العالم كله مشدود بأبصاره وآذانه الى حارة حريك، حيث كلمة السرّ عند صاحب اليقين وسيد الصمت القاتل والكلام الفاصل…!
فيما الكيان الصهيونيّ منقسم على نفسه أفقياً وعمودياً، كما لم يحصل منذ قيامه…
– والمظاهرات العنيفة تحيط بحكومة تعيش أشدّ حالات ضعفها…
والكورونا تحاصر كل الرموز الحاكمة في تل أبيب موجة بعد موجة…
والمستشفيات مزدحمة إلى درجة الاختناق..
ومليون عاطل عن العمل،
وأزمة اقتصادية حادة،
ورئيس العصابة الحاكمة يترنح وغارق حتى عنقه في مشاكل قانونية وسياسية حادة…
بعدما جاءت خطوته بالهروب بمشاكله الى خارج الكيان من خلال العدوان على محيط مطار دمشق قبل أيام لتزيد استفحال أزمته على عكس ما كان يخطط…
ويبقى الكل مشدوداً بعيونه الى الشمال والردّ المرتقب لحزب الله…
في هذه الأثناء يقول رئيس «معهد دراسات الامن القومي الإسرائيلي «اللواء احتياط عاموس يادلين:
إن الجيش الإسرائيلي يتجهز لاحتمال أن يشن حزب الله هجوماً على أهداف إسرائيلية..
ويضيف وفق القناة 7 العبرية: «الحساب معروف، وقد يتصرف حزب الله باتجاه خطير مما سيلاقي ردة فعل من الجيش منذ اللحظة الأولى لأي هجوم»، مبيناً أن الرد سيكون تكتيكياً وديناميكياً…!
ولكن فجأة تأتي الأوامر لوزراء الكبينت والجميع: توقفوا حالاً وفوراً عن الحديث بما يحدث في الشمال.
تقديرنا أنهم يتخبّطون وأنّ ردهم على هجوم من حزب الله سيكون محدوداً، هذا إنْ حصل، وفي حال قيام حزب الله بالردّ على ردّهم وقام بتوسيع ردّه، فإنهم سيوسّعون تحركهم بواسطة القصف الجوّي ولكن داخل فلسطين المحتلة.
وتقديرنا ان ذلك بسبب خشيتهم من سيناريو قيام حزب الله بالتقدم داخل الجليل وهو ما دفعهم لإخلاء المنطقة الحدودية كي يفسح المجال لسلاح الجو بتدمير قوات الحزب التي يتوقعون دخولها إليها ما سيضطرهم لتوسيع قصفهم الجوي هناك…
هذا ما أراد ان يقوله يادلين. وهذه هي خطتهم…
المعنيون بقراءة الموقف من جانب محور المقاومة في المقابل يؤكدون بأنّ خططهم كلها ستكون فاشلة وعقيمة، لأن جيشهم وجمهورهم في مثل هذا السيناريو سينهاران بعد اول مجموعة صواريخ تطلق على تل أبيب وحيفا…!
من جهة أخرى فقد قالت مصادر عسكرية متابعة لجبهة الشمال – الجنوب، بان طبيعة إعادة الانتشار العسكري والامني الإسرائيلي في جبهة الشمال في ظروف التوتر العسكري والسياسي العام، بين محور المقاومة والمحور الأميركي والمواكبة لزيارة قائد هيئة الاركان الأميركية، الجنرال مارك ميلي للكيان الصهيوني، ما يلي:
إن زيارة الجنرال مارك ميلي للكيان جاءت بناءً على طلب إسرائيلي، انطلاقاً من تقديرات الاركان العامة الإسرائيلية العاجزة عن تحديد نوع رد حزب الله، والتي لم تستثنِ أي احتمال بشأن رد الحزب ما يعني أن الأركان الإسرائيلية ليس لديها اي تقدير واضح حول ما اذا كان الرد سيكون من الجو او في الجو او في البحر أم رداً صاروخياً ضد القوات البرية الإسرائيلية، كما أن لا يقين لديها من أن الرد لن يكون من إيران مباشرة مثلاً، بعد اعتراض الطائرة المدنيّة الإيرانية، او من سورية التي تتعرّض أراضيها لقصف جوي وصاروخي إسرائيلي متواصل.
