الظروف الاقتصادية المرافقة للحرب تنشط تجارة الجنس رئيس فرع حماية الآداب: عقود زواج شرعية شكلاً .. لكنها اتجار عملياً
تعددت أنواع الاستثمار في الأزمة التي يعيشها الناس، ولكن قد يكون الاتجار بالجنس بقصد العيش من أكثرها سوءاً.
فهناك من يستغل حاجة النساء ويتاجر بأجسادهن بعد إيهامهن بمنحهن فرص عمل، أو تسفيرهن للزواج، لكن لا يلبثن أن يكتشفن أنهن في ورطة يصعب الخلاص منها.
في متابعة تفاصيل هذا الموضوع بين إدارتي مكافحة الاتجار بالأشخاص، وفرع حماية الآداب العامة في الأمن الجنائي تبين أن هناك وسائل عدة لتصيّد الفتيات بقصد استغلال أجسادهن وتشغيلهن في الدعارة.
حيث وثقت السجلات وجود صالوني تجميل في منطقة جرمانا، يتم اصطياد فتيات يقصدن الصالون بقصد التجميل أو العمل ويتم هذا من قبل نساء يعملن على استجرار النساء ويقمن بتشجيع الفتيات على السفر إلى لبنان بحجة توقيع عقود عمل هناك، حيث تمكنت سيدة من إقناع إحدى زبونات الصالون بترك عملها في أحد النوادي الليلية والذي تتقاضى منه في السهرة مبلغ عشرة آلاف ليرة فقط، والتوجه إلى لبنان، لتحصل على 150 دولاراً عن كل سهرة!
عندما وصلت تلك الفتاة إلى لبنان اكتشفت أن العمل المطلوب منها ليس ما كانت تقوم به في سورية، وإنما العمل في الدعارة، وأن البناء الذي وصلته سبقها إليه الكثير من الفتيات السوريات اللواتي تم التغرير بهن، وأن من يغرر بهن لسن من زبائن الصالونات فقط بل أيضاً من العاملات في الصالونات اللواتي تجد أنها تستطيع إقناعهن بذلك، وتشرح لهن أنهن يستطعن الحصول على ألف دولار في اليوم، وأن هذا المبلغ سيمكنهن من ركوب أفضل السيارات وشراء منزل في منطقة فخمة، وتستعرض أملاكها وسيارتها الفخمة التي تقودها في محاولة لإغرائهن.
تنشط هذه السيدة في المحلات الفخمة، أو محلات السهر، وأحياناً تتصيّد الفتيات من الشوارع.
عقود زواج
ليس هذا الشكل الوحيد للتغرير بالسوريات واستغلال حاجتهن.. فقد نبّه رئيس فرع حماية الآداب في إدارة الأمن الجنائي – العقيد وسيم علي معروف العائلات إلى عدم التسرع في الإقدام على تزويج بناتهن من شباب عرب قبل التأكد من غايات المتقدمين للزواج، وأكد أنهم وثّقوا زيجات بنات لم تستمر أكثر من 3 أيام فقط ثم عادت إلى والديها بعدما تنازلت عن كل مستحقاتها، وفي أقصى الحالات بقيت معه أقل من عام. أضاف العقيد معروف أن أحد الشباب العراقيين تزوج خلال 9 أشهر من ثلاث فتيات سوريات، وأنه لولا منع الحركة بين البلدين بسبب انتشار(كورونا) لكان عدد زيجاته من سوريات أكبر من ذلك بكثير!.
وبين العقيد معروف أن أغلب الحالات التي وثقوها تشير إلى تعامل الشباب العرب الذين تزوجوا من سوريات مع الفتاة وكأنها سلعة اشتراها من أهلها، علماً أن أكبر المبالغ المدفوعة كمهر لا يتجاوز 5 ملايين ليرة (مقدم)، و5 ملايين ليرة (مؤجل)، وبعد مضي ثمانية أشهر على تواجدها عنده تنازلت عن كل مستحقاتها مقابل أن تتخلص من هذا الزواج.
وتبين من خلال توثيق إحدى السيدات حالة أخرى طريقة التعامل العنيفة معها من قبل الزوج العراقي،وعندما تمكنت من العودة لسورية أحضرت معها الصور التي تظهر آثار الضرب الذي تعرضت له، إضافة لتسجيلها للإهانات والشتائم التي يُسمعها إياها.
وأكد أيضاً أن هناك زيجات تمت بطريقة الاتجار من دون علم الأهل، حيث يقوم شخص من سورية بتسهيل فكرة الزواج ومقابل كل فتاة يتم تزويجها يحصل على 300 دولار، لتلقى الفتاة غالباً المصير ذاته.
