وفق المعلومات يُتوقع أن يتخذ الرئيس إردوغان قريباً سلسلة من الإجراءات لإنزال الضربة، ربما القاضية، بكل معارضيه.
مع استمرار الحملة التي يتعرَّض لها الرئيس التركي رجب طيب إروغان من قبل أحزاب المعارضة والإعلام المعارض في ما يتعلق بمواقفه وقراراته الخاصة بالتصدي لفيروس كورونا، لم يتأخر الرئيس بدوره في شن هجومه المعاكس على أعدائه من السياسيين والإعلاميين، وقال عنهم: “هؤلاء على وجوههم علامات الشؤم، فقد استغلوا وباء كورونا، وأعلنوا الحرب ضد وطنهم تركيا، ولكنهم لن ينتصروا، وسوف نتخلص لا من فيروس كورونا فقط، بل أيضاً من فيروسات الصحافيين والسياسيين، أعداء هذا الوطن”.
كلام إردوغان جاء رداً على الحملة العنيفة التي تعرض لها، وما زال، بسبب الأخطاء التي ارتكبها في مواجهة وباء كورونا، بما في ذلك استقالة وزير الداخلية لمدة ساعتين فقط.
وقالت المعارضة: “هذه الأخطاء هي السبب في تفشي الوباء في معظم أنحاء البلاد، كما هو الحال عندما أعلن منع التجول فجأة ليلة الجمعة الماضية، ما دفع مئات الآلاف من المواطنين إلى الخروج إلى الشوارع للتسوق، من دون المبالاة باحتمالات إصابتهم بالمرض”.
وقد دفعت هذه الحملة إردوغان إلى التفكير في تدابير عاجلة ضد معارضيه الذين أحرجوه في الداخل والخارج، على الرغم من أنه يسيطر على 95% من الإعلام الحكومي والخاص.
ووفق المعلومات يُتوقع أن يتخذ الرئيس إردوغان قريباً سلسلة من الإجراءات لإنزال الضربة، ربما القاضية، بكل معارضيه، ليس في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة فحسب، بل في شبكات التواصل الاجتماعي أيضاً، والتي ستوضع تحت الرقابة الصارمة، بحيث لن يسمح لأحد بتوجيه أي انتقادات إلى سياساته وقراراته ومواقفه وتصرفاته الداخلية والخارجية، وإلا فالقضاء سيلاحقهم بحجة الإساءة إلى شخص الرئيس، مهما كان نوع الانتقاد.
ولفت أستاذ القانون، البروفيسور كوكسال بايراقدار، الانتباه “إلى الازدياد المستمر في الشكاوى التي يرفعها الرئيس إردوغان بحق معارضيه، ويتهمهم بالإساءة إليه كرئيس للجمهورية”.
وقال: “في عهد الرئيس السابق عبد الله جول، كان عدد الشكاوى 848 شكوى، فيما كان عددها في عهد الرئيس الأسبق أحمد نجدت سازار 158. وفي عهد كنعان إيفرين الذي قام بانقلاب العام 1980، وحكم البلاد حتى نهاية العام 1989، لم يتجاوز عدد الشكاوى 340 شكوى، رفضت المحاكم الكثير منها، خلافاً للشكاوى التي تقدم بها الرئيس إردوغان، ووصل عددها إلى 19122 شكوى حكمت المحاكم في معظمها لصالحه، وهو ما يعني أحكاماً بالسجن تتراوح بين سنة و3 سنوات”.
وزاد الطين بلة قانون العفو الذي أقره البرلمان، ليلة الإثنين الماضي، بأغلبية أصوات “العدالة والتنمية” وحليفه حزب الحركة القومية. وقال وزير العدل عبد الحميد جول: “إن الهدف منه هو إخلاء سبيل حوالى 70 ألفاً من السجناء المهددين بخطر فيروس كورونا، لتواجدهم في زنزانات مكتظة بهم”.
وتعرض القانون لانتقادات عنيفة من أحزاب المعارضة والإعلام المعارض والحقوقيين، الذين اعتبروه مناقضاً للدستور، بعد أن استثنى “المتهمين بالإرهاب”، ومنعهم من الاستفادة من مواده التي تعني تخفيف العقوبة أو قضاء السجين ما تبقى من عقوبته في منزله.
ونجح حزب “العدالة والتنمية” خلال مناقشات القانون في تمرير تعديلات غريبة على القانون الخاص بعمل جهاز المخابرات، ليشمل ذلك ملاحقة الصحافيين وكل من ينشر أي معلومات عن فعاليات الجهاز في الداخل والخارج.