وهذا يعني في العلم العسكري باختصار أن العدو يعاني من «عمى استخباري»…!
وان الهدف من طلب الجيش الإسرائيلي زيارة رئيس الاركان الاميركي هو بحث مدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن «إسرائيل « في حال قيام قوات حلف المقاومة برد عسكري واسع النطاق، وهو ما أكد عليه، عملياً وبشكل مباشر، وزير الحرب الإسرائيلي، الجنرال بني غانيتس، عندما قال للصحافيين، بعد اجتماعه مع الجنرال كيللي مباشرة، بأن قائد الاركان الاميركي، قد اكد للطرف الإسرائيلي، خلال الاجتماع به (وزير الحرب ورئيس الاركان الإسرائيلي ورئيس الموساد وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي) على ما يلي:
– تجب مواصلة الضغط على إيران ووكلائها. ولا ننصح احداً بتجربة قوة «إسرائيل» (ما يعني انها رسالة طمأنة رقم واحد – المترجم).
–إننا لا نسعى لأي تصعيد (الجنرال ميللي يقول ذلك)، ولكننا سوف نقوم بكل عمل ممكن لحماية امن الإسرائيليين، على كل الصُعُد وتحت كل الظروف. (رسالة طمأنه ثانية للإسرائيليين وأخرى طلب تهدئة من حلف المقاومة يقول فيها ان الاركان العامة المشتركة للجيوش الاميركية ليست لديها النية في تصعيد عسكري مع حلف المقاومة – المترجم).
3) وللتأكيد على الطبيعة الحقيقية لزيارته، فقد قام الجنرال كيللي بزيارة قاعدة نفتاڤيم الجوية الإسرائيلية، الواقعة بالقرب من مدينة بئر السبع في جنوب فلسطين وتفقد منشآتها، ولم يقم بزيارة الجبهة الشمالية.
فماذا يعني ان الزيارة، ذهبت باتجاه هذه القاعدة الجوية الإسرائيلية بالذات، البعيدة عن الجبهة الشمالية، وما هي اهدافها!؟
إنّ الإجابة على التساؤل اعلاه تكمن في ان هذه القاعدة تضمّ بطاريات الدفاع الصاروخي الأميركية المولدة للصواريخ، من طراز ثاد THAAD، والذي تم نشره في هذه القاعدة بتاريخ 3/3/2019 حسب تصريح رسمي، ادلى به الناطق العسكري الإسرائيلي، الكولونيل جوناثان كونريكوس ( Leutnant Colonel Jonathan Conricus، وأعلن فيه وصول تلك البطاريات الأميركية إلى القاعدة وبدء تشغيلها.
اذن فزيارة هذه القاعده تعني، ان الجنرال ميللي أراد ان يقول لمضيفيه الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة جاهزة للدفاع عنكم في حال تعرضكم لهجمات صاروخية إيرانية (نظام الدفاع الصاروخي يتعامل مع الصواريخ الباليستية الآتية من الفضاء).
اما ما يؤكد ان طبيعة زيارة الجنرال الاميركي هي طبيعة زيارة طمأنة وليست زيارة اعلان حرب فهو أن محادثته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتن ياهو، قد تمت عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، وليس بشكل مباشر. ولا اعتقد اطلاقاً ان من يريد التخطيط لحرب واسعة، ضد محور المقاومة، بالتعاون مع قاعدته العسكرية المسماة «إسرائيل» لا يجتمع مع رئيس وزرائها، ولمدة طويلة وجهاً لوجه، وذلك لأن مَن سيتخذ قرار الحرب كما يفترض هم ليسوا الضباط الإسرائيليين، الذين التقاهم الجنرال ميللي، وإنما نتن ياهو نفسه.
