كشف قاضي الإحالة المالي الأول بدمشق حسان سعيد عن فصل نحو 498 قضية من قبل دائرة الإحالة المالية بدمشق، وعن استرداد مبالغ تجاوزت المليار ليرة سورية خلال العام الفائت (2019).
وحول وجود حالات فساد تشمل الصف الأول والثاني من الموظفين الحكوميين، قال: ما وعد به السيد رئيس الجمهورية تم تنفيذه في الواقع ولمسناه بأنفسنا من خلال تقديم بعض الأشخاص الذين كانوا يستلمون بعض المهام ومن الناس المعروفين في البلد وتمت محاكمتهم، منهم يحاكمون أمام محاكم الجنايات ومنهم من حكم وصدر بحقهم أحكام قضائية.
وحول نمط التفكير السائد لدى الفاسدين بأنه وبمجرد وصولهم إلى القضاء فهم قادرون على دفع رشوى لتحل قضيتهم بين سعيد أن هذا الأمر يتعلق بأخلاقية من يقوم بالعمل، مؤكداً عدم صحة مثل هذه الادعاءات إذ إن قرارات القاضي تبنى على التحقيقات الأولية وما تقدمه من دلائل ووثائق على ارتكاب الجرم.
وأكد على تمتع القضاة بالحصانة من أي تدخل، مضيفاً: وحتى لو تعرض القاضي لأي ضغوط أو ممارسات خارجية لا يمكن للقاضي أن يستجيب لهذه الضغوط والممارسات، ويقوم بتطبيق القانون وتنفيذ ما هو مطلوب منه وبالتالي القاضي لا أحد يستطيع أن يفرض سيطرته عليه.
وبين سعيد أن الفساد المالي يمكن أن يوجد في كل القطاعات التي يكون فيها احتكاك للمواطن مع موظف القطاع العام وبحسب الحاجة في كل القطاعات، مبيناً وجود تعدد في قضايا الفساد المالي منها ما يتعلق بالعقود المنظمة مع الجهات العامة حيث يتم التواطؤ بين بعض ضعاف النفوس في القطاع العام والمسؤولين عن إجراء المناقصات أو عمليات الشراء للقطاع العام وبين التجار وهناك أيضاً فساد فيما يتعلق بالرشاوى لتسيير أمور بعض الناس وهناك أشخاص ليسوا موظفين ويمارسون الفساد بادعائهم بأنهم ينتمون إلى صفة معينة أو إلى جهة رسمية ويستغلون ذلك بالتأثير على سلوك الناس وابتزازهم لدفع الرشاوى، مضيفاً: الفاسد رجل ذكي يستخدم ذكاءه في سبيل إيهام الغير والاحتيال عليهم، وبإيهامهم بأنه يستطيع استغلال منافذ القانون، ويلجأ إلى وسيلة الاحتيال والنصب بداعي السمسرة والادعاء وبأنه يستطيع أن يقدم خدمة ما لدى مسؤول ما.
وأوضح سعيد أن أغلبية الدعاوى تتمحور في الرشاوى، وهي تلحق الضرر بالمال العام، منوهاً بأن الرشاوى بالمبالغ الكبيرة يكون في المواد التي يتم التعاقد عليها مع التجار أو مع القطاع الخاص.
وبين سعيد أن الفساد المالي لا يقتصر على القطاع العام وإنما يقع في القطاع الخاص مشيراً إلى وجود فساد ضمن آلية التعامل مع الغير، وقد يحصل هناك فساد برفع أسعار المنتجات أو عدم إعطاء المواطن النوعية الجيدة من المواد المنتجة، ناهيك عن الإخلال بالمواصفات في إنجاز المشاريع المتعاقد عليها مع القطاع العام، أو من خلال توريد مواد للدولة تكون مخالفة لمواصفة معينة أو بأسعار غير واقعية وبالتالي هذا يعتبر مساهمة من القطاع الخاص في الفساد الذي يحصل في القطاع العام.
ولفت سعيد إلى أن العقود المصدر الأساسي للفساد لكون العقود تحمل قيماً مادية ومبالغها كبيرة أي تاجر أو أي شخص من ضعاف النفوس يريد أن يحقق كسباً مادياً يلجأ إلى أن يفسد الموظف حتى يحقق أرباحاً فاحشة بطريقة مخالفة، معتبراً أن الخلل ليس بالقوانين الخاصة بالعقود وإنما الخلل بالعنصر البشري وبأخلاقية الشخص القائم على مفصل العمل منوهاً بوجود حالات تلاعب بتقديم وفض العروض سواء بتقديم عروض وهمية أو من خلال اتفاق بين العارضين مقابل الحصول على مبلغ لقاء انسحابهم وانتهاء بالتلاعب بمواصفات التنفيذ.
وأكد سعيد انحسار عمليات التزوير في نقل ملكية عقارات أو سيارات بعد أن تم ضبط عدد من الحالات ومحاكمتهم، مضيفاً: تم تحجيم هذه الجرائم بنسبة تجاوزت الـ90%، نتيجة لتوجيهات الحكومة وإجراءات وزارة العدل في هذا المجال.
وبالنسبة لحالات تزوير العملة أوضح أنها موجودة بشكل بسيط وتقتصر على حالات فردية، مشيراً إلى أنه في السابق قبل الأزمة كانت جرائم تزوير العملات منتشرة أكثر من الوقت الحالي، وأعاد السبب في انخفاضها إلى الجهات الرسمية والقوانين الرادعة لهذا الجرم، إذ لا يوجد إخلاء سبيل لمن يثبت عليه جرم ترويج العملات المزورة وبالتالي العقوبة الرادعة هي التي دفعت إلى الإحجام عن هذا الفعل.
وبين سعيد أن قضايا جمع الأموال أصبحت في الوقت الحالي أقل مما كانت عليه في السابق، كاشفاً أن هذا النوع من الجرائم لم تتجاوز عشر في عام 2019، مبيناً أن مبالغ جمع الأموال تكون مبالغ كبيرة صحيح ووصلت في بعض القضايا إلى المليار ليرة.
وقال: هناك البعض ممن يستغلون حاجة الناس ويوهمونهم بتشغيل أموالهم من أجل تحسين وضعهم المعيشي، وفي البداية يعطون أرباحاً لفترة محددة ويقنعون الناس بأنهم يعملون بشكل جيد، موضحاً أن أي مدع طالب حق يسمى المدعي الشخصي عندما ينصب نفسه مدعياً شخصياً.
وعن عدم الأخذ بتقارير الجهات التفتيشية بين أن نص القانون في القضايا الجنائية يأخذ بالضبوط المنظمة أولياً وهي تقارير الجهات التفتيشية وجهاز الرقابة المالية، ويعمل بها حتى يثبت عكسها، لافتاً إلى أنه في بعض الأحيان يحدث أن تجلب الهيئة المركزية تحقيقات معينة ثم تبرز الجهة المعنية صاحبة الصلاحية ما يدحض وما ورد في التقرير، والقاضي من الأولى أن يأخذ بالبيانات التي تثار أمامه، مضيفاً: أما إذا لما يطرأ شيء ينافي ما جاء في التقرير وكان التقرير منطقياً فيتم الأخذ به.
محمد راكان مصطفى – الوط
Views: 1