واستهدفت التعديلات 4 من الصحافيين الذين تم اعتقالهم الشهر الماضي، بعد أن نشروا معلومات عن مقتل أحد ضباط المخابرات ومرافقه في ظروف غامضة خلال تواجدهما في ليبيا لتدريب المليشيات الموالية لحكومة الوفاق، وكان الضابط يتحدث اللغة العربية بطلاقة، لأنه عمل في سوريا، على حد قول الصحافيين المذكورين. ويبدو أن خروجهم من السجن لن يكون سهلاً بعد الآن.
واعتبر المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، فائق أوزتراك، أن “تهمة الإرهاب هي حجّة الرئيس إردوغان لإبقاء كل الصحافيين والسياسيين والمحامين والمثقفين في السجون، وزج المزيد منهم فيها خلال الفترة القريبة القادمة، التي ستشهد إجراءات استبدادية تستهدف الصحافيين المعارضين”.
وأشار أوزتراك “إلى سيطرة الرئيس إردوغان على الجهاز القضائي، بعد أن سيطر على الجيش والمخابرات والأمن بعد تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي في نيسان/أبريل 2017”.
وقال: “من السهل جداً أن تحاكم المحاكم الموالية لإردوغان أي شخص متهم بالإساءة إلى الرئيس بأحكام قانون الإرهاب، المقصود به العلاقة بحزب العمال الكردستاني أو التنظيمات اليسارية المتطرفة أو الداعية فتح الله غولن، المتهم بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو 2016. وحكمت المحاكم خلال الفترة الماضية على ما لا يقل عن 30 ألفاً من الجنرالات والضباط والقضاة والمحامين والصحافيين ورجال الأعمال بالسجن لفترات طويلة، حالهم حال الرئيسين المشتركين السابقين لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش وفيكان يوكساك داغ، و7 من أعضاء البرلمان، والآلاف من عناصر الحزب المذكور وأتباعه وأنصاره، وهو الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني. يضاف إليهم نشطاء في مجال حقوق الإنسان، وحوالى 100 صحافي، ورئيس جمعية الحقوقيين التقدميين، والبعض من زملائه. وتم اعتقالهم بعد أن زاروا سوريا في العام 2013، واتهموا آنذاك الرئيس إردوغان بدعم الجماعات الإرهابية، وأكدوا ضرورة محاكمته دولياً”.
وانتقدت منظمات دولية تدافع عن حقوق الإنسان، مثل “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، القانون، لأنه استثنى السجناء المدانين بقانون مثير للجدل، ألا وهو مكافحة الإرهاب.
وتعرّض قانون العفو أيضاً لانتقادات عنيفة من المعارضة التي قالت “إن جميع المحكوم عليهم بالجرائم الأخرى، كالسرقة والسطو والاختلاس والرشاوى والفساد المالي والتزوير وعناصر المافيا، سيخرجون من السجون، حالهم حالهم مغتصبي الفتيات القاصرات دون سن 16 عاماً، شرط أن يتزوجوا ضحاياهم”، وهو ما أدى إلى ردود فعل عنيفة من قبل المنظمات النسائية التي اعتبرت هذا الشرط مهيناً ومناقضاً لأبسط معايير حقوق الإنسان.
وأشار الصحافي المعارض، لوند كولتاكين، وكان مقرباً من الرئيس إردوغان قبل العام 2010، إلى التوتر الذي وقع في أيار/مايو 2018 بين الأخير وشريكه زعيم حزب الحركة القومية دولت باخشالي، الذي اقترح آنذاك إصدار قانون عفو يشمل زعيم إحدى عصابات المافيا المقرب منه والمعادي لإردوغان.
وقال: “أخيراً، رضخ إردوغان لتهديدات شريكه باخشالي، لأنه بحاجة إليه في كثير من الأمور خلال المرحلة القادمة قبل أو بعد التخلّص من فيروس كورنا، لأنه ستكون هناك الكثير من “الفيروسات الأخرى” في الصحافة والسياسة، والتي سيسعى إردوغان إلى التخلص منها قبل أن تصيبه، وتهزّ عرشه، وتطرحه فراش الأزمات الخطيرة التي ستواجهه قريباً، وهي كثيرة خارجياً، منها إدلب وسوريا عموماً، وداخلياً إفلاس الآلاف من الشركات وفقدان الملايين من الناس لوظائفهم بسبب كورونا. وسيتحجّج إردوغان به للقضاء على الفيروسات الأخرى، مهما كلفه ذلك”.
الميادين
Views: 4