين وروسيا وإيران أهمية خاصة من حيث الزمان والمكان والرسائل, فمن حيث الزمان نجد أنه للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979 تنطلق إيران إلى إجراء مناورات مشتركة مع القوتين الكبيرتين البحريتين في العالم «الصين وروسيا» بعد أن أصبحت المياه المحيطة بإيران محوراً للتوترات الدولية حيث تمارس واشنطن أقصى الضغوط لوقف مبيعات النفط الإيراني.
ومن حيث المكان تجري المناورات شمال المحيط الهندي وصولاً إلى بحر عمان وخليج عدن ومعروف أن لخليج عمان حساسية خاصة لأنه يرتبط بمضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس النفط العالمي وأن المحيط الهندي يعد ثالث أكبر محيط في العالم وتطل عليه دول مهمة جداً ويتضمن المضائق المهمة الثلاثة وهي باب المندب ومالاجا وهرمز التي تعد بمثابة المثلث الذهبي بالمنطقة.
ومن حيث الرسائل التي تحملها هذه المناورات فهي تبدو موجهة بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد إقامة تحالف بحري بقيادتها في منطقة الخليج برغم «حماية السفن» مما تسميه «الخطر الإيراني» ويأتي ذلك في أعقاب عدة هجمات في أيار وحزيران من هذا العام على سفن تجارية دولية في مياه الخليج قامت واشنطن وقبل أي تحقيق بتوجيه اتهامات باطلة إلى إيران.
وعليه يرى مراقبون أن هذه المناورات رسالة قوية من الدول الثلاث رداً على خطط الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بمهمة بحرية مشبوهة ليست لحماية السفن في مياه الخليج وإنما للتحكم بهذه المنطقة والاستئثار بحركة الملاحة فيها وزيادة الضغوط على إيران وعزلها أو تصفير تصديرها للنفط.
وإذا كان من السابق لأوانه القول إن هذه المناورات ستشكل حلفاً جديداً إلا أنها تؤدي بالنتيجة إلى كسر الحصار الذي تنوي واشنطن إطباقه على إيران مع الإعلان صراحة أن عزل طهران الذي تسعى إليه إدارة ترامب بكل الطرق قد فشل وأنها أعجز من أن تصل إلى ذلك لا الآن ولا في المستقبل وأن زمن الهيمنة الأمريكية براً كما بحراً قد ولى إلى غير رجعة.
Views: 10