وأضاف العقيد معروف أن التعاون الأمني بين سورية ولبنان سهّل الكشف عن الكثير من حالات الاتجار كحال المبنى المخصص لتشغيل الفتيات بالدعارة في لبنان، وكان من بينهن 75 فتاة سورية، أكثرهن تم التغرير بهن وإيهامهن بأنهن ذاهبات للعمل برواتب مغرية، وتم تصيّدهن من أماكن مختلفة، ولكن حالما يصلن إلى لبنان يتسلمهن شخص ويضعهن في بناية مخصصة لهذا النوع من الاتجار، ومن ثم يكتشفن أن العمل المطلوب منهن ” دعارة” ويتعرضن للكثير من الإهانات والضرب، وفي حالات يفرض على الواحدة منهن معاشرة أكثر من 25 رجلاً في اليوم، والابتزاز الأكبر أن حصتها لا تتجاوز 60 دولاراً مقابل كل هذا الإذلال والامتهان الذي تتعرض له.
في هذه الأماكن
وأكد العقيد معروف أن أكثر الأماكن العامة التي يتم تصيد الفتيات من خلالها هي صالونات التجميل، والمطاعم والملاهي، والمقاهي، وأن هناك شوارع ومناطق محددة تتواجد فيها الفتيات إذ أن هناك بنات يعملن لحسابهن، ويقصدن هذه المناطق ليتم اصطحابهن من قبل بعض الرجال العابرين أو القاصدين لتلك المناطق، ومن بين تلك الشوارع التي تتواجد فيها العاملات في الدعارة: شارع الحمرا، وعرنوس وأوتستراد المزة، جرمانا، أبو رمانة، الشعلان..الخ.
الخادمات السوريات
ومن القضايا التي يتابعها فرع حماية الآداب أيضاً عمالة السوريات في البيوت، حيث شاع مؤخراً عمل سوريات كخادمات في المنازل، ولأنهن يختلفن من حيث الشكل عن العمالة المنزلية المستقدمة أصبحن يتعرضن للكثير من حوادث الاستغلال من قبل أكثر من شخص من أفراد العائلة.
وأكدت إحصاءات الإدارة أن عدد الحالات التي تم ضبط مخالفتها في العام الماضي 2019 بلغت نحو 167 موقوفاً بجرائم أغلبها يتعلق بالدعارة، ومن بينها أيضاً واقعة سفاح، حيث أقدم أب على اغتصاب ابنته التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها.
إضافة إلى جرائم تسهيل الدعارة وتعاطي الحشيش والحبوب المخدرة، في حين ما تم تسجيله منذ بداية العام الجاري وحتى الآن لا يتجاوز 43 حالة، ولكن هذا لا يشمل كل الأعداد كما بيّن العقيد معروف، لأن هناك جرائم تتابع من قبل أفرع وأقسام الشرطة في المحافظات.
يسهل الوضع الاقتصادي الضاغط على يوميات السوريين استغلال الكثير من النساء في مهن دخلن إليها مؤخراً، كعمل نساء في سوق الهال نتيجة غياب الرجال من جهة ووضعها الاقتصادي من جهة أخرى، وهؤلاء النساء يصبحن عرضة للاستغلال والتحرش في هذه المناطق.
وبين العقيد معروف أنهم في حال تلقي شكاوى عن أي ظاهرة مخلة للآداب، يحضرون تفويضاً من المحامي العام لمداهمة البيت والتحقق من الشكوى، وبين أن هذا ما حصل مع أحد البيوت على أوتستراد المزة حيث تبين أن السيدة تشغل ثلاث فتيات بالدعارة في بيتها، وعند سؤالها قالت إنهن خادمات لكن سرعان ما تبين أنها تستغلهن للعمل في الدعارة.
ومن القصص اللافتة التي تابعها أحد عناصر الجنائية أيضاً محاولة رجل يقود سيارة خاصة خطف طفل عائد من المدرسة عبر استدراجه وأخذه في السيارة، بالتصادف مع مرور عنصر الأمن الجنائي الذي انتبه للأمر وتبع صاحب السيارة ليتبين أنه شخص من أصحاب السوابق، وكانت النجاة من نصيب هذا الطفل.
وأكد أن كل من يوقف بجرم دعارة يتم استبعاده إذا كان غير سوري، ويوضع منع دخول ومسهل للدعارة، أو منع سفر للسوري لمدة لا تقل عن 7 سنوات، وبعدها يحق لهم تقديم طلب السماح بالسفر، ويتم إبداء الرأي فيه تبعاً لسلوكه.
من المهمات منح الجنسية
أضاف العقيد معروف أن من المهمات التي يقوم بها فرع حماية الآداب هي إبداء الرأي في منح الجنسية السورية لطالبيها من عرب وأجانب وفق القوانين، وأنه يتم دراسة نحو 500 طلب منح جنسية فيما إذا كان لا يوجد ما يمنع من منحهم الجنسية، وكذلك التدقيق ومتابعة النوادي والملاهي لمراقبة تشغيل واستغلال قاصرات، إضافة إلى مراقبة الحدائق العامة، وصالات الكمبيوتر لمنع استغلال الأولاد.
Views: 13