مع تفاقم أزمة «كورونا» عالمياً وانعكاسها الطبيعي على الحياة في لبنان بكل وجوهها الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، يعيش اللبنانيون مواطنين وطبقة سياسية حرباً حقيقية مع هذا الوباء بين حدين: حد منع تفشيه وإنتقال العدوى بين الناس وما يرتبه من عزل وحد آخر في شلل نواحي الحياة كافة وبين قدرة الناس والدولة والحكومة على الاستمرار في ظل توقف مصادر الدخل الخاصة والرسمية اي كأفراد وكدولة.
وتقول اوساط واسعة الإطلاع في تحالف «حزب الله» و8 آذار ان الحكومة وكل القوى السياسية وخصوصاً المشاركة في الحكومة امام امتحان وتحد هو الاصعب بتاريخ لبنان منذ 100 عام اكان لجهة مواجهة وباء «كورونا» المميت والقاتل صحياً واقتصادياً، وما يخلفه من «دمار شامل» صحي ونفسي على من يصاب به وانعكاسه قبل الشفاء والتعافي منه على عائلته ومحيطه. ولا سمح الله من يذهب ضحيته ايضاً وخصوصاً ان انفلات الوفيات يعني سقوط عشرات الالاف من الضحايا يومياً كما يحدث في 6 او 7 بلدان في العالم.
والتحدي الثاني هو حالة الافلاس العامة التي تضرب المواطنين والدولة في آن معاً وإنشغال العالم كله، كل بأزمته. وقبل «كورونا» لم تحصل حكومة الرئيس حسان دياب على فلس واحد من الخارج، ولا من اي جهة عربية او دولية، كما لم يتبين افق اي تمويل دولي كقروض مشروطة بجملة من الاصلاحات ليس متوفرة في المدى المنظور.
ومع اقتراب الدولة من شبح الإفلاس الحقيقي، في ظل ما يتردد عن عدم القدرة على تسديد الرواتب في القطاع العام بعد شهرين او ثلاثة اشهر، الا اذا «طّبعت» عملة وطنية بكميات كبيرة وما سينتج عنها من تضخم، او اننا ذاهبون الى الخيارات السيئة مالياً واقتصادياً واجتماعياً.
وتكشف الاوساط ان الحكومة ومعها الاكثرية امام خيارات صعبة ومرة ولن تكون قراراتها التي يجب اتخاذها سهلة او قليلة الكلفة سياسياً او شعبياً.
وتقول ان ما يتداول داخل اروقة تحالف الثنائي «حركة امل» و«حزب الله» و8 آذار، انهم ضد فرض اي ضرائب جديدة وتطال الفقراء ومع ضبط سعر صرف الدولار مقابل الليرة ومع ادارة افعل للملف المالي وسد ابواب الهدر والفساد وضد اي «كابيتال كونترول» او المس بالودائع للمغتربين عموماً والشيعة خصوصاً. لجهة ان هؤلاء يتعرضون لحرب اسرائيلية واميركية في افريقيا واميركا اللاتينية بحجة دعم «حزب الله» وتمويله. وهذا ما ادى الى وضع عقوبات مالية كبيرة وضرب لرساميل العديد من رجال الاعمال والتجارة الشيعة حول العالم.
وتؤكد ان هذا التحالف العريض لا يقول الشيء ويتصرف نقيضه، ولا تؤشر ممارسته السياسية خلال 3 عقود الى هذا النهج المتناقض ولا يشبه مبادئنا ومصداقيتنا امام جمهورنا وخصوصاً جمهور المقاومة.
في المقابل وتكشف الاوساط اننا امام وضع حرج وخطير للغاية، ولن نخرج منه بسهولة ومن هو في السلطة اليوم يعرف حجم الامكانات المعدومة، وحجم التحديات، وما هو مطلوب للعبور الى بر الامان. فكل الطرق تؤدي الى المشكلة والهاوية والافلاس، وما تقوم به الحكومة اليوم هو افضل الممكن لا بل الوحيد المتوفر.
وتقول ان فريقنا سيعبر عن رأيه وهواجسه ومخاوفه وخصوصأً المس بالفقراء وودائع اللبنانيين ولا يهدف الى الشعبوية او المزايدة. وسيرفض اي توجه مماثل، لكنه يدعم الحكومة في مسارها ولا يري خيارات بديلة عن التي هي مطروحة في الخطة الاقتصادية التي ستقدم قريباً للنقاش. ولو لم تعجب المعارضة او الناس، وهناك من سينتقدها وسيعريها، ونحن منهم ولكن ليس هناك من ترف او مجال للذهاب بعيداً في بعض المزايدات والشعارات الفارغة التي يطرحها البعض ويهدد باستقالته من مجلس النواب. فماذا تؤثر استقالة لاي فريق اليوم وفي ظل هذه الازمة من مجلس النواب؟
Views: 3