ما كان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليحصل لولا تواطؤ أنظمة عربية على رأسها النظام السعودي وانخراطه طرفاً أساسياً في «صفقة القرن» وما يسمى «قانون القومية أو يهودية الدولة» ليرى النور بهذا الارتياح الإسرائيلي الكبير لولا العلاقات الدافئة المتنامية مع عدد من الدول العربية، وفي المقدمة منها الدول الخليجية التي شكلت للكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة غطاء عربياً يتيح له أن يسرح ويمرح في الفضاء العربي من دون منغصات أو عوائق.
ومع نقل السفارة الأمريكية واعتبار القدس «عاصمة» للكيان الصهيوني الغاصب، ومع صدور «قانون يهودية الدولة» تكر السبحة ويتوالى تنفيذ فصول وبنود «صفقة القرن» من دون ضجيج ليكرس أمراً واقعاً وإذا كان هذا لا يمثّل جديداً في العقل الصهيوني ولا في المخطط الذي رسمه تيودور هرتزل المؤسس الحقيقي لفكرة ما يسمى «دولة اليهود» منذ عام 1896 في كتابه «الدولة اليهودية» إلا أن الجديد هو شراكة أنظمة عربية في السر والعلن لتمرير هذا المخطط بوقاحة غير مسبوقة.
ويبدو واضحاً لمن يطلع على فحوى «قانون القومية أو يهودية الدولة»، الذي أقرّه «الكنيست» الإسرائيلي مدى الترابط بين «صفقة القرن» وهذا «القانون» إلى درجة يظهر معها أن الصفقة تمت صياغتها انطلاقاً من هذا «القانون» العنصري بامتياز وهذا الأمر ليس غريباً ولا عجيباً، فالذي صاغ المسألتين هو ذاته، «صفقة القرن» التي صاغها غاريد كوشنير صهر الرئيس دونالد ترامب والإسرائيلي غرينبلات والسفير الأمريكي في «إسرائيل» وأساس جوهرها تصفية للقضية الفلسطينية، وهي تلغي حق العودة وتعتبر القدس «عاصمة لإسرائيل» وتريد من الشعب الفلسطيني والأمة العربية أن يقبلوا بفلسطين «كدولة لليهود» في المنطقة.
على أي حال ما يجري للقضية الفلسطينية بالتوازي مع تدمير القوى العربية الداعمة لهذه القضية هو نتيجة الحروب الإرهابية التكفيرية وهو الثمرة الفاسدة لأنظمة رجعية عربية وإسلامية فاسدة وهو أيضاً انعكاس لما يعتقده نتنياهو وترامب أن ثمة فرصة تاريخية سانحة لتمرير الصفقة المستندة إلى «قانون القومية اليهودي»، فالعرب في أضعف أحوالهم ومستنزفة قواهم، أما العالم فهو منشغل بحروب ترامب التجارية والاقتصادية وفي الفوضى التي تجتاح السياسة الدولية.
نعود للقول إن جرأة العدو على إصدار أشد «القوانين» عنصرية واغتصاباً ثمرة فاسدة لفساد الأنظمة العربية الرجعية التي رعت الحرب الإرهابية الوحشية على أكثر دول الدعم العربي للقضية الفلسطينية وفي مقدمتها سورية، ولكن في زمن الانتصارات السورية المبهرة ومع زوال أعتى وآخر الأنظمة العنصرية «الأبارتهايد» في جنوب إفريقيا لا يمكن أن تكتب الحياة للنظام العنصري الإسرائيلي مهما «شرعنوا» لعنصريته وحقنوه بالدعم الأمريكي اللا محدود
Views: 10