بدا من خلال الأجواء التي رافقت وتلت الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس ميشال عون، بعد اتصال الأول بالرئيس الأميركي جو بايدن مهنئاً، أن هناك حراكاً مستجداً بدأ على خط تشكيل الحكومة محوره المبادرة الفرنسية بعدما جدد الرئيس ماكرون التأكيد على أنها الوحيدة الموضوعة على الطاولة، كاشفاً عن زيارة ثالثة له إلى بيروت، الأمر الذي أشاع أجواء إيجابية حذرة بإمكانية إحداث خرق في جدار الأزمة، وما تركته من انعكاسات بالغة السلبية على الأوضاع السياسية والاقتصادية، تزامناً مع تداعيات جائحة «كورونا» التي أصابت بأضرارها كل القطاعات.
وفي الوقت الذي لفت البيان الذي أصدره رئيس مجلس النواب نبيه بري، ودعا من خلاله إلى الإسراع في تأليف الحكومة، وأنه سيتابع جهوده، مشدداً على أن لا ثلث معطلاً لأحد، فإن أوساطاً سياسية متابعة، أشارت لـ«اللواء»، إلى أن «بيان بري، يؤشر إلى تحرك مرتقب سيقوم به، توازياً مع الجهود الفرنسية التي استعادت زخمها في إطار العمل على تجاوز العراقيل من أجل الخروج من المأزق، على أن يجري العمل من أجل تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبية، لا يكون ثلثها المعطل بيد أي طرف، على ما جاء في بيان رئيس المجلس»، والذي رد عليه رئيس الجمهورية بأنه لا يريد الثلث المعطل، وإنما يريد حقه في تسمية وزراء، وهو ما قد يشكل مخرجاً من المأزق القائم الذي يمنع تأليف الحكومة حتى الآن.
وتوقعت الأوساط، أن يوسع الرئيس الفرنسي من دائرة اتصالاته بالقيادات اللبنانية، بعد مهاتفته رئيس الجمهورية، سعياً منه لإعادة وصل ما انقطع بين الرئيسين عون والحريري، وبما يمهد الطريق لإعادة جمعهما مجدداً، في وقت تترقب الأوساط أن يقود مسعى الرئيس بري إلى هذا الاتجاه، لأنه لا مفر من عودة التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الذي «سبق وأبدى كل ليونة بهدف إخراج التوليفة الحكومية إلى النور، لكن جوبه بعقبات مصطنعة غايتها إفشال مهمته، وتالياً دفعه للاعتذار. وهو أمر ليس في قاموسه»، كما يقول المقربون منه لـ«اللواء»، مشددين على أن «الحكومة لن تشكل إلا وفق رؤية الرئيس الحريري التي وضعها منذ تكليفه»، ومؤكدين أن «الثنائي الشيعي متفهم لهذه الرؤية التي وحدها القادرة على إخراج لبنان من هذه الأزمة التي ترخي بثقلها على البلد».
وكشفت المعلومات لـ«اللواء»، أن مخاوف المسؤولين من مغبة أن ينذر حريق مدينة طرابلس، بحرائق أكبر وأوسع في مناطق أخرى، وأن يصار إلى استغلاله من قبل قرى الشر والخلايا الإرهابية، دفعت إلى إعادة تحريك الملف الحكومي الذي يتوقع له أن يسلك الطريق نحو الحلحلة، بحيث أن الأمور لم تعد تحتمل المزيد من المماطلة وفرض الشروط والشروط المضادة، وبالتالي فإن الخيار المرجح وفق المعلومات أن لا يتجاوز عدد أعضاء الحكومة الـ18 وزيراً، ما يعني ألا يكون الثلث المعطل بيد أي طرف، كما يطالب الرئيسين الحريري وبري، على أن يعطى الرئيس عون حق تسمية الوزراء المسيحيين، بدون استبعاد أن يصار إلى تسمية وزير أرمني يحظى بقبول رئيس الجمهورية والرئيس المكلف معاً، طبعاً إذا أعطى «حزب الله» ومن خلفه إيران الضوء الأخضر للتأليف.
وأشارت إلى أن زخم الاتصالات الجانبية مرشح للتصاعد في الأيام المقبلة، في إطار التمهيد لإعادة تفعيل بنود المبادرة الفرنسية التي بقي الرئيس الحريري متمسكاً بها، لاقتناعه بأنها مازالت تشكل خشبة الخلاص للواقع المأساوي الذي يمر به لبنان، وكونها تحظى بدعم عربي ودولي قوي، يضاف إليه تأييد أميركي بدا واضحاً بعد الاتصال بين الرئيسين ماكرون وبايدن، وما تلاه من تأكيد فرنسي على السير بمبادرة «الإليزيه» التي حظيت بدعم واشنطن، ما يفتح الطريق أمام وضعها موضع التنفيذ، كخريطة عمل للنهوض الاقتصادي بعد تشكيل الحكومة الحريرية العتيدة.
Views: 5