اذن فهذا دليل آخر على أن هدف الزيارة تبديد الرعب، الذي يعيشه قادة «إسرائيل» السياسيون والعسكريون، من قبل سيدهم الأميركي، خاصة أنه بات يعرف أنهم وجيشهم لا يشكلون مصدر ثقة وانتصارات بل وإنهم لم يسجلوا سوى الهزائم، منذ ما بعد سنة 1967 وحتى اليوم وليس في الأفق أنهم سينجزون انتصاراً حتى آخر يوم مما تبقى في عمر دويلتهم.
اما بخصوص ما يتردد حول رفع حالة التأهب والحشود الإسرائيلية على الجبهة الشمالية، فلا بد من توضيح النقاط التالية:
أ) إن قيادة الجيش الإسرائيلي لا تمتلك ادنى حدّ، لا عن طبيعة ردّ حزب الله، ولا عن حجمه. وهو ما جعل شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تتخذ قرارات بتكثيف عمليات الاستطلاع، لكافة قواطع العمليات في جنوب وجنوب شرق لبنان (البقاع الغربي وصولاً الى الهرمل)، بواسطة الطائرات المسيّرة وليس بواسطة قوى الاستطلاع البشرية، خوفاً من وقوعهم في أسر قوات حزب الله.
ب) إن قيادة الجيش الإسرائيلي قد الغت مناورةً، كانت مقررة، في الجولان السوري المحتل، خوفاً من استفزاز الجيش السوري وقوات حلف المقاومة الأخرى، على الجبهتين اللبنانية والسورية.
ج) إن القيادة العامة، لهيئة الأركان الإسرائيلية، قد أصدرت أمراً لكافة وحداتها، العاملة على طول الجبهة الشمالية، وصولاً الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بإخلاء كافة مواقعها وسحب كافة آلياتها بعمق 6 كيلومترات، كي لا تكون هذه الوحدات اهدافا سهلةً لرد حزب الله المؤكد، حسب تقدير القيادة العسكرية الإسرائيلية.
ج) ان اي قيادة عسكريةٍ تخطط لعمليات هجومية، داخل ارض العدو، لا يمكن لها أن تقوم بإخلاء مواقعها الأمامية، التي تشكل رؤوس جسور للقوات البرية والمدرعة، التي يفترض ان تتقدم باتجاه الأهداف المعادية لاحتلالها والتثبت فيها.
اما قيام هيئة الاركان العامة الإسرائيلية باتخاذ الإجراء المعاكس تماماً فإنه يعني انها تطبق خطةً دفاعيةً، تتمثل في سحب وحداتها من تحت النيران المباشرة لقوات العدو (الصواريخ المضادة للدروع ومدافع الهاون والمدفعية المباشرة (عديمة الارتداد كالمدفع 106 ملم) والتي تغطي عمق الستة كيلومترات، وذلك بهدف إقامة ما يطلق عليه في التعبيرات العسكرية: عُقَدْ مقاومة دفاعية، بهدف وقف تقدم قوات العدو(حزب الله في هذه الحالة) الى عمق أكبر، وذلك لإفساح المجال أمام سلاح الجو الإسرائيلي للتعامل مع القوات المهاجمة ووقف تقدمها وتلافي دخول القوات البرية والمدرعة في معارك مباشرة مع مقاتلي حزب الله، والتي لن يكون الطرف الإسرائيلي قادراً على تحقيق أي مكسب من ورائها.
د) اما اذا كان البعض يعتبر قيام الأركان العامة الإسرائيلية بوضع، الكتيبة رقم 13 في لواء غولاني، بتصرف قيادة الجبهة الشمالية بمثابة حشد إسرائيلي لتنفيذ «عملية كبيرة» ضد حزب الله في جنوب لبنان، فهو على خطأ كبير، ذلك لأن أي عملية إسرائيلية، من هذا الحجم، تحتاج الى 5-6 فرق كاملة كي تتمكن من بدء هجوم كبير، وبغض النظر عن تفاصيل عمليات الكر والفر، فإن مثل هذه العملية ستؤول بكل تأكيد الى الهزيمة وليس فقط الى الفشل، بحسب اعتقاد المحللين العسكريين المختصين.
وبالعودة الى ما يتعلق بخصوص وصول حاملة الطائرات النوويه الأميركية (يطلق عليها نووية لأنها تعمل او تسير بالطاقة النووية وليس بأنها تحمل أسلحة نووية بالضرورة)، ثيودور ايزنهاور، مع مجموعتها القتالية، المؤلفة عادة من 10-12 سفينة حربية، تضمّ مدمرتين وفرقاطتين وطرادين وسفينتي إنزال وسفينة او سفينتي تزويد وامداد وزورقي صواريخ، وغير ذلك (مثل سفن ورشات الصيانة او سفن المستشفيات)، التي وصلت، عبر قناة السويس، الى البحر المتوسط، حيث ستتمركز هذه القوه جنوب شرق جزيرة كريت اليونانية، فإن السبب الحقيقي، وراء هذه الخطوة الأميركية، فهو امر لا علاقة له اطلاقاً، باحتمالات عمل هجومي أميركي إسرائيلي مشترك ضد حلف المقاومة، وإنما هو عبارة عن عملية «حفظ سلام» أميركي في شرق البحر المتوسط.
وللمزيد من الدقة والتوضيح، فإن سبب نشر هذه القوة في تلك المنطقة وفي هذه الظروف بالذات يتعلق بالنزاع التركي اليوناني على الحدود البحرية، وبالتالي على الثروات النفطية والغازية في شرق المتوسط.
فكما هو معروف، فإن سفينة التنقيب عن النفط التركية «أوروك رايز» ( Oruk Reis )، التي كانت راسية في ميناء انطاليا التركي حتى صباح اليوم، قد تحركت باتجاه جزيرة كاستيلريزو( Kastelrizo ) اليونانية، التي لا تبعد سوى أربع كيلومترات عن الشواطئ التركية، حيث ستقوم هذه السفينة التركية بإجراء عمليات دراسة ومسح بحثاً عن مكامن النفط والغاز، في مياه هذه الجزيرة اليونانية، إضافة الى مياه جزيرتي رودوس وكريت، التي تعتبر تركيا ان من حقها التنقيب في مياههما. وهو الأمر الذي اشعل توترات بحرية كبيرة، بين تركيا واليونان، تنذر بنشوب حرب بين الدولتين الاطلسيتين. وهو الامر الذي دفع المستشارة الالمانية، انجيلا ميركل، بمهمة وساطة عاجلة ومكثفة، بين اليونان وتركيا، وذلك لمنع وقوع حرب، بانتظار وصول القوة البحرية الاميركية الضاربة، التي ستكون بمثابة قوات فصل او فض اشتباك بين الطرفين، خاصة ان لدى سلاح البحرية التركية ما مجموعه 25 سفينة حربية منتشرة في تلك المنطقة.
وعليه فلا داعي للتهويل بهذه القوة الأميركية الوافدة خاصة أن من سيواجهون أي عدوان محتمل، سواءً بواسطة هذه القوة البحرية او غيرها، لا يخشون المواجهة ويعرفون كيف يواجهون وينتصرون وهم من معدن غير قابل لا للاهتزاز ولا الارتجاج ولا التراجع في زمن اليقين بالنصر، أياً كانت سيناريوات المواجهة.
لا مكان للتراجع، لا مكان للضعف، ولى زمن الهزائم…
بعدنا طيبين قولوا الله…
Views: 4