تبدو لافتة عودة الاهتمام الخليجي بلبنان والأبرز تمثل في عودة السفير السعودي وليد البخاري، لتليها زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في انتظار تعيين سفير جديد لدولة الامارات لما في ذلك من دلالات، لكن هذا الاهتمام لا يعني حكومة في المدى المنظور، وذلك ما ستتضح معالمه بعد لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليبنى على الشيء مقتضاه لاحقاً وتحديداً خلال الأيام القليلة المقبلة ويتبيّن الخيط الأبيض من الأسود.
تؤكد مصادر سياسية رفيعة لـ “النهار” أنّ زيارة وزير الخارجية القطري إلى لبنان ليست لدعوة الأطراف اللبنانيين من أجل “دوحة” ثانية، وهذا أمر محسوم قبيل وصوله لجملة اعتبارات . إذ هناك المبادرة الفرنسية ولا يمكن تجاوزها أو القفز فوقها باعتبارها أسّست لحل متكامل للبنان وإن تنصل منها السياسيون وتنكروا لتعهداتهم، بمعنى أنّ الرئيس ايمانويل ماكرون تواصل مع نظرائه من واشنطن إلى لندن وموسكو ومعظم عواصم القرار، ونسّق أيضاً مع القاهرة ودول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، والمبادرة التي تفرملت أعيد تنشيطها بعد الاتصال الهاتفي بين ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن. وهنا ينقل عن أحد كبار مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل بون لصديق لبناني أنّ المبادرة الفرنسية لم تنتهِ “وستشهدون في الأيام المقبلة حراكاً سياسياً دولياً وعربياً لإعادة تفعيلها ومن خلال نمط جديد”، أي لن يكون هناك تساهل مع أي مكون سياسي لبناني مهما علا شأنه، وهذا ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين بايدن وماكرون، وإلا لما عاد سيد الإليزيه إلى تحريك مبادرته والقيام بحركة لافتة، وخصوصاً زيارته المرتقبة إلى السعودية والتي ستكون مفصلية باعتبارها الأساس، أكان على مستوى تشكيل الحكومة لما للرياض من علاقات قديمة مع لبنان، وكونها دولة لها حضورها في المنطقة وعلى المستوى الدولي، أضف إلى ذلك مشاركتها في مؤتمر الدول المانحة لإنقاذ لبنان من أزماته، وهذا ما تعهد به ماكرون، وفور تشكيل الحكومة سيقوم بالتحضير لهذا المؤتمر ليأتي على قدر الآمال المعقودة عليه نظراً إلى ما يعانيه اللبنانيون من فقر، إلى ما يحيط ببلدهم من أزمات مالية واقتصادية هي الأخطر في تاريخه.
وتردف مشيرةً إلى أنّ زيارة الوزير القطري إنّما صبّت في إطار التشاور واستكشاف ما يجري في لبنان، ولم تحمل مبادرة أو صيغة على الرغم من الأجواء الإيجابية بين الدوحة والرياض بعد المصالحة التي تمت بينهما في “قمة العلا”، إضافةً إلى أنّ القطريين وغيرهم يدركون أنّ هناك توافقاً دولياً ولا سيما بين واشنطن وباريس على المبادرة الفرنسية، ومن المحتمل في حال تمّ تنفيذها أن يصار إلى توافق دولي لعقد مؤتمر وطني بعد تدهور الأوضاع والانقسامات والخلافات بين المكونات السياسية اللبنانية، والأبرز المعاناة في القطاعات الاقتصادية والمالية، وهذا ربما يأتي في سياق مؤتمر الدول المانحة باعتبار المبادرة الفرنسية تحمل لاءات سياسية وإصلاحية وفي حال تم تنفيذها فإنّ مؤتمر الدعم للبنان يكفي لإعادة التوازن السياسي والاقتصادي في هذا البلد.
وتخلص إلى أنّ الحركة السياسية الفاعلة والتي يُتوقّع وفق معلومات وثيقة أن تتنامى في الأيام المقبلة مع إمكانية وصول أكثر من موفد عربي ودولي إلى بيروت، تترافق مع اتصالات تقوم بها مصر والجامعة العربية، بحيث ثمة أجواء عن دور يضطلع به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدما تكونت لديه صورة شاملة ومتكاملة عن الوضع اللبناني الراهن، وخصوصاً مع باريس وقد سبق وأكد للرئيس ماكرون منذ أشهر طويلة عندما التقاه في الإليزيه أنّ القاهرة داعم أساسي لمبادرته، وأشار السيسي إلى أنّه سيتولى الاتصالات مع واشنطن ودول أوروبية وعربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية. ويُنقل عن أحد كبار المسؤولين في الجامعة العربية أنّ الرئيس المصري يعمل على تفعيل الدور السعودي في لبنان، وقال إنّه لا يمكن إطلاقاً استبعاد أو تغييب المملكة، وذلك بالتناغم مع كواليس الجامعة العربية الآخذة بدورها بالتفاعل وعائدة إلى مساندة لبنان في أزماته بعد فترة ركود طويلة.
Views: 1