كان الاتحاد الأوروبي قبل تفشي وباء كورونا قد وصل إلى وضع لا يحسد عليه فقد تعرض في السنوات الأخيرة إلى هزّات وخضات عنيفة ذهبت بالكثير من طموحات أعضائه الذين كانوا يتطلعون إلى جعله عملاقاً اقتصادياً يتفوق على العمالقة الكبار الأميركي والياباني والصيني وبعد صعود كبير حققه الاتحاد في سنواته الأولى وأضحت فيه منطقة اليورو الكتلة النقدية الأكبر عالمياً سرعان ما تراجعت هذه المنطقة وتباطأت معدلات النمو فيها حيث دفعتها الاقتصاديات الكبرى إلى المقاعد الخلفية.
وكانت أزمة المهاجرين التي لعب فيها نظام أردوغان الدور الأخطر قد فاقمت مشكلات الاتحاد الأوروبي المثقل أصلاً بأزمات كثيرة ومتعددة الأشكال، والحقيقة الصارخة أن حكومة أردوغان لعبت دوراً خطيراً في جعل هذه الأزمة لغماً قابلاً للانفجار في أي لحظة في وجه أوروبا بل حولتها أيضاً إلى أبواب مفتوحة للابتزاز المالي والسياسي وأضيفت إلى ذلك أزمة بالغة الخطورة ألا وهي انسحاب بريطانيا من الاتحاد فوضعت دول المجموعة الأوروبية كلها على مفترق طرق خطير فإما أن تتفكك وتنهار وإما أن تستمر ضعيفة هشة على إيقاع مشكلات بنيوية بدأت تفتك بها من الداخل.
وجاء انتشار كورونا ليكشف الضعف الشديد ليس في منظومة الرعاية الصحية في الدول الأوروبية فحسب بل في علاقات التعاون وتقديم المساعدات الطبية بين أعضاء الاتحاد إذ وصل إلى درجة متدنية وحتى إلى درجة الصفر كما حصل عندما ضرب الفيروس إيطاليا وحولها إلى أخطر بؤرة للوباء في أوروبا فتخلت عنها واشنطن أولاً ثم معظم الدول الأوروبية ولم تجد من يمد لها يد العون إلا الصين وكوبا وروسيا.
ورد الإيطاليون على الجميل برفع العلم الصيني، وفي صربيا قبّل الرئيس الصربي العلم الصيني وهو يستقبل المساعدات الطبية الصينية لبلاده.
وفيما يتفشى الوباء بسرعة في القارة العجوز تعود جدران الحدود لترتفع بين دولها وتغدو أهم اتفاقية تميز المجموعة الأوروبية وهي الشنغن في طريقها إلى الزوال فضلاً عن انكشاف هشاشة العلاقات البينية في الأزمات الكبرى فهل تعصف جائحة كورونا بالاتحاد الأوربي وتكون العولمة الأمريكية أولى تداعياتها؟
Views: 5