تعجز الكلمات عن وصف ما حدث في مرفأ بيروت وما خلفته صدمة الأنفجار الرهيب من ويلات ومواجع وأهوال في عاصمة النور ومهد الثقافة والحداثة العربية ومركز إشعاع دنيا المشرق, فهو أفظع كارثة في التاريخ المعاصر, كارثة تذكر بانفجار تشرنوبل في أوكرانيا والعدوان الإرهابي الأمريكي على اليابان في الحرب العالمية الثانية من خلال إلقاء الطائرات الأمريكية القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي في مثل هذا الشهر قبل خمسة وسبعين عاماً.
إنها الصدمة المزلزلة وإنه الترويع المرعب, وكيف لا وهو وحش النار المنطلق من تفجير حوالي ألفين وسبعمئة وخمسين طناً من نترات الأمونيوم والذي أدى إلى تشريد ثلاثمئة ألف شخص وأكثر من مئة وستين شهيداً وستة آلاف جريح ومئات المفقودين، ودمار كامل لمرفأ بيروت الذي كان يستقبل أكثر من ثلاثة آلاف سفينة سنوياً وأكثر من سبعين بالمئة من العائدات الجمركية للبنان، ودمار أبنية وخروج مشافٍ عن الخدمة ولولا موقع الانفجار القريب من البحر لكانت العواقب أكبر، حيث سمع الانفجار في قبرص وسحب الدخان وصلت إلى سورية وقدرت الخسائر ما بين عشرة مليارات إلى خمسة عشر مليار دولار.
ولا شك أن السؤال المهم الدائر على كل شفة ولسان مع عمق الجراح هو من يقف وراء هذا الحدث الفظيع؟ بل من المسؤول عن هذه الجريمة الكبرى؟ وهل الإهمال هو المسبب الوحيد؟ وفي علم القانون والجريمة في كل جرم اسأل عن المستفيد لتعرف الفاعل, ومن غير استباق نتائج التحقيق والتجاذبات المعروفة في لبنان التي تكاد أن تضيع الحقيقة نقول إن الكيان الصهيوني لطالما كان يحلم بإبعاد مرفأ بيروت عن منافسة مرفأ حيفا ولطالما كان يريد إلحاق الأذى والشرور وعدم الاستقرار بلبنان.
وعلى الرغم مما سببه وباء كورونا والإرهاب المجرم ورعاته في قدرات سورية ورغم استمرار الحصار الاقتصادي الغربي الوحشي فقد سارعت الدولة السورية لمد يد العون وفتح الحدود لمعالجة الجرحى من الأشقاء اللبنانيين وتقديم شتى أنواع المساعدات.
وبكل محبة للأشقاء اللبنانيين ومع أقصى درجات التعاطف معهم ستبقى سورية الأوكسجين الذي يعيد الحياة للبنان الشقيق ولعاصمته بيروت, وأي أوكسجين آخر لن يكون نقياً ولن يكون علاجاً سليماً.
Views